عيدان في الحديدة.. أحدهما يلوح في الأفق!
تنفرد الحديدة، عروس البحري الأحمر في زخم الفرحة هذا العام عن أي عامٍ آخر. وحدها المدينة التي تعيش عيدين، أحدهما - عيد الفطر المبارك - العيد الذي انقضى وكأنه لم يكن، غير أن شغف الانتظار للعيد الآخر رسم ملامح يانعة لفرحة دنت كثيراً بقطوفها من سكان المدينة المحاصرين في ويل المليشيات الكهنوتية منذ أعوام ثلاثة ويزيد، غُيبت تهامة وأخذت إلى شرفة البحر يجرعها الحوثيون ويلات القهر والاضطهاد، ويمارسون بحق أبنائها كل صنوف الظلم في بشاعة لم يشهده اليمن طوال تاريخه على الإطلاق، وهنالك عاشت الحديدة أسوأ السنين رغم ما تفيض به من خير غادق عطاؤه يصل حتى إلى أقصى الشمال (صعدة) حيث يختبئ زعيم مليشيات الإرهاب عبد الملك الحوثي، الذي وجه جماعته يوماً بأن تولي وجهها صوب الحديدة لتذل أهلها.
وكالة 2 ديسمبر تحدثت إلى سكان في مدينة الحديدة غربي اليمن، واستقت شهاداتهم عن أجواء العيد في المحافظة، بالإضافة إلى رصد وجهات النظر بشأن العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات المشتركة بدعمٍ وإسنادٍ من القوات المسلحة الإماراتية العاملة ضمن التحالف العربي، كما رصدت عبر مصادرها الوضع الأمني الذي تعيشه المدينة مع التقدم المتسارع للقوات المشتركة على تخوم المدينة.
آمال السكان في الحديدة تحيا على وقع كل انتصار يحرز، ويداوم الغالبية منهم على متابعة أخبار المعارك والانتصارات التي تحققها القوات المشتركة، وفي هذا الصدد وصفت العمليات العسكرية في مطار الحديدة الدولي ومحيطه بأنها "أقوى ضربة للمليشيات الحوثية في الحديدة وستفتح الطريق واسعاً أمام القوات المشتركة تجاه الميناء والمدينة". حسب توصيف أكاديمي من أبناء تهامة أطلعنا على رأيه من وسط المدينة.
يمنحنا المصدر السابق فرصة للحديث مع أحد تلاميذه في شارع الدريهمي القريب من مواقع المواجهات، وهو طالبٌ مستجد في أحد الأقسام بجامعة الحديدة ليروي لنا كيف "قتلت المليشيات الكهنوتية فرحة العيد بين سكان الحديدة، إلا أن عيدنا بالتحرير أصبح قريباً جداً". مُزيداً "نسمع أصوات المدافع والقذائف من منطقة الدوار وأطراف مطار الحديدة إلى منزلنا، وهذا يجعلنا نشعر أن العيد الحقيقي، عيد الانتصار، أصبح على الأبواب".
ولا تختلف شهادة الطبيبة "ن.م.ر" الموظفة في مستشفى الثورة العام بالمدينة عن سابقيتها، إذ تشعر اليوم أنها "فرحةٌ جداً بأن عهد الحوثيين بيروح (سيذهب) وبنرجع (سنعود) نعيش حياتنا بشكل طبيعي .... الحمد لله، ونتمنى أنه ربي ينصرهم (القوات المشتركة) على أعداء اليمن الحوثيين".
لا تجد "وكالة 2 ديسمبر" المساحة الكافية لإيراد ما أدلى به سكان محافظة الحديدة، فالجميع يتأهبون بشوق لاستقبال القوات المشتركة حين وصولها إلى المدينة. يضاف إلى ما سبق أن "الحديدة مقبلة على خير، وزمن المليشيات سيولي دون رجعة وسينتفض أبناء الحديدة ضدها وسيطردونها مع المقاومة الوطنية وأبناء الجنوب العظماء". تقول نبيهة، واحدة من سكان المدينة.
مصادر متفرقة في المدينة تفيد منذ الأمس بأن مليشيات الحوثي الإرهابية وسعت دائرة الانتشار الأمني في المدينة بشكل كبير، ونشرت المزيد من العربات المدرعة في الأماكن العامة والجولات والشوارع الرئيسة بالمحافظة، وتمارس تقييداً لحركة السكان في المدينة، إذ تبدو النقاط الأمنية أكثر تشديداً في عمليات التفتيش والمراقبة والتحقيق مع المارة عبرها. وقال أحد السكان إنه استوقف من قبل عناصر حوثية في الطريق الرابط بين شارع الحيكمي وشارع موسى، وأجرت معه تحقيقات لنصف ساعة على متن عربة عسكرية لأخذ اعترافات منه بالقوة، إلا أنه لجأ إلى عرض أوراق تؤكد إصابته بمرض في الكبد لعناصر الحوثيين التي اعترضت سبيله وهددته بدون مبرر.
وشوهدت أربع عربات عسكرية عصر اليوم تقل مسلحين ملثمين بمقربة من مطعم السرايا في الطريق المؤدي إلى صنعاء، إضافة إلى عربتين ركنتا مع مسلحيهما عند حديقة الشعب، والعشرات من العربات الأخرى تصول وتجول في المدينة بشكل مستمر تخوفاً من موقفٍ رافض يعلن فجأة ضد وجود المليشيات في المدينة.
يجزم أبطال المقاومة الوطنية ورفاقهم في القوات المشتركة على المضي نحو الهدف الأبرز "تحرير الحديدة"، وعلى الضفة المقابلة ينتظر سكان المدينة الوقت الذي ينتصر لهم من ظلم الحوثيين الكهنوتيين، وذاك الوقت بات أقرب من أي وقتٍ مضى وهي أيام لا أكثر تعود بعدها الحديدة إلى حضن الجمهورية مرةً أخرى ويستعيد أبناؤها حقوقهم المصادرة لدى المليشيات وحريتهم التي أراد الكهنوت لها الفناء.