أصبح فيروس كورونا وباء مثيرا للرعب بعد أن خرج من الصين ليجتاح أكثر من مائة وخمسين دولة في شهرين فقط، وأودى بحياة أكثر من ستة آلاف إنسان وأصاب نحو ربع مليون خلال هذه الفترة القصيرة.
 
يمكن للمتابع رؤية ذلك الرعب بسهولة، فمعظم الدول في قارات الأرض الخمس، شرعت في اتخاذ قرارات صعبة ومكلفة، لحماية سكانها من الفيروس.. ففي البلاد العربية مثلا أوقفت الحكومات حركة الرحلات الجوية، وأغلقت المنافذ البرية، وأقفلت أبواب المسارح ودور السينما، وعطلت الأنشطة الرياضة، وحظرت إقامة حفلات في الصالات العامة أو الاستراحات والفنادق، ومنعت دخول الحمامات العامة أيضا، وأوصت وزارات الصحة في بعض هذه الدول السكان بعدم الخروج من بيوتهم إلا للضرورة القصوى.. حتى في ما يتعلق بمسألة حساسة، كالمسألة الدينية أصدرت حكومة المملكة العربية السعودية قرارات بشأن عدم دخول المعتمرين، ومنع المواطنين والمقيمين فيها من أداء العمرة، وقررت حكومة المملكة المغربية إغلاق المساجد في كل أنحاء البلاد، وهيئة الإفتاء بدولة الكويت أبلغت السكان بعدم وجوب حضور صلاة الجمعة والجماعة، وأن يصلوا في بيوتهم، وفي القدس قررت دائرة الأوقاف الإسلامية إغلاق المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة.. ثمة تدابير أخرى كثر يعرفها المتابعون.
 
 الشاهد مما سبق، هو أن كل الدول تقريبا تكاشف مواطنيها بالحقائق حول هذا الفيروس، وتزودهم بالمعارف وبالمعلومات التي تساعدهم على أداء أدوارهم لمواجهة هذا الخطر، ولا تخفي عنهم أعداد حالات الإصابة والوفيات عدا ما يقال عن الحكومة الإيرانية بشأن إخفاء الأرقام الصحيحة لأعداد المصابين والمتوفين. بينما ما تزال الحكومة الشرعية، وحكومة الجماعة الحوثية، تؤكدان أن لا وجود لأي إصابة بفيروس كورونا في اليمن حتى الآن.. وفي ذات الوقت تحركتا في الأيام الأخيرة حركات متسارعة توحي أن الفيروس قد شق طريقه إلى البلاد، كما لم تقم أي منهما بدورها الإرشادي.. وهذا رئيس وزراء الشرعية معين عبد الملك زاد يفجعنا بقولته إنهم فحصوا العائدين من الخارج بعد وصولهم إلى قراهم ومنازلهم، يعني يفحصوهم بعد ما يروحوا عند أهاليهم.. ما هذا؟ والطريف أنه قال ذلك عشية يوم الاثنين من باب طمأنة المواطنين، أن النظام الصحي منهار! والامكانيات غير متوافرة!! وأنهم ينتظرون العون من منظمة الصحة العالمية، وكان باقي يقول لهم إننا ننتظر اكتمال مهمة الشيخ الزنداني في ابتكار لقاح لكورونا من أبوال الإبل.
 
 المسألة جد خطرة، لا تحتمل مزاحا ولا سخرية، ولا طمأنينة من ذلك الضرب الذي خرج به معين عبد الملك.. ونقول: يتعين على الشرعية والحوثية مصارحة المواطنين بالحقيقة لأن تلك الحركات تشير إلى أن الأمر أكثر مما هو احترازي.. فقد توافقت إجراءات الحكومة الشرعية مع الإجراءات الحوثية إلى حد كبير، دون تنسيق معلن، حيث قررتا- معاً وعلى عجل- إغلاق المطارات والمنافذ البرية أمام المسافرين، وعلقت الدراسة وأجلت فترة الاختبارات في المدارس والجامعات والمعاهد والكليات الحكومية والأهلية.. وهناك استثناءات محدودة، فمثلا أوقفت الشرعية العمل في المحاكم والنيابات والأنشطة الرياضية، الواقعة تحت إدارتها، بينما لا وجود لمثل هذه الإجراءات في المناطق الواقعة تحت الإدارة الحوثية، التي زايدت على الحكومة الشرعية ببعض التدابير في ما يخص الصلاة في المساجد!
وبصورة خاصة، الحكومة الشرعية هي المسئول الأول عن جميع اليمنيين أينما وجدوا، أكانوا في مناطق إدارتها، أم في المناطق الواقعة تحت الإدارة الحوثية، ونقيصة أن يتكلم رئيس حكومة الشرعية عن استكمال مختبرات في عدن والمكلا والمهرة.. حسنا، وماذا عن تعز والحديدة وصنعاء وغيرها وحتى صعدة؟ هذا كورونا كورونا يا رئيس هادي.. كورونا كورونا يا معين، مش هو رواتب موظفين!

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية