أطلقت القوات اليمنية المشتركة بدعم من الإمارات عملية "النصر الذهبي". وهي حملة لكسر الجمود في حرب اليمن والذي طالت مدته 3 أعوام عن طريق السيطرة على ميناء الحديدة من المتمردين الحوثيين، ومن شأن أي هجوم ناجح على أكبر ميناء في البلاد أن يغير موازين ومسار الحرب.

 

وقد بدأت الحرب الأهلية في اليمن في سبتمبر عام 2014، عندما سيطر المتمردون الحوثيون على العاصمة صنعاء. وتصاعد هذا الانقلاب الممتد في مارس 2015، عندما تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية لمواجهة الحوثيين، الذين يرون أنهم وكيل إيراني.

 

وعلى الرغم من وعود التحالف بتحقيق نصر سريع، فإن القتال سرعان ما امتد للأبد، واتسمت الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية بالعقم، حيث انهارت محادثات السلام الأخيرة عام 2016.

 

وفي الوقت نفسه، تدهور الوضع الإنساني بشكل كبير، ووفقاً للأمم المتحدة، فإن 8.4 ملايين يمني الآن على حافة الموت جوعاً، و14 مليون شخص يحتاجون إلى نوع من المساعدات الإنسانية.

 

واليوم، تتحفز كل الأطراف لأكبر معركة حرب مكثفة حتى الآن، وبعد قضاء العام الماضي في طريقها إلى ساحل البحر الأحمر، سيطرت القوات اليمنية المشتركة، على مطار الحديدة.

 

وما سيحدث لاحقاً من المرجح أن يغير اتجاه الحرب، ويمكن لمعركة شاملة أن تقلب ميزان القوى على الأرض، وتؤثر بعمق على أي تسوية سياسية مستقبلية.

 

وهذه النتيجة جذابة بشكل خاص لدولة الإمارات، التي ترى الحملة فرصة لتكون لها اليد العليا في اليمن، لكن بالنسبة للمدنيين اليمنيين، فإن التوقعات قاتمة، وما لم تتمكن الأمم المتحدة من التوصل إلى اتفاق بين الحوثيين والتحالف قبل بدء القتال بشكل جدي، فإن أفقر اليمنيين هم الذين سيدفعون الثمن الأكبر.

 

وعلى الرغم من أن المراقبين غالبا ما يركزون على السعودية، لكن الإمارات تقود حملة الحديدة، وخلال حرب اليمن، أظهرت الإمارات نفسها كقوة عسكرية ذات كفاءة مدهشة.

 

وفي عام 2015، على سبيل المثال، ساعد الإماراتيون المقاومة الجنوبية على دحر الحوثيين من مدينة عدن الساحلية.

 

لكن على مدى الأعوام الـ 3 الماضية، أصبح المسؤولون في أبو ظبي يشعرون بالإحباط على نحو متزايد بسبب عدم إحراز تقدم على الأرض، وهم يعتقدون أن مهاجمة الحديدة هي الطريقة الوحيدة لكسر الجمود وإجبار الحوثيين على إنهاء الحرب.

 

وقد تم طرح الهجوم على الحديدة على مدار عدة أعوام، وفي عام 2016، طرح الإماراتيون هجوما بحريا على الميناء، لكن الولايات المتحدة رفضت المناورة، التي اعتقدت أنها شديدة الخطورة.

 

وبدون انتظار، قامت الإمارات بتدريب وتجهيز ما يصل إلى 25 ألف جندي يمني للسيطرة على الميناء برا، ومنذ أوائل عام 2017، كانت هذه القوات تتقدم بثبات على طول الساحل الأحمر باتجاه الحديدة، وينتشر معظمهم الآن على طول ساحل تهامة، أو في قاعدة عسكرية في إريتريا المجاورة.

 

وقد تعززت القوات المدعومة من الإمارات من قبل الحرس الجمهوري، وهي قوة النخبة السابقة في اليمن، التي كانت من الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي اغتيل على يد الحوثيين.

 

ووضع اغتيال الرئيس صالح نهاية لأي مقاومة داخلية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، كما أنها سلبت أيضا من المتمردين الشرعية السياسية التي اكتسبوها من التعاون مع حزب صالح المؤتمر الشعبي العام، وهو أكبر حزب برلماني في اليمن.

 

وإذا نجحت القوات اليمنية المشتركة والتحالف في السيطرة على الحديدة، فإنه سيحرم الحوثيين من مئات الملايين من الدولارات من الرسوم الجمركية وغيرها من أشكال الإيرادات، التي يستخدمونها من أجل ضمان المجهود الحربي. كما أن السيطرة على الحديدة سيقطع الطريق الرئيس لتهريب الأسلحة.

 

ولن ينقرض الحوثيون دون قتال، ومستعدون لجعل معركة الحديدة طويلة ومكلفة قدر الإمكان، لكن القوات اليمنية المشتركة مستعدون أيضا لشن حرب قاسية.

 

ومنذ بداية الحرب، دعمت الإمارات في المقام الأول الجماعات الجنوبية، وألقت السعودية، في الوقت نفسه، بثقلها وراء الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف به دوليا، وكوكبة من القبائل والجيش والقوى السياسية التابعة لحزب الإصلاح، الحزب الإسلامي السني الرئيس في اليمن، الذي لديه علاقات مع جماعة "الإخوان المسلمين".

 

ويرى محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، والحاكم الفعلي لدولة الإمارات، أن جماعة "الإخوان المسلمين" تعتبر "بوابة للتطرف"، ويعتبرها واحدة من أخطر التهديدات الأمنية في المنطقة.

 

وإذا تمكنت الإمارات من الحديدة، قد تكون قادرة على فرض من يدير البلاد، وأحد المرشحين المحتملين للقيادة هو العميد طارق صالح، ابن أخي الرئيس السابق، الذي يقود الحرس الجمهوري.

 

وإذا ما تمت هزيمة الحوثيين، فإن صالح قد يصبح رمزا لحزب المؤتمر الشعبي العام، القومي، وستحصل الإمارات بانتصارها في الحديدة على اليد العليا في المفاوضات السياسية المستقبلية، التي قد تستخدمها لتقويض الحوثيين وحزب الإصلاح.

 

وربما سيقبل السعوديون بذلك، فهم يقدرون التقدم على الأرض وعلاقتهم بالإمارات أكثر من علاقتهم بالإصلاح، الذي يعتمد بشكل كبير على الرياض للحصول على الدعم.

 

ووفقاً للأمم المتحدة، فإن 70% من السلع الأساسية مثل القمح والأرز تدخل اليمن عبر الحديدة، ويعيش ملايين الأشخاص الضعفاء في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، والتي تعتمد على الميناء في توفير الغذاء والوقود والإمدادات الإنسانية.

 

وقد وعد التحالف بتحقيق انتصار سريع، وأنه سيشغل الميناء ليعمل بعد وقت قصير من الاستحواذ عليه.

 

وستكون السيطرة على الميناء مهمة أكثر صعوبة، خاصة إذا أراد التحالف تجنب الإضرار بالبنية التحتية بشكل سيئ للغاية.

 

وإذا سيطرت القوات اليمنية المشتركة على الميناء دون المدينة، فليس من الواضح كيف ستنقل البضائع، نظرا لأن الحوثيين يظلون يسيطرون على المدينة والطرق السريعة، التي تربط الحديدة بالمراكز السكانية الرئيسية في الشمال.

 

وقال التحالف إنه يريد تجنب الدخول في معركة داخل المدينة نفسها، ولسبب وجيه، فمعركة شوارع بين الحوثيين والقوات اليمنية المدعومة من الإمارات ستكون مدمرة لـ600 ألف من سكان الحديدة.

 

وبحسب التحالف، فهناك قوات مقاومة جاهزة لمهاجمة الحوثيين داخل المدينة، والتي يقولون إنها ستتحرك عندما يحين الوقت.

 

ويقول التحالف إنه يدرس بشكل كبير الأثر الإنساني لحملة الحديدة، وأنه بمجرد أن يسيطر على الميناء، فإن حجم التجارة القادمة سيزداد، وستكون الحالة الإنسانية أفضل، وليس أسوأ.

 

الحل السياسي

عند هذه النقطة، فإن أفضل سيناريو للحالة هو التوصل إلى اتفاق سياسي بين الحوثيين والتحالف، من شأنه أن يجنبنا معركة مدمرة حول الميناء، وربما حتى يفتح إمكانية إجراء جولة جديدة من محادثات السلام.

 

ويحاول مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الجديد، التوسط الآن في صفقة من شأنها أن تجعل الحوثيين يتنازلون عن السيطرة على الميناء إلى الأمم المتحدة.

 

وفي 21 يونيو، قال غريفيث إنه يشجع المشاركة البناءة من قبل الحوثيين، وفي الأسبوع الماضي، أشار عبد الملك الحوثي، زعيم المتمردين، إلى أنه قد يكون مستعدا لتسليم الميناء إلى الأمم المتحدة.

 

ومع ذلك، يواجه غريفيث تحدياً قوياً لمنع المعركة، ولقد منحته الإمارات أسبوعاً، تقريباً، لإقناع الحوثيين بالموافقة على شروط التحالف، وفي 27 يونيو، التقى غريفيث مع هادي، الذي عاد مؤخراً إلى عدن..

 

* نقلاً عن نيوز يمن

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية