يقضي الإيطاليون، اليوم (الأحد)، آخر يوم لهم في ظل الإغلاق الشامل، لكن التخفيف الجزئي لتدابير مكافحة فيروس «كورونا» المستجد بعد شهرين من فرضها يتسبب بحالة قلق وإرباك بدلاً من الارتياح والسعادة.
 
وعرقلت القواعد التي غلبت عليها الضبابية محاولات السكان في أنحاء البلاد وضع خطط لأول أيام استعادتهم حريتهم. ووضعت الحكومة قائمة للأنشطة المسموح بها، لكن المناطق تضع في الوقت ذاتها قواعد خاصة بها.
 
وأعرب عامل النظافة البالغ 53 عاماً بيترو غارلانتي بينما كان ينتظر دوره تحت الشمس خارج كشك وسط العاصمة، عن أمله في أن توضح وسائل الإعلام القوانين الجديدة. وقال: «أريد أن أصطحب والدتي إلى الشاطئ، هل يمكنني ذلك؟».
 
وفي المرحلة الأولى التي تبدأ الاثنين، سيكون بإمكان سكان إيطاليا البالغ عددهم 60 مليوناً التنقل بحرية أكبر ضمن مناطقهم لزيارة أقاربهم والتوجّه إلى الحدائق التي سيعاد فتحها مع أطفالهم، وركوب الدراجات الهوائية والركض في أماكن أكثر بعداً عن منازلهم، حسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
 
لكن لن يكون ممكناً القيام بأي من تلك النشاطات ضمن مجموعات، لذا فإن الحظر لا يزال ساري المفعول فيما يخص الجلسات العائلية الكبيرة على مائدة الغداء مثلاً.
لكن كل سلطة في أقاليم إيطاليا العشرين وضعت تفسيراتها الخاصة بشأن الإجراءات. ورفع اثنان منها، فينيتو وكالابريا، إجراءات الإغلاق في وقت مبكر، حيث تم افتتاح الحانات والمطاعم الخارجية هذا الأسبوع.
 
وتدرس سلطات ليغوريا السماح للسكان بالإبحار في مجموعات صغيرة بينما تعيد فتح شواطئها.
 
والأمر ذاته ينطبق على إقليم مارجي، ولكن لغرض التنزه فحسب، وليس للاستماع بالشمس. أما سلطات إقليم إميليا رومانيا فأبقتها قيد الإغلاق حتى في وجه أولئك الذين يعيشون قرب الشاطئ.
 
وتقول ميشيل ماغنا البالغة من العمر 37 عاماً: «كنا نتحرق ليوم الرابع من الشهر... والآن بعد أن وصل، أصبنا بخيبة أمل. سأبقى أشعر بالارتياب من أنني أخرق القوانين إلى أن يقولوا لي إنني بتُّ حرّة حقاً».
 
وأصاب رئيس الوزراء جوزيبي كونتي الكثيرين بالحيرة الزائدة بعدما قال لمواطنيه إن بإمكانهم زيارة الآخرين مستخدماً كلمة يمكن فهمها على أنها إما تعني الأقارب المقربين أو من يرتبطون بقرابة دم فحسب، حتى لو كانت بعيدة.
 
ثم ما لبث أن حاول التوضيح بالقول إن ذلك يشمل الأشخاص الذين لديهم «علاقات من المودة الثابتة». فتساءل الكثيرون عما إذا كان ذلك يشمل العشّاق والأصدقاء والخطّاب.
 
وأجبرت الحكومة، أمس (السبت)، على نشر لائحة أسئلة وأجوبة تحدد أشخاصاً يمكنهم رؤية أقارب أكثر بعداً بينهم، على سبيل المثال، أطفال أبناء عمومتهم. لكن الأصدقاء، بمعزل عن قوة العلاقة، كانوا خارج الحسابات.
 
وتقول المعلّمة أليسندرا كوليتي إنه قد يتم استغلال هذا الخلل «ذريعة من قبل عديدين بأنه يشمل الجميع».
 
وتأمل الحكومة أن يؤدي تخفيف إجراءات الإغلاق الأطول في العالم إلى إعادة دوران عجلة الاقتصاد المعطلة.
 
وظهرت بوادر مشجّعة أخرى، اليوم (الأحد)، لجهة السيطرة على الوباء. فسجّلت إيطاليا 174 وفاة جديدة بالفيروس، في أدنى حصيلة منذ فرض الإغلاق في العاشر من مارس (آذار).
 
لكن كونتي حذر من أنه سيتابع الوضع من كثب لمعرفة ما إذا كان الفيروس سيتفشى مرة أخرى، ويبدو على استعداد لفرض عمليات إغلاق مناطقية إذا لزم الأمر لوقف عودة وباء أودى بما يقرب من 29000 شخص.
 
وأبدى البائع تيزيانو مازولي خشيته من عواقب ما قد يحصل قائلاً: «أنا قلق للغاية من استئناف الأنشطة... لا أثق بأن الناس سيتصرفون بمسؤولية».
 
أما دويليو ديليغانتي (38 عاماً) فقال إنه قلق بشأن الكيفية التي سيتمكن عبرها الأطفال من التأقلم مجدداً كما هي الحال مع ابنه البالغ ثماني سنوات.
 
وقال: «كنا في الخارج الليلة الماضية نركب دراجتينا في ساحة فارغة عندما انحرف فجأة بشكل كبير لتجنب رجل وكلبه، وسقط... وقال إنه يخشى الاقتراب منهما إذ قد يكونان مصابين بالفيروس».
 
وأضاف: «سيستغرق الأمر بعض الوقت إلى أن نصبح مهيئين نفسياً حقاً لانتهاء الإغلاق».
 
المصدر: الشرق الأوسط

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية