تدب الحياة من جديد في حي المسنا بمديرية الحالي في الحديدة، بعد غياب لأهالي الحي الذين شردتهم مليشيا الحوثي قبل أن تطردها القوات المشتركة من الحي، وقد عاثت فيه المليشيا خرابا ودمارا كبيرا.
 
لم تضع الخيارات للفتاة كريمة وأسرتها سوى خيار الفرار مع النازحين آنذاك، فكان الطريق شاقا أمامهم ليصلوا مديرية المرواعة، حيث اقارب لهم سيقيمون عندهم حتى يأتيهم موعد الفرج الذي لن يطول، والعودة إلى المُسنا.
 
بعد شهرين من الإقامة القسرية في المراوعة سمع والد كريمة أن القوات المشتركة قد حررت الحي، فعاد مجددا إلى داره وقد شق طريقا طويلا في سفر العودة سيرا على الأقدام، وكانت معه كريمة عائدةً من النزوح تتهيأ لعملها المعتاد في المُسنا (جلب المياه للمنزل).
 
كريمة وقريناتها والأطفال من حي المسنا حملوا على عاتقهم تزويد بيوتهم بالماء من بئر بعيد، يُذهب عطش الناس عوضا عن مشروع المياه العام الذي دمرته مليشيا الحوثي قُبيل طردها من الحي على أيدي مقاتلي القوات المشتركة.
 
يسوق الجميع دوابهم، ومن بينهم كريمة في الطرق الرملية حتى يصلوا إلى بئر يجلبون منها ما يكفي السكان من الماء طوال اليوم، غير أن الوقت لم يزد على شهرين حتى كُتب لكريمة مصيرٌ مفجعٌ قلب حياتها رأسا على عقب.
 
في الطريق الذي اعتادت كريمةُ  المضيَ فيه، كان قد وضع لغم من قبل مليشيا الحوثي، وقع خيار ضحيته على كريمة التي سيقت إليه مع حمارها، انفجر اللغم، وحدثت الكارثة، وها هي كريمة اليوم مبتورة الساق وقد اعتزلت مهمة جلب المياه.
 
الحمار الذي كان يحمل الماء خرج عن طريقه بأقل من متر، فوقعت قدمه على لغم أرضي مضاد للعربات، جزأ جسده الى أشلاء وكان من نصيب كريمة أن تفقد ساقها اليسرى وتصاب في اليمنى، وتتعرض لجروح في أنحاء جسدها.
 
تسير كريمة اليوم بساق صناعي، ذاك ما أمكن الأطباء فعله من أجل الفتاة التي لم يسلم منزلها من سرقة الحوثيين أثناء نزوحها، ولم يسلم جسدها من جرائمهم، وبفعل مجرمٍ لم يعهده اليمنيون إلا سفاكًا للدماء، أضحت كريمة عالةً لا تقوى على فعل شيء، وانقضى عطاؤها الأسري إلى الأبد.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية