أدلى الناخبون في النيجر بأصواتهم، أمس الأحد، لاختيار رئيس في اقتراع يشكّل سابقة ديمقراطية في بلد عاش على وقع الانقلابات.

وتستعد النيجر لأول انتقال ديمقراطي سلمي للسلطة في تاريخها، بانتخابات رئاسية يغادر الرئيس محمدو يوسفو على إثرها السلطة. 

ووصف إيسوفو الانتخابات بأنها "يوم خاص للنيجر".

وقال بعدما صوت في مبنى بلدية نيامي "إنّه يوم خاص للنيجر سيشهد لأول مرة في تاريخها تناوباً ديمقراطياً".

 

وأضاف "إنه يوم خاص بالنسبة إليّ أيضا... أول انتخابات منذ ثلاثين عاما لست مرشحا فيها"، مؤكدا أنه "يجب أن يسمح هذا التناوب للنيجر بتعزيز وضعها كنموذج للديمقراطية في أفريقيا".

 

وتابع "أيا يكن الفائز فإن الفوز يعود لشعب النيجر".

 

من جهته، قال محمد بازوم مساعد إيسوفو والمرشح الأوفر حظا للفوز بعدما أدلى بصوته "نشعر بالفخر لاحترام موعد السابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول".

 

وأضاف وزير الداخلية السابق الذي يأمل الفوز من الدورة الأولى: "أطلب من الناشطين الخروج بأعداد أكبر لضمان فوزنا كما حدث في 13 ديسمبر/كانون الأول" عندما جرت انتخابات المجالس في البلديات والمناطق.

 

كان بازوم الذي يعتبر رجل النظام القوي والبالغ 60 عاما، صرح أنه "إذا تم انتخابي، فسأكون رئيسا خلفا لإيسوفو وسيحفظ التاريخ اسمينا لأننا نجحنا في جعل بلدنا يحقق هذا الرهان" في بلد لم يشهد رئيسين منتخبين يتعاقبان على السلطة منذ استقلاله في 1960.

 

وتعهد بازوم الذي يعزز الفوز الساحق للحزب الحاكم في الانتخابات المحلية في 13 ديسمبر/كانون الأول، التركيز على الأمن والتعليم، خصوصا تعليم الفتيات، بينما يُسجَّل في النيجر أعلى معدل للخصوبة في العالم (7,6 أطفال لكل امرأة).

 

ودعي حوالى 7,4 ملايين ناخب من أصل 23 مليون نسمة، إلى التصويت في بلد يعد من أفقر دول العالم التي تشهد زيادة متسارعة في عدد السكان وتشهد هجمات متطرفة.

انتخابات على ضوء مصباح

 

 

في مدرسة زونغو في نيامي، أدلى الناخبون بأصواتهم على ضوء مصباح وفّرته اللجنة الانتخابية ومصابيح الهواتف النقالة لرؤساء الأقلام ومندوبي المرشحين، لعدم وجود إنارة.

 

وقال محمدو كورو رئيس أحد أقلام الاقتراع بالمدرسة "اليوم مرّ بسلاسة".

 

مساء الأحد أعلنت اللجنة الانتخابية عدم تسجيل "أي حوادث خطيرة" خلال النهار.

 

وبعيد إغلاق صناديق الاقتراع بدأ فرز الأصوات في نيامي ويُتوقّع صدور أولى التقديرات على المستوى الوطني الإثنين، على أن تصدر النتائج الأربعاء أو الخميس، وفق مصدر في اللجنة.

 

وإيسوفو الذي لقي قراره الانسحاب ترحيباً واسعاً على الساحة الدولية بينما يتمسك العديد من القادة الأفارقة بالسلطة، كان قد أكد أن "تسليم السلطة في 2021 لخليفة منتخب ديمقراطيا (...) سيكون أعظم إنجاز لي وسيكون الأول في تاريخ بلادنا".

 

وقال أبو بكر صالح (37 عاما) الذي يعمل في غسل الملابس لوكالة فرانس برس "أتوقع من الرئيس أولا وقبل كل شيء الأمن والصحة والتقدم والديمقراطية"، دون أن يكشف المرشح الذي اختاره.

 

وأكد إيزاكا سومانا (52 عاما) وهو سائق شاحنة أنه يريد أن "يتغير الوضع. النيجر ليست على ما يرام"، ملوحا بإبهامه الملطخ بالحبر ليثبت أنه صوت.

 

لكنّ الناشط في المجتمع المدني موسى تشانغاري يرى أن "انسحاب إيسوفو ليس أكثر من احترام للقاعدة وهناك معايير أخرى يجب احترامها من أجل أن تكون ديمقراطية: الحريات والحقوق ليست محترمة". وقال: "نحن الناشطين كنا في السجن ويتم حظر التظاهرات في أغلب الأحيان".

 

تسليم الشعلة

أمنيًا، وقع هجومان عنيفان قُتل في أحدهما سبعة جنود في 21 ديسمبر في الغرب حيث ينشط تنظيم داعش الإرهابي في الصحراء، وآخر في الشرق تبنته جماعة بوكو حرام وسقط فيه 34 قتيلا في 12 ديسمبر.

 

تسبّبت الهجمات المتواصلة للجماعات الإرهابية في مقتل المئات منذ 2010 وفي نزوح مئات الآلاف من منازلهم (300 ألف لاجئ ومشرد في الشرق قرب نيجيريا و160 ألفا في الغرب قرب مالي وبوركينا).

 

وتنافس ثلاثون مرشحا في الاقتراع الذي يثير "القليل من الحماس" لدى الناخبين، بحسب أحد المطّلعين على السياسة في النيجر.

 

ويشير هذا المصدر إلى أن هذه الانتخابات لا تأتي بأي تغيير في الطبقة السياسية إذ إن بين المرشحين رئيسين سابقين (مهامان عثمان وسالو جيبو) ورئيسي حكومة سابقين (سيني أومارو والبادي أبوبا) ويبلغ متوسط أعمارهم ستين عاما في بلد معظم سكانه شباب.

 

ويهاجم جزء من المعارضة بازوم لانتمائه إلى الأقلية العربية، رغم أنه مولود في النيجر.

 

وقال موسى تشانغاري: "مؤسف أن النقاش يدور حول هذا الموضوع وليس حول سجل عشر سنوات في السلطة لإيسوفو".

 

وأضاف: "نحن في بلد هائم بلا وجهة. الوضع ليس على ما يرام على المستوى الأمني وعلى مستوى الحريات والتنمية الاجتماعية والنظام الصحي والتعليمي وفي الفساد".

 

من جهتها، صرحت سلامو حسن بائعة الكعك في نيامي "ما نريده هو إعطاء السلطة للشباب. يجب أن يسلم المسنون الشعلة الآن".

وأضافت: "ليس لدينا كيس أرز وليس لدينا كيس ذرة. لا يمكننا إطعام العائلة غير الكعك. أتمنى أن يستفيد الجميع من خيرات السياسة. إنهم لا يفكرون أبدا في الفقراء".

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية