يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يسعى إلى أن يخلق في ليبيا نموذجا مشابها لما هو عليه الحال في سوريا، عبر الاتفاق مع الروس والحصول على حصة من ثروات البلاد النفطية.
 
وبعد إعلان أنقرة الاستعداد لنشر قوات في ليبيا دعما لحكومة الوفاق الوطني، أعلنت أنها سترسل وفدا رفيعا إلى موسكو قريبا لإجراء محادثات "مهمة" بخصوص التطورات الأخيرة في الساحة الليبية وكذلك السورية.
 
وكان الرئيس التركي قد أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، قبل ذلك بيوم، تصدرها ملفا البلدين الغارقين في نزاعات، خصوصا بعد توقيع أنقرة اتفاق "التنسيق العسكري والأمني" مع حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج في 27 نوفمبر.
 
المحلل السياسي باسل الترجمان، يرى أن إردوغان يرغب في خلق أزمة خطيرة تهدد الأمن والسلم الدوليين في حوض المتوسط، ويريد أن يصدّر الأزمة التي كان يستثمرها في سوريا إلى ليبيا من خلال استعمال الجماعات الإرهابية التي انتشرت في شمال سوريا ثم أقام جزء كبير منها بعد هزيمتهم في الأراضي التركية، ونقلهم إلى ليبيا.
 
ما يريده إردوغان وفق الترجمان، "لا نعرفه ولا نعرف ما يفكر فيه"، لكنه حول تركيا إلى دولة "تعادي كامل محيطها الجيوسياسي وتعمل على توسيع العداء إلى دول بعيدة جغرافيا عنها".
 
وأردف أن شعور الرئيس التركي بأن "نموذجه في الحكم في بلاده فشل فشلا ذريعا، يجعله يحاول خلق أزمة في الخارج ويريد أن يوصل الأوضاع في حوض المتوسط إلى حافة الهاوية".
 
موقف كل من تركيا وروسيا في ليبيا متعارضان، لكنهما قد يتوصلان إلى اتفاقات على غرار تفاهماتهما في سوريا. ولعل الاجتماعات "المهمة" المرتقبة قد تكشف عن خططهما.
 
وتمكنت موسكو منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا في نهاية سبتمبر 2015 من تغيير موازين القوى عسكريا في الميدان لصالح دمشق. وبعد أقل من عامين، أطلقت روسيا مسار محادثات أستانا الذي ما لبث أن طغى على مسار جنيف.
 
وتعاني ليبيا منذ 2014 انقساما بين فصائل عسكرية وسياسية في العاصمة وفي شرق البلاد حيث يدور صراع بين حكومة السراج في طرابلس وقوات حفتر ومقرها في شرق ليبيا. ويسعى حفتر منذ أبريل للسيطرة على العاصمة لكن وعده بتحقيق "نصر سريع"، لم يترجم حتى الآن بإحراز تقدم كبير على الأرض.
 
لكن الحملة حصدت أرواح أكثر من ألف شخص فضلا عن نزوح ما يزيد على 140 ألفا، وفقا، للأمم المتحدة.
 
المعركة من أجل طرابلس، عجّلت تدخلات روسيا ودول مجاورة من أجل رسم مستقبل ليبيا، الدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، والتي تملك أكبر احتياطي للنفط في إفريقيا.
 
ويسيطر حفتر على معظم حقول ومنشآت النفط في البلاد، لكن العائدات النفطية تخضع لهيمنة البنك المركزي في طرابلس.
 
وبينما تدعم أنقرة حكومة السراج المعترف بها دوليا، تقف موسكو إلى جانب حفتر. وكانت روسيا في بادئ الأمر، تحتفظ باتصالات مع الجانبين وتروج لنجل القذافي ليكون الرئيس المستقبلي للبلاد في الوقت ذاته. لكنها بحلول سبتمبر، حصرت دعمها على حفتر.
 
أما الولايات المتحدة، فقد صدرت منها رسائل مختلطة للفرقاء الليبيين، ودفعها التدخل الروسي إلى الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.
 
المتخصص في الإسلام السياسي والحركات المتشددة، إدريس الكنبوري، يرى أن تركيا ومن خلال تدخلها في ليبيا، "تتصرف كقوة إقليمية ودولية"، مشيرا إلى أن "سياسة حزب العدالة والتنمية تقول حيثما وجدت القوى الدولية يجب أن توجد تركيا".
 
وأوضح أن تصرفات إردوغان في سوريا كانت رد فعل على التدخل الأميركي والخليجي والدولي، والأمر ذاته في ليبيا حيث يرى أن دولا غربية وعربية لديها نفوذ في ليبيا، ترى أنقرة أن لا داعي للجدل حول وجودها، على حد تعبيره.
 
ويحظى حفتر بدعم مصر والإمارات وكذلك بدعم أقله سياسي من جانب روسيا، فيما تتهم فرنسا بأنها تعطيه أفضلية، الأمر الذي ترفضه باريس. أما حكومة الوفاق فتحظى بدعم تركيا وقطر وإيطاليا.
 
وأكد إردوغان، الخميس، أن قوات حفتر تحظى أيضا "بدعم من جانب شركة أمنية روسية خاصة تدعى فاغنر"، مضيفا أن "هذه الشركة أرسلت أفرادا على الأرض".
 
حكومة الوفاق قالت في بداية ديسمبر، إن هناك ما بين 600 و800 من المرتزقة الروس في ليبيا مشيرة إلى أنها بصدد وضع قائمة بأسمائهم لتقديمها إلى الحكومة الروسية، بحسب ما صرح به رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري لوكالة أسوشيتد برس.
 
وفي يونيو قالت قوات حفتر، إنها قطعت كل العلاقات مع تركيا وإن الرحلات الجوية التجارية أو السفن التي تحاول دخول ليبيا ستعامل باعتبارها عدوا.
 
وعن الاجتماع الروسي التركي المرتقب، قال الكنبوري إن "القاسم المشترك بين السياستين هو مخاصمة الولايات المتحدة لذلك فإنهما سيتوصلان إلى سياسة موحدة فيما يتعلق بوجودهما في ليبيا"، مثل ما حصل في سوريا حيث هناك تقارب بين موسكو وأنقرة وطهران في سوريا في مواجهة التدخلات الدولية والخليجية والأميركية، حسب تعبيره.


المصدر: الحرة 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية