بخلاف أناس عادة ما يستسلمون للأيام إذا ما أخذهم الزمن إلى الستينيات وما فوقها، لم ييأس الحاج علي عبده من وضعه رغم أمراض يعانيها، وقرر بإصرار منقطع النظير أن يعمل باستمرار ليلبي حاجيات أسرته دون أن ينحني لظروف يعيشها وأخرى تحيط به .



في زاوية رصيف وسط مدينة حيس جنوب الحديدة وجد علي مكانه المفضل ليزاول عملا اعتاد عليه منذ عامين بعد أن أصيب بالروماتيزم وأوشك على أن يصبح رجلا مقعدا، لولا عزيمته التي غيرت كل شيء وخلقت منه إنسانا فاعلا تعتمد عليه اليوم أسرة مكونة من ثلاث فتيات وفتيين أحدهما الطفل "درهم" رفيقه في السوق.



كان فريق "وكالة 2 ديسمبر" يزور حيس، غير أن تجمعا لبعض الفتية لفت انتباه الفريق، وعند السؤال تبين أنهم يتجمعون حول "علي" للحديث معه وشراء الساندوتشات منه، كونه يمتاز عن غيره بالروح الطيبة ونظافة عمله.
 


سألنا علي عن لجوئه الى رصيف لا يبعد عن قناصة مليشيا الحوثي سوى كيلوهين ونصف الكيلو متر، فكان رده مُبهرًا: "سأتنزع رزقي حتى من كنف الحرب"، إصرار وعزيمة قليل ما يجد لهما المرء شبها.



يضيف علي وهو محدق بنظره إلى يديه المنهمكتين في تقطيع الخبز "روتي" لتجهيز ساندوتش لضيافة المحرر " صحيح أن بح بائع يفترش الرضيف يكون ضئيلا، وأحيانًا أوزع نصف الساندوتشات بالمجان وأعود إلى المنزل بمال قليل تعوضه سعادتي بسد رمق بعض الجوعى.



ورغم أن السؤال لم يكن حاضرا لاستفساره عن واقع الحرب والحصار الحوثي في حيس، إلا أن الحاج علي ذكر في خضم الحديث أنه حفز أحد أبنائه ليكون جنديا في القوات المشتركة مدافعا عن حياض مدينته بمعية آلاف المقاتلين الشجعان.
 


ويضيف: حتمت علينا الظروف والغزو الحوثي أن نقاتل ونواجه، وكنت عازما على القتال لكنني لم أستطع، فقررت أن يؤدي مهمتي ابني الذي يشارك اليوم في إنجاز البطولات على تخوم مدينته.



ويتابع "هذا شرف لي وللعائلة، نحن نتقاسم النضال ولكن كل بطريقته".



الحاج علي عبده، أحد النماذج الفريدة المزهوة بروح شابة تطمح للعمل والكفاح حتى وهو على مقربة من خطوط القتال، ورغم أنه يتقدم في العمر أكثر إلا أنه يمتلك روح دعابة " مازلت شابا وأكثر حيوية من الشباب" كما يصف بمرح في ختام الحديث.
 


استأنفنا طريقنا وتركنا الحاج علي يستكمل يوم كفاحه وصموده لقسوة الظرف وصلف الحوثي.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية