شاء القدر أن يضع المقاومة الوطنية-حراس الجمهورية في جبهة مفتوحة على البر والبحر، وعندما يتعلق الأمر ببحر مثل البحر الأحمر المنتهي من طرفيه بمضيقين غاية في الأهمية للملاحة والتجارة والطاقة الدولية، فإن تعقيدات الخارج تنضم إلى مشاكل الداخل وتتضاعف المسؤوليات والمحاذير في التعاطي مع مختلف الملفات نتيجة كثرة العيون المفتوحة على اقتناص ميزات الموقع من قبل مكونات الداخل السياسية والعسكرية، بجانب أطماع الخارج لاسيما إذا توفرت لها أرضية من الأدوات المحلية.
 
وجدت المقاومة الوطنية نفسها ورفقاء السلاح في القوات المشتركة في محيط داخلي معاد من جماعة الحوثيين وحزب الإصلاح (الفرع اليمني لتنظيم الإخوان المسلمين) متظافر مع الأحلام والأطماع الإيرانية والتركية للعودة إلى الماضي البائد للإمبراطورية الفارسية والخلافة العثمانية.
 
الحوثيون انخرطوا في حرب شاملة ضد اليمنيين، وقبلوا على أنفسهم أن يكونوا تعزيزا للأذيال الإيرانية في المنطقة العربية، ومازالوا يسيطرون على أهم الموانئ اليمنية في الساحل الغربي محتفظين بقناة مرور السلاح والتمويل النفطي الإيراني.
 
بالمقابل إيران حصلت بمد يدها إلى قرب مضيق باب المندب على امتيازات سياسية وأمنية واقتصادية، إذا بقي الحوثيون، في مواجهة السعودية بدرجة رئيسية.
 
الإصلاح من جانبه يسيطر على بعض محافظة تعز التي تعد الظهر الاستراتيجي عسكريا لجنوب الساحل الغربي، ويعاني عقدا، لا مبرر وطنيا لها، تدفعه لمحاولات تصفية أسرة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح سياسيا خشية من تشكيلها بؤرة تجمع لحزب المؤتمر الشعبي العام- المتفرق حاليا-  تعيده بزخم سابق إلى الحياة السياسية، إذ يعتقد الإصلاح أنه الأولى بوراثة تركة السلطة كونه الأقوى تنظيميا بين بقية التشكيلات السياسية اليمنية، بيد أنه مع اقترابه من خلو الساحتين السياسية والعسكرية من منافسين وزيادة شتات المؤتمر عقب استشهاد صالح على أيدي الحوثيين رأى اختلالا  في حساباته، بعودة  سياسية لأسرة صالح مع اختيار السفير أحمد علي قياديا في الصف الأول للمؤتمر ونشاطه التنظيمي في الحزب، وبالظهور العسكري للعميد طارق محمد عبدالله صالح وإعادة بنائه لقوات عسكرية برية حققت إنجازات نوعية في معارك الساحل لحقها إعادة بناء قوات خفر السواحل.
 
وفي حالتي أحمد وطارق عمل إخوان اليمن على إبقاء العقوبات الأممية على السفير ومساعي إيقاف اللمعان العسكري للعميد بالهرولة نحو اتفاق ستوكهولم وافتعال مشكلات أحدثها في الحجرية والخوخة.
 
ارتباطات الإصلاح بقيادة التنظيم الدولي للإخوان واصطدامه بعقبات في طريق  استحواذه على مرحلة ما بعد الحوثي وضعته في خانة التنكر للتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات والارتماء في أحضان المال القطري،والطموح التركي الذي اعتبر إخوان اليمن منفذا ، ربما مجانيا، لتطويق باب المندب من الشرق استكمالا للتواجد التركي غربه في الصومال ، وزاد من فتح الشهية التركية ما يبدو أنه  ترتيبات قوى دولية كبرى لإعادة رسم المشهد في منطقة الشرق الأوسط، وكسب ورقة رابحة في وجه السعودية ، ومصر خصوصا مع ارتفاع وتيرة الخلافات المصرية التركية في الملف الليبي وما يمثله مضيق باب المندب من أهمية قصوى لقناة السويس.
 
عوامل داخلية وخارجية متشابكة طرحت المقاومة الوطنية أمام  مهمات جسيمة في إدارة المعركة العسكرية مع الحوثيين والحفاظ عليها في هذا المسار، وفي الوقت ذاته بمعاينة استهداف سياسي إعلامي إخواني تراجعت لديه أولوية المعركة الأم مع الجماعة الحوثية، وخارجيا جعلت الأطماع التركية والإيرانية جنوب البحر الأحمر المقاومة في صلب منظومة الأمن القومي العربي.
 
لكل ذلك أكدت قياداتها دوما أن المعركة وطنية جمهورية  وقومية عربية من الدرجة الأولى ولا ينبغي الالتفات إلى المشاريع الجانبية إلا بقدر مساسها بالحسابات الأساسية للمعادلة الوطنية القومية.
 
وتشهد الوقائع بكفاءة عالية للمقاومة في الحفاظ على وجهتها اليمنية العربية، والتعاطي المسؤول مع مهماتها العسكرية والأمنية في تراب ومياه الغرب اليمني، أحد النقاط المهمة في حزام الأمن العربي، وبعثت برسالة إلى رباعية الشر، الداخلية والخارجية، مفادها أن المشاريع العادلة لها من الصلابة ما تتكسر على سيوفها المشاريع الخشبية.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية