حازت الحجرية، ومازالت، الكثير من التجاذبات والخلافات، تصاعدت الأيام العشر الأخيرة إلى حد تخللته اشتباكات عسكرية فجرتها مجاميع مسلحة قدّمت فروض الولاء الخارجية على المصلحة الوطنية في واحدية المعركة ضد مليشيا الحوثي التابعة لإيران، وبقدر ما عززت الحجرية الصورة الحقيقية لقوى مرتبطة بمراكز خارجية ماسة بالأمن القومي العربي بقدر ما عبرت عن نوايا وخطوات جدية نحو ترتيبات تلتف على المشروع الوطني الهادف إلى استعادة الدولة والجمهورية في مرحلته الراهنة.
 
أزمة الحجرية بدأت مع بروز دور القوات المشتركة المشكلة من المقاومة الوطنية، وألوية العمالقة، وألوية تهامة، وتحقيقها انتصارات نظيفة، مدنيا، وسريعة والحفاظ عليها في الساحل الغربي اليمني، ما يعني في الأفق السياسي سحب البساط أو على ألأقل التأثير على حسابات الإخوان المسلمين في اليمن الرامية إلى تدعيم إحاطتها بقرار السلطة المعترف بها دوليا بتفرد عسكري على الأرض يمكن التنظيم لاحقا من السيطرة على السياسة لمرحلة ما بعد رئاسة هادي ودحر سلطة الحوثيين، كما تعطي ميزات سياسية للتنظيم الدولي للإخوان في مواجهة سياسات السعودية والإمارات ومصر التي تعتبر هذا التنظيم وفروعه منظمات إرهابية.
 
عوامل عدة تعطي الحجرية أهمية استراتيجية في سياق الوضع العسكري اليمني الحالي وما يتصل به من تبعات سياسية.
 
المقاومة الوطنية، على وجه الخصوص، تستقر أسر كثيرة لمنتسبيها في مدينة التربة، عاصمة المنطقة التي تضم المديريات الجنوبية والغربية لمحافظة تعز، وهي بالنسبة للقوات المشتركة، عموما، تمثل أهمية عسكرية ناجمة من إشراف مرتفعاتها على المسرح الميداني للمشتركة في الساحل الشرقي الجنوبي للبحر الأحمر، بما فيه مضيق باب المندب الذي يمنح المسألة بعدها الدولي ويضعها على طاولة الاشتباك الأمني والاقتصادي والسياسي العربي من جهة، والإيراني والتركي، والقطري المتذبذب من جهة موازية.
 
الحجرية واقعة في الحماية العسكرية للواء 35 بقيادة سابقة للعميد عدنان الحمادي صاحب المبادرة الأولى في تعز لمجابهة الحوثيين مع رفاقه ضباط وأفراد اللواء، وبقي هؤلاء على علاقة طيبة مع المكونات العسكرية الأخرى وعلى رأسها المقاومة الوطنية من منطلق أولوية المعركة مع المشروع الإيراني وذراعه الحوثي، ما أثار مجاميع مسلحة سياسية أظهرت إصرارا في الاستحواذ على اللواء وشرعت بحملة تحريض أدت إلى اغتيال الحمادي تلاها فرض قيادة موالية للإخوان على اللواء العسكري، خلافا لقرارات رئاسية ومن وزارة الدفاع ورغبة ضباط وأفراد اللواء التي ينبغي وضعها في الاعتبار بظروف عسكرية وسياسية استثنائية تمر بها البلاد.
 
الإصرار الإخواني في السيطرة على الحجرية عن طريق اللواء 35 شريطة تبعيته للأجندة الحزبية الخاصة، أو بتصفية وجوده في المنطقة بإقحامه في مواجهات مسلحة ثانوية، يوحي بترتيبات عسكرية، وتدابير سياسية غير معلنة تخدم المثلث الإيراني التركي القطري في اليمن ضد المصلحة الوطنية، والعربية التي تتصدرها راهنا مصر والسعودية والإمارات.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية