كيف أزعجت "سورة الطارق" السجّان..السكاب يروي رحلته في معتقلات الحوثي
أوائل العام 2018 أطلق العميد طارق محمد عبدالله صالح من شبوة، نداء الحرية، لكل وطني جمهوري للالتحاق بموكب المقاومة الوطنية، فلبى ثلة من رجال الوفاء والوطن، منهم من تمكن من الإفلات من القبضة الأمنية للمليشيا الحوثية بعد انتفاضة 2 ديسمبر، ومنهم من وقع في أيدي الأذيال الإيرانية، بينهم بطل هذه القصة حسين السكاب، الذي يروي بلغة بسيطة أحداثا بدأت من محاولته الذهاب إلى عدن تلبية لنداء العميد طارق، ووقوعه بيد المليشيا في الطريق بمديرية يريم، ثم ظروف الاعتقال، وكيف تعرف السجناء على انزعاج الحوثيين من اسم "طارق" من خلال تعذيب الأخيرين لسجين يحمل ذات الاسم، واتفاق المعتقلين على أن يرفعوا أصواتهم في الصلاة بقراءة "سورة الطارق".. نترك تفاصيل القصة لصاحبها يحكيها كما عاشها على مدى شهور..
شاءت الأقدار أن تكون خاتمة أعمارنا في سجون الكهنوت بعد أن عشنا حياتنا بحرية وديمقراطية ارتويناها من مدرسة الديمقراطية والحرية ومؤسسها الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح رحمه الله .. عشنا في عهده وحكمه لم نعرف أين طريق أقسام الشرطة ولم يسبق لنا أن كنا من روادها أو معرفة حتى مكانها إلى أن جاء كهنة المعابد وخريجو الكهف أصحاب العمائم السوداء فزجوا بأغلبية الشعب في غياهب السجون فضلا عن أن الشعب كله في السجن منذ أن اجتاحت هذه العصابة الإرهابية العاصمة صنعاء وقضت على الأخضر واليابس.
ديسمبر الانتفاضة
وأنا أحاول في هذه السطور أن أسرد لكم حكايتي، وقصتي، مع أعتى عصابة كهنوتية عرفها العصر، حيث زجت بي في غياهيب سجونها.
كانت البداية رصد تحركاتي، من خلال منشوراتي، وكتاباتي في مواقع التواصل الاجتماعي، الفيس والواتس اب وتويتر، وهذه المواقع التي كنا نتخذها وسيلة لإيصال رسائلنا التي نعبر فيها عن كرهنا ورفضنا لهذه العصابة الظلامية الكهنوتية إلى أن أشعل قائدنا وزعيمنا ثورة 2 ديسمبر في وجه العصابة الكهنوتية وكانت هذه الثورة بمثابة تجديد لنا، حيث رغب الجميع بالتخلص من هذه الشرذمة الإرهابية التي تتخذ من الدين والنبي صلى الله عليه وسلم وسيلة للوصول إلى مآربها.
وحصل ما حصل من قبائل الطوق التي لم تقف إلى جانب الزعيم، فقاتل حتى استشهد وجعل من دمه ثورة ستظل متوهجة ضد الحوثيين حتى يتم تطهير اليمن منهم.
النداء والسجن
بعد ما استشهد الزعيم، ظللنا في بيوتنا حتى ظهر من حمل الراية على نهج الزعيم لتنفيذ الوصايا العشر ومواصلة الثورة حتى النصر وهو العميد طارق محمد عبدالله صالح، فحين ظهر بمحافظة شبوة معزيا لأسرة رفيق درب الزعيم الشهيد عارف الزوكا وطلب من الأحرار وكل من يتوق للحرية وتنفيذ وصايا الزعيم الالتحاق بمعسكر الحرية والديمقراطية، وكنت واحدا من الذين لبوا النداء فبدأت التحرك من صنعاء نحو عدن، فتقطعت لي هذه العصابة في مدينة يريم وأودعتني أحد سجونها السرية وهو منزل الشيخ بدير أمين عام الإصلاح بيريم في غرف مظلمة شديدة البرودة وكان ذلك في ١٣يناير ٢٠١٨ وتم إخفائي، ولم يعرف أحد عني شيئا إلى أن ذهب أحد افراد أسرتي إلى مكتب النقل، فدلوهم على مكان إنزالي وتم بعدها التحري والبحث عني إلى أن وجدوني بعد أسبوع وبعد رشاوي للمشرفين بلغت خمسمائة ألف ريال.
ظروف الاعتقال
في هذا المنزل الزنزانة كنا محرومين من الأكل والشرب إلا الفتات نادرا، لم يكن لدى السجن فراش وكان يشتد علينا البرد ولم يكن لدينا إلا الملابس نتدفأ بها.
بعد تهديدات وتحقيقات معنا من المشرفين المتواجدين في يريم بضرورة الاعتراف أين نحن ذاهبون ولماذا نتجه إلى عدن، وكأن عدن بلاد أخرى أو دولة أخرى لا يجوز لنا الذهاب إليها، فكان الشتم والسب واللعن علينا كوننا مرتزقة وعملاء بنظرهم.
بالطبع لم نكن ننام بسبب حنفية الماء التي جعلوها تطلق صوتا مزعجا كنوع من أنواع التعذيب وهو منعك من النوم ليلا ومن الفجر يتعمدون وضع "إم بي ثري" عند باب الغرفة ورفعه إلى أعلى صوت كي يزعجك ويقلقك ويبعد عنك النوم.
إلى صنعاء
ظل الوضع كذلك إلى أن تم نقلنا بعربة السجن المخصصة لعدد١٢شخصا بالكثير ولكن تم تعبئتها ب٢٧فردا من الساعة الثالثة صباحا من يريم إلى صنعاء والتي وصلناها مبكرين في حدود الساعة الثامنة صباحا حينها لم يسمح لنا بدخول أي سجن بسبب أن السجون ممتلئة، ظللنا في هذه العربة حتى الساعة الثالثة عصرا متنقلين بين السجن الحربي وسجن الأمن السياسي وسجن الاستخبارات وسجن الأمن القومي.
الكل رافض استقبالنا إلى أن تم التفاف حول العربة من المواطنين وكانوا يريدون إنقاذنا وإخراجنا بعدها تم تهريبنا إلى السجن الحربي.
سورة الطارق
مكثنا هناك حدود شهر ونصف خضعنا خلالها لتحقيقات متواصلة، لكن السجن الحربي كان أفضل لنا من السجون الأخرى، رغم أننا ظللنا لا نعرف الشمس فترة حتى مرض السجناء بعدها سمح لنا بالخروج إلى الشماسي، كما يسمونه، والمضحك المبكي زميلنا السجين الذي من الصدفة كان اسمه طارق وهو من وصاب هذا الشخص بسبب اسمه كان يلعن ويسب لماذا تمت تسميته طارق.
المهم هذا الزميل طارق أصيب بحالة نفسية ومرض بسبب سوء معاملته بالألفاظ والسب، كان اسم طارق بالنسبة للحوثة مقلق، ويصابون بالذعر والخوف عند سماعهم اسم طارق.
ونتيجة لحالة زميلنا طارق، اتفقنا نحن السجناء على أن نقرأ في الصلاة "سورة الطارق" وكان الإمام يتلوها بصوت مرتفع ويكررها والسماء والطارق، إلى أن كان يأتينا المشرفون ويسبوننا من النوافذ ومن خلف الباب بقولهم يا عفافيش، يا عملاء يا مرتزقة.
ونحن لم نترك هذه السورة كونها كانت تشكل إزعاجا لهم وراحة بال لنا، من باب العناد، ورسالتنا لهم أننا لن نترك طارق وحيدا وأن هناك آلاف الطوارق سيدكون أوكارهم، قرب الوقت أم بعد.
في السجن الحربي، كان يوجد جميع أنواع التعذيب وخاصة لمن ينتمون إلى السلك العسكري، الحرس الجمهوري تحديدا، كان التعذيب لهم أشد قسوة.
الأمن السياسي
بعد ما كنا نضرب عن الطعام، تم تحويلنا إلى سجن الأمن السياسي، وهذا الإخفاء الثالث عن الأسرة، فصاروا لا يعلمون أين أنت وأين تم إخفاؤك.
كان نصيبنا غرفة فيها سجناء ينتمون إلى القاعدة والغرض أن الحوثيين كانوا يريدون أن نختلف مع أصحاب القاعدة لكن التزمنا ولم نتكلم مع أحد.
أما في الأمن السياسي فحدث ولا حرج، الماء تشربه من ماسورة الحمام والأكل لم يكن صحيا ونحن في بدروم، وتبدأ التحقيقات معنا من بعد منتصف الليل وحسب تخديرة المستلم.
يتم الاستجواب وتوجه لنا أسئلة تافهة لا يسألها حتى الأطفال، اسمك واسم أمك واسم زوجتك وأخواتك وإخوانك وأصحابك المقربين، إلى آخره من الأسئلة البلهاء والتي تدل على أن هؤلاء من أصحاب الكهف فعلا.
لا يخرج من الأمن السياسي سليما إلا من رحم ربي، وهناك ممن يخرج بعاهة مستديمة أو يخرج فاقد الذاكرة، إذا مرضت لا توفر لك أبسط الأدوية، قرص فوار أو قرص برامول يأتي لك بها بعد خمس ساعات من الطلب، وإذا اشتد المرض وتطلب نقلك إلى المستشفى يقيدونك وتتم تغطية عيونك، ويذهبون بك إلى الطبيب، وخلال الإسعافات الأولية يقيدونك بالسرير، حينها تفضل أن تموت، على أن يسعفوك إلى أي مكان، من سوء المعاملة.
الازدحام في السجن شيء آخر، وكل غرفة يسجن فيها من ٢٧إلى ٣٠شخصا، لا تستطيع التحرك يسارا أو يمينا من الازدحام وكثرة عدد المسجونين.
تخرج من الأمن السياسي، بعد ضمانات وتعهدات، منها إذا عدت إلى سجنهم مرة أخرى فالإعدام أول البنود، وأنك عميل وتتواصل مع أي دولة وأنك مخبر وعميل، ويجب معاقبتك بموجب الخيانة.
رسائل
رسالتي، الأولى إلى الشعب: أقول إن الشعب اليمني كله محكوم عليه بالسجن، ولن ينال الحرية إلا بعد التخلص من هذه الميليشيا الحوثية الإجرامية.
الرسالة الثانية للعميد طارق محمد عبدالله صالح، قائد المقاومة الوطنية، أقول له: أنت بارقة أمل الشعب اليمني، بعد الله، بتخليصه من هذه العصابة.
الكل يثق فيك وأنت من تشكل للحوثة الرعب والخوف، وأنت من يقلقهم، ويكفي أن اسم طارق بالنسبة لهم كابوس يرعبهم في نومهم ويقظتهم.
أنت ونحن معك وكل الوطنيين وكل من ينتمي إلى مدرسة عفاش معنيون جميعا بتطبيق وتنفيذ وصايا الزعيم.
وأقول إن ما حدث يوم الثاني من ديسمبر 2017م ثورة وليست انتفاضة، بل هي امتداد لثورة ال٢٦ من سبتمبر العظيمة، وشد العزم يا طارق.
ولا تسامح ولا تصالح مع من قتل قائدنا الزعيم علي عبدالله صالح ورفيق دربه الشهيد عارف الزوكا وكوكبة من شباب اليمن، وأهلك الحرث والنسل.
وجمهورية من الساحل إلى صنعاء وإلى كل أرجاء اليمن ومن قرح يقرح، ولا إمامة، ولا حوثية ولا مكان للمجوس في قاموس اليمنيين، إن شاء الله.