المليشيا تُخير موظفي الصحة في صنعاء بين "الموت في الجبهة أو الموت جوعا"
وضعت قيادة وزارة الصحة في حكومة الحوثيين بصنعاء شروطا مجحفة أمام الكادر الوظيفي، للبقاء في وظائفهم بعد أن أصدرت الأسبوع الماضي قرارات بالفصل طالت 33 موظفا.
ففي الوقت الذي تقوم بها الجماعة الحوثية بمصادرة ونهب مخصصات الوزارة والعمل على تمكين أنصارها في المناصب الهامة، عمد وزير المليشيا الحالي إلى وضع الموظفين بين خيارين أحلاهما مر؛ إما الذهاب إلى الجبهة للقتال أو البقاء في البيت ليصارعوا مرارة الموت مع أسرهم وأطفالهم.
"وكالة 2 ديسمبر" التقت بعضاً من الموظفين وخرجت بالحصيلة التالية:
إما الموت أو الموت
(م. ع. ق) موظف من خارج المليشيا السلالية قضى حياته في خدمة العمل الوظيفي يتحدث إلينا قائلا، "أنا موظف في وزارة الصحة منذ سنوات أعمل بكل جهد على أمل أن يأتي يوم فيه وقد حصلت على كافة حقوقي من علاوات وترقيات وغيرها".
ويضيف، "للأسف لم يأت هذا اليوم سيما في ظل حكم هذه العصابة الحوثية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه، أوضاعنا أصبحت في جحيم نتيجة القرارات المزاجية والتعسفية التي تصدر بحقنا بين الحين والآخر."
متبعاً، "وضعتنا قيادة المليشيا بوزارة الصحة الواقعة تحت سيطرتها في صنعاء، أمام خيارين يحملان نفس النتيجة فإما أن نتوجه إلى الجبهات، أو نموت جوعا في منازلنا".
ويختم حديثه - مشترطاً علينا عدم ذكر اسمه لدواعي أمنية - بالقول، "لقد بلغ بنا الحال مبلغه، إذ أعيش مع أسرتي على وجبة واحدة طوال اليوم".
فرض علينا الاستماع إلى محاضراتهم
لا تتوقف الإجراءات التعسفية بحق الموظفين المدنيين عند هذا الحد، بل طالت حياتهم الشخصية من خلال العمل على ما يشبه غسيل المخ وفرض ثقافة الجماعة الحوثية قسرا.
الوزير المعين من المليشيا المعروف سابقا بخطيب جامع الحشوش فرض على الموظفين حضور ندوات خاصة للاستماع إلى خطبة المدعو عبد الملك الحوثي في غرف مغلقة بواسطة بث متلفز عبر شاشات تلفزيونية.
يقول الموظف (ع. ع. م): "وزير الصحة الذي جاء من على منبر جامع الحشوش جاء يحمل إلينا شعارات دينية تحثنا على ضرورة التوجه إلى الجبهات، في الوقت الذي يتقاضى هو وحاشيته الملايين!"
مضيفاً، "لم يتوقف العبث بحياتنا عند هذا المستوى، بل إننا نجبَر على الحضور إلى ندوات خاصة لاستماع خطب ومواعظ المدعو عبد الملك الحوثي، ومن يتخلف تتم معاملته بازدراء وتعسف أكثر".
استخفاف بعقول موظفي الوزارة
حالة من الاستخفاف بعقول منتسبي الوزارة، الوعود بالإصلاحات والالتزام بالنظم والقوانين ومحاربة الفساد تحولت إلى ما يشبه السراب أمام تصرفات وسلوكيات هذه الجماعة التي تدعي التدين.
يقول الموظف (أ. ع. ف): "الكثير منهم بات ثريا جدا، سيارات، أراضي وعقارات، مرافقين وصرفيات بملايين الريالات، فيما حالنا بات يرثى له". مضيفاً، "يدعون التدين والنزاهة، وعندما نقترب منهم لا نرى سوى عكس ما يدعون".
وضع كاميرات تراقب الموظفين
مرض نفسي بلغ حد الهلع، فقيادة المليشيا بالوزارة كغيرها باتت تخشى الحديث عما يتعرض له الشارع اليمني.
وتؤكد العديد من الروايات من داخل الوزارة وضع وتنصيب كاميرات مراقبة وزراعة جواسيس في المكاتب لرصد آراء الموظفين المناهضة لتوجهاتهم الكهنوتية.
أحد الموظفين يؤكد لـ "وكالة 2 ديسمبر" مراقبة المليشيا لموظفي الوزارة، وقال: "شهدت الوزارة الكثير من الإجراءات، منها وضع كاميرات مراقبة، وجواسيس في أروقة الوزارة تنقل لهم كل ما يدور بيننا"..
صور الوزير مهمة
وما يبعث الغرابة والدهشة هو حالة تشبه الانفصام في شخصية الإمام الذي عينته المليشيا وزيرا للصحة، إلى درجة تخصيصه كاميرا تهتم بالتقاط الصور له أينما ذهب حتى وهو قاعد على الكرسي في مكتبه.
ويروي أحد الموظفين لـ "الوكالة" قيام الخطيب طه المتوكل باتخاذ إجراء الفصل في حق أحد الموظفين بسبب تخلفه عن تصويره، أثناء تدشين العمل بالبصمة، ناهيكم عن زراعة كاميرا خاصة إلى جوار البصمة التي استحدثها في البوابة مخصصة لالتقاط صوره.