معركة صادمة وخيارات كارثية.. مأرب تربك حسابات طهران ومليشياتها
أظهر الصمود البطولي لأبناء مأرب وقوات الجيش المأزق الكبير الذي تعيشه مليشيات الحوثي الإرهابية وهي تحاول تنفيذ أوامر طهران بضرورة السيطرة على محافظة مأرب مهما كانت النتائج.
هذا المأزق بدا واضحا من احتشاد قيادات المليشيا العليا للمشاركة في الحرب يشكل معنوي بغية تحقيق نتائج في صفوف الطرف الأخر الذي يكسر بصمود أسطوري كل محاولات المليشيات الوصول الى نقطة اللاعودة على مسرح العمليات.
بعض القيادات تخاطب أبناء قبائل مأرب ترغيبا واستعطافا بينما يطل ابو علي الحاكم المصنف ضمن قوائم الإرهاب الدولية ليفصح بسذاجة عن خطة الحرب وادواتها ومراحلها للإيحاء بإن الحرب محسومة لصالح مليشياته..
سقطة مسؤول استخبارات مليشيا الحوثي كشفت حجم الضغوط التي تعايشها مليشيات الحوثي في حربها ضد مأرب حيث ظهر كمهرج وليس كما تقدمه المليشيات كمسؤول استخباراتي.
أعلنت المليشيات أن معركة مأرب هدفها السيطرة على المحافظة ونفطها وثرواتها واعتبرتها معركة فاصلة وخروج قيادات المليشيا بكل هذا الزخم والنشوة بعد تبدل الموقف الأمريكي من تصنيفها إرهابية كان هدف هذا الخروج ولا زال تحقيق انتصار في مأرب يعزز من أوراق طهران لمساومة المجتمع الدولي عن ملفها النووي.
بدايات الهجوم على مأرب رفعت المليشيات سقف خطابها واشترطت ايقاف كل عمليات التحالف وفتح المطارات والاعتراف بالمليشيا كسلطة شرعية في الشمال، وكذلك فعل جواد ظريف من طهران حيث تبجح بأن الحل فقط في اليمن أصبح بيد خامنئي ومن خلال مبادرة سليمانى القديمة وهي ذات التي تضمنتها شروط المليشيات الحوثية.
وبالأمس انهار السقف المرتفع للحوثيين ليخرج محمد الحوثي متحدثا عن شرط وحيد لإيقاف الهجمات الإرهابية على السعودية وهذا الشرط يتمثل بوقف عمليات التحالف العربي ضد جحافل الحوثيين في مأرب .
هذا التراجع عن شروط إنهاء حرب التحالف كليا إلى توقيف الهجمات الجوية مؤقتا الهدف منه هو استثمار هذا التوقف للتحالف من أجل الانقضاض على مأرب وتحقيق مطلب طهران بالحصول على ورقه مهمة كمأرب .
وهذا يفسر سر تكثيف المليشيات الحوثية هجماتها بالصواريخ والطيران المسير على أراضي المملكة من أجل الضغط على الرياض للقبول بشرط ايقاف الإسناد الجوي للجيش والقبائل في مأرب.
وجاء رد الرياض صادما ليضاعف من مأزق مليشيات الحوثي التي تحشد كل قوتها وإمكاناتها لتحقيق السيطرة على مأرب حيث ردت المملكة على قرار واشنطن برفع الحوثيين من قائمة التصنيف كمنظمة إرهابية بتأكيدها أنها ستتعامل مع الحوثيين كمنظمة وجماعه ارهابية مهما كان فحوى القرار الأمريكي الأخير لصالح المليشيات.
لم تحقق المليشيات حتى اليوم هدف طهران الذي تتعجل إنجازه بالسيطرة على مأرب وهذا الضغط يدفع المليشيات إلى تكثيف عملياتها الأمر الذي يجعلها تدفع ثمنا ثقيلا في الميدان وهو ما يزيد كذلك من ارتباكها.
كما أن الضغط الزمني الذي وضعته طهران على مليشيات الحوثي يدفع المليشيات الحوثية إلى تكثيف هجماتها على الأراضي السعودية الأمر الذي يثبت لصانع القرار الأمريكي أن المقاربة الديمقراطية للأزمة اليمنية رومانسية وليست واقعية ولا مجال لتطبيقها على الأرض.
كل المسارات المتاحة أمام المليشيات كارثية وذات كلفة باهظة وما السعار الذي تعيشه قيادات المليشيا على منصات التواصل الاجتماعي وعبر إعلامها إلا تعبيرا جليا عن فقدان الحيلة في معركة صادمة لها بكل المقاييس .