احتشد مئات الحوثيين اليوم الثلاثاء في عدد من ساحات المدن الواقعة تحت سيطرتهم بمناطق شمال اليمن، مرددين هتافات بكائية، إحياء لما يسمى "ذكرى عاشوراء"، المأخوذ اسمها من اليوم العاشر لمحرم أول شهور السنة الهجرية الإسلامية.


ويرى مراقبون للتأثيرات المذهبية الإيرانية أن المناسبات الدينية تحظى بتقدير وتفاعل اليمنيين، لكن، حسب تقاليدهم التاريخية وخلفياتهم المذهبية المعتدلة والوسطية.


وأضافوا أن ما يحدث في بلدهم خلال السطوة الحوثية الراهنة يمثل عادات دخيلة وفدت من تقاليد مجوسية قديمة ممزوجة بتقاليد مسيحية ألبسها ملالي الصفوية الإيرانية عناوين إسلامية، كما ذكر المفكر الإيراني الراحل علي شريعتي.


ويؤكد المتابعون أن الأجندة الإيرانية السياسية جوهرا، الدينية مظهرا تحاول نخر النسيج الاجتماعي والثقافي اليمني بما فيه المذهب الزيدي ذاته، المتوسط بين المذاهب الإسلامية السنية والشيعية، وأحد أهم مذهبين إسلاميين يمنيين، إلى جوار المذهب الشافعي.


وفي الصدد قبل الحوثيون أن يكونوا قناة عبور للمذهب الطائفي الصفوي القادم من عمق التقاليد الفارسية، والمسيطر على إيران ثقافيا، وإلى درجة ما، سياسيا منذ خمسمائة عام، ليتمكن من العودة للسيطرة الكاملة على الإيرانيين مع ثورة 1979التي تصدرها الخميني لأسباب، جزء مهم منها يعود إلى الصراع الشرقي الغربي وقتها.


وبعد تخلص المكون الخميني من شركاء الثورة، حتى من داخل التيار الشيعي الديني، تفرغت سلطة الملالي إلى زعزعة استقرار دول الجوار العربي، وخلق أذرعها الخاصة في هذا النطاق.


وأخذت اليمن نصيبها من الأطماع الفارسية عبر مراكز استخباراتية بواجهات تجارية، وصحية بينها المستشفى، والمركز الإيرانيين بصنعاء، ومن خلال نشط العاملين في سفارتها. ومنذ تسعينيات القرن الماضي مولت السفارة الإيرانية ما يشبه مراكز إيفاد لشباب يمني للدراسة في إيران وتلقي تعاليم المذهب الجعفري الصفوي.


تلك النشاطات الإيرانية لم تتمكن من التغلغل في أوساط اليمنيين، وظلت محدودة للغاية حتى طرح الحوثيون الأوائل بداية الألفية أنفسهم خداما يمكنون النفوذ الإيراني في اليمن مقابل دعمهم ماليا وعسكريا واستخباريا لإنشاء مليشيا وفق النظم الأمنية الحديثة، غير أن الأجندة الإيرانية –مثلما يحصل في سوريا حاليا- ورغم الخدمات السياسية التي يقدمها الحوثيون، عملوا في مسارات مستقلة، حتى داخل المليشيا الحوثية مستغلة التعبئة المتطرفة لعناصر الأخيرة في إخراج أعداد كبيرة منها إلى البوتقة الطائفية الصفوية الكاملة، تحسبا لتأثيرات التيار القبلي المتقلب، وغير المضمون التزامه الكامل بالمخطط الإيراني.


وفي المضمار تحدثت تقارير مؤيدة بشهود عيان عن إقامة مجالس عزاء حسينية في صالات في بأغلب المدن الواقعة تحت قبضة السلطة الانقلابية الحوثية، لكنها، ومناسبات غيرها في السنوات الأخيرة، خالية إلى حد كبير من شعارات وصور القادة الحوثيين.


ويفيد باحثون أن الظواهر الاحتفالية للطائفة الصفوية، وأذيالها، تسعى لتعويض اللاعقلانية المذهبية بعملية تعبئة مستمرة، تغيب الأتباع عن التفكير المنطقي، والواقعي، وخلق حالة نضالية ضد أعداء وهميين، ولو من الماضي السحيق. لهذا نجد التيار الصفوي وأذياله يعطون أهمية مركزية لتكثير المناسبات وتسويغها دينيا.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية