نروي لكم بعض تفاصيل قصة مأساوية واقعية عاش فصولها المساعد أول في الحرس الجمهوري أحمد الحبيشي والذي كان ضحية عصابة الغدر والخيانة الحوثية، التي سعت للتخلص منه بصاروخ واتهموه بالانتماء لداعش بعد إجباره خلال عشرين يوما على أن ينقل بشاحنته مختلف الأسلحة من معسكر في باجل إلى مديرية جبل راس في محافظة الحديدة.. وبعد أن نفذ لهم تلك المهمة خططوا للتخلص منه بالقتل، لكن الله سبحانه وتعالى كتب له الحياة ليعيش هذه التراجيديا، ويروي لأجيال اليمن حقيقة مأساته التي تؤكد أنه من المستحيل التعايش مع عصابة الحوثي التي لا تراعي عهدا ولا ذمة، حيث يقول الناجي من الموت غدرا أحمد محمد الحبيشي:
 
 كنت أعمل في مزرعة رصابة للألبان في جهران محافظة ذمار سائقا لشاحنة تقوم بنقل الأعلاف (القصب) من تهامة إلى المزرعة.. وفي ذات يوم تلقيت تعليمات من المدير بالتحرك إلى العاصمة صنعاء لنقل أثاث من منطقة حدة إلى مدينة الحديدة.
طبعا تحركت على الفور من ذمار إلى المكان المحدد لي في العاصمة صنعاء (حدة) ، فوجدت سيارة عسكرية "طقم" بانتظاري .. سألت الذي على متنها: هل أنت فلان بن فلان فأجابني: نعم.. ليقوم بعدها على الفور بتموين شاحنتي بالديزل، وأعطاني عشرة آلاف ريال، وطلب مني أن أتبعه في الطريق حتى وصلنا إلى باجل، وتحديدا إلى بوابة أحد المعسكرات.
 
وهناك تغيرت لهجته معي حيث علت نبرات التهديد وأصبحت لغة الإجبار على تنفيذ ما يطلبوه مني هي السائدة.
 
شعرت بالخطر حقيقة وأن الموت أصبح يحاصرني وأنا غير مستعد للمواجهة، وأقف أعزل وسط عصابة وحوش وقتلة محترفين، فخضعت لطلباتهم كرها حيث تم أخذي إلى مخازن الأسلحة، وقاموا بتحميل شاحنتي بالصواريخ وقذائف الهاون.. فتحركت بالشاحنة حتى وصلت إلى البوابة، وفجأة جاءت توجيهات بحجز الشاحنة في أحد الهناجر وأعطوني شاحنة عسكرية أخرى، وأجبروني على العمل بها في مهمة نقل الأسلحة من المعسكر إلى منطقة أخرى.. وهكذا استمر عملي معهم مجبرا في نقل الأسلحة لأكثر من عشرين يوما.
 
ويواصل الحبيشي سرد مأساته مع عصابة الحوثة بالقول: بعد ان استكملت نقل الأسلحة وفي آخر لحظة  بدأت تظهر في وجوه الحوثيين  الذين كانوا معي ملامح وتصرفات عدائية، وفجأة هاجمني أفراد المجموعة الذين عملت معهم، وقبضوا علي وأخذوا هاتفي والوثائق التي بحوزتي ومفتاح الشاحنة.
 
كانت لحظات صعبة جدا وأنا أتعرض لهجوم مباغت من قبل عصابة حوثيين.. أدركت أن نهايتي اقتربت وأنا أقف وحيدا بين وحوش بأشكال آدمية.. أردت أن أعرف منهم السبب وراء ما أتعرض له .
فاتهموني بأني داعشي.. وهي تهمة مدبرة للتخلص مني، فحاولوا إجباري على أن أبصم وأوقع على أوراق اعترافات أعدت مسبقا.. أقر فيها بأني من تنظيم داعش، فرفضت أن أوقع على تلك الأوراق وأصررت على موقفي وقلت لهم : والله لو يأتي عبدالملك الحوثي بنفسه لن أوقع لكم  على ورقة.. بعد ذلك أخذني الحوثة إلى زنزانة تقع في معسكر كيلو16 الزنزانة عبارة عن غرفة تقع فوق خزان مياه خرساني.. فقاموا بسجني داخل تلك الغرفة، ويبدو أن الأمر لم يرق لهم ، فقاموا بإنزالي إلى داخل الخزان وتركوني لمدة تزيد عن 48 ساعة .
 
وخلال هذه الفترة كان الحوثة يطالبوني بعد مرور بضع ساعات بأن أعترف بانتمائي لداعش وظلوا يتلذذون بتعذيبي، بينما أنا مصرٌ على موقفي، كانوا يرمون لي علبة ماء حارة مع بقايا أرز مما تبقى من اكلهم.
 
لم يعد يراودني أدنى شك أن عصابة الحوثي تريد التخلص مني لأني عرفت مكان تخزينهم الأسلحة، ويبحثون عن مبرر لذلك، ولم استبعد حدوث ذلك مع غيري من سائقي الشاحنات.
 
وكلت أمري لله سبحانه وتعالى وقمت بالتيمم وصليت لأني أصبحت أشعر بأن نهايتي باتت قريبة ، وفي هذه اللحظات المُرة ووسط الصمت القاتل إذ بي أسمع صوت طائرة تحلق في المنطقة، تلا ذلك دوي انفجار لصاروخ بقرب الزنزانة ما أدى إلى سقوط الأسمنت إلى داخل الخزان، فتسلقت وخرجت ووجدت نوافذ الزنزانة والبوابة قد تحطمت، وعلى الفور خرجت من السجن أبحث عن الحياة من موت محقق.. هرعت مسرعا من ميدان المعسكر وتسلقت سوره المرتفع جدا بأعجوبة..  صراحة لا أعرف كيف استطعت ان أصعد السور الشاهق الارتفاع.. 
 
عادت الطائرة مجدداً واستهدفت الزنزانة التي كنت مسجونا داخلها، ودوى انفجار شديد، فما كان مني إلا أن ألقي بنفسي على الطريق الأسفلتي وأتجه فورا إلى داخل مزارع الدخن هربا من الموت...
 
سحب الدخان والأتربة غطت سماء المنطقة ، شخصيا لم أعد أكترث لذلك المشهد الفظيع وظللت أواصل الجري داخل المزارع لمسافة تقدر باثنين كيلومتر ..

أطلق الشهيد الحي الحبيشي تنهيدات عميقة وواصل سرد الفصول الأكثر دراماتيكية في مأساته قائلا: خرجت من داخل المزارع إلى طريق عام وأوقفت وانا في حالة يرثى لها إحدى الحافلات العامة وطلبت من السائق أن يوصلني إلى محطة غازية قريبة من المعسكر وسأدفع له المبلغ المالي الذي يطلبه.. فقام بنقلي إلى المكان المحدد الذي قمت بالتخفي فيه هربا من عصابة الحوثة لفترة من الزمن.
 
وبعد عودة الحوثين إلى المعسكر إثر القصف عثروا على بقايا من ملابسي التي خلعتها داخل خزان المياه الذي سجنوني فيه بعد أن دمر بالكامل.. اعتقدوا أني قد قتلت.. وعلى الفور قاموا بإبلاغ العمليات التابعة لهم في محافظة ذمار بأني قد "استشهدت" في الشاحنة التي تحمل العلف (القصب) وعلى الفور قامت العمليات التابعة للحوثة بإبلاغ اسرتي بخبر وفاتي،  فكانت فاجعة أخرى حيث دخلت والدتي في غيبوبة وعم الحزن الجميع وأقيم مجلس عزاء بوفاتي..
 
 وبينما كان اهلي في وضع لا يحسدون عليه اتصلت بهم وأخبرتهم بأن يستمروا في استقبال العزاء لإيهام الحوثيين بواقعة موتي وألا يشيعوا خبراً بأني ما زلت حيا أرزق.. لأنهم إن عرفوا ذلك سيقومون بمطاردتي وقتلي لا محالة.
وبعد مرور عدة أيام طلبت من مشايخ وأعيان المنطقة التدخل لحل مشكلتي مع الحوثيين، فقاموا بأداء واجبهم الذي لن أنساه طول عمري ، فتوصلوا إلى اتفاق مع الحوثة يقضي بتركي وشأني على أن لا أبوح لاحد بالحقائق التي أعرفها وما ارتكبوه من جرائم بحقي وبحق أمثالي من أبناء الوطن.
هكذا لخص المساعد احمد الحبيشي واحدة من جرائم الغدر والخداع والمكر التي تمارسها عصابة الحوثة الإرهابية ضد أبناء شعبنا اليمني العظيم.
 
ولم يقف موقفا سلبيا بل إنه وعن قناعة تامة عقب انتفاضة الثاني من ديسمبر كان من أوائل من لبوا نداء الوطن والشعب والتحق مبكرا في صفوف حراس الجمهورية بقيادة العميد طارق صالح، وكان من أوائل الملتحقين في معسكر بير احمد في عدن، قاطعا العهد لله والوطن بخوض غمار النضال والتضحية بالغالي والنفيس من اجل تحرير شعبنا من عصابة الحوثي الكهنوتية وطي مآسي هذه العصابة الإجرامية الحاقدة .

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية