براعم اليمن على مرمى النيران الحوثية
صوت الرصاص والتفجيرات لم يعد نشازا في اليمن، فقد اعتاد اليمنيون سماعه في أي وقت وفي أي مكان وصارت آثار الطلقات النارية ماثلة على الجدران كندبات على وجه جميل.
الانقلاب الحوثي دمر كل شيء وذهب بالاستقرار والهدوء والسعادة وجعل من ضحاياه الأحياء أشباحا هائمة على وجوهها في انتظار مصيرهم المجهول.
لقد ظهر الوجه القبيح للانقلاب، حيث دمر البنية التحتية وسطى على الأحواض وفخخ الآبار ولوث المياه بطريقة متعمدة إلى جانب قتل وتجويع وتشريد الناس، فهؤلاء المتمردين مصممون على تدمير اليمن وعلى عدم احترام أي اتفاقية دولية أو إنسانية لوقف نزيف الدم اليمني البريء حتى أنها أضحت تقصف الأحياء السكنية بطريقة عشوائية لإزهاق أرواح الأبرياء وإلحاق أكبر ضرر بهم انتقاما منهم لرفضهم الخنوع لها ولأوامرها.
وما حدث في شارع موسى بمدينة الحديدة ليس إلا مثالا بسيطا لعربدة هذه الميليشيات حيث قامت بقصفه بعدة قذائف، مما أدى إلى مقتل شاب لم يتجاوز ربيعه 17 يدعى عصام عارف الوصابي وإصابة اثنين آخرين. هذا وأقدمت جماعة الحوثي على إطلاق النار على أحياء سكنية في أطراف مدينة حيس جنوب المحافظة، ما أسفر عن تعرض طفل يبلغ من العمر 11عاما إلى إصابة بشظايا عيار 23 في عينه اليمنى وفي أنحاء متفرقة من جسده الصغير.
ولم يكن حال مدينة تعز أفضل من مدينة الحديدة، إذ تقوم هذه الميليشيات بقصف الأحياء بشكل مستمر مما خلف عشرات الضحايا في صفوف المدنيين غالبيتهم من النساء والأطفال. وعلى سبيل الذكر لا الحصر فقد أصيب 5 أطفال بجروح بليغة عندما سقطت قذيفة على منزل في حي الحميرا مما استوجب إدخالهم إلى العناية المركزة.
لقد تفنن الحوثيون في نشر الموت في اليمن ليجد المدنيون أنفسهم محاصرين بين الضربات والحملات التي تنفذها هذه الميليشيات لتأتي الألغام وتجهز على ما تبقى من أمل السكان في العيش ولتكون سببا آخر لشقائهم، فإلى جانب سلبها لحياة آلاف اليمنيين وإلحاق إعاقات لمن نجا من بطشها فقد مثلت عائقا أمام وصول المساعدات وحرمت المواطنين من الخدمات والمستلزمات الطبية.
ولم يسلم من فتكها حتى ملائكة الرحمة إذ تعرضت سيارتا إسعاف تابعتان لمكتب الصحة بمحافظة الجوف إلى التفجير بواسطة ألغام أرضية مما تسبب في إعاقة أحد الأطباء حيث بترت ساقاه ويده اليمنى فيما تعرض بقية الكادر الطبي لإصابات متنوعة.
وقال الدكتور مياد عبد الرحمن مدير مكتب الصحة بالمحافظة أن الألغام التي زرعتها الميليشيات في الطرقات العامة أدت إلى حرمان المواطنين في مديريات المتون، الغيل، المصلوب، خب والشعف من الخدمات الطبية بسبب عجز مكتب الصحة على إيصالها، مشيرا إلى أن المرافق الصحية والمستشفيات قد تعرضت للتدمير والتفجير والقصف بالصواريخ من طرف الحوثيين مضيفا أن 7 مراكز صحية و11 وحدة صحية مدمرة بشكل كامل.
وأكد الدكتور مياد أن اليمن سيعاني كثيرا بسبب تلك الألغام، مشيدا بالجهود الكبيرة التي يبذلها المشروع السعودي “مسام” لتأمين حياة الأبرياء.
فالألغام تهدد البشر والحيوان والحياة بشكل عام حاضرا ومستقبلا، لكن مشروع مسام أنقذ حياة 15 ألف يمني في محافظة الجوف فقط بعد أن أزال أكثر من 15 ألف لغم منها. وإذا أجرينا عملية حسابية بسيطة وفق المثال المقدم آنفا فإن الألغام كانت كفيلة بالقضاء على نصف الشعب اليمني.
وفي نفس السياق، أعلن مدير عام مشروع مسام السيد أسامة القصيبي أن فرق المشروع نزعت خلال الأسبوع الرابع من شهر يوليو 1184 لغما وذخيرة غير منفجرة موزعة كالتالي: 609 لغما مضادا للدبابات و4 ألغام مضادة للأفراد و562 ذخيرة غير منفجرة و9 عبوات ناسفة، ليصل بذلك مجموع ما تم نزعه منذ بداية الشهر ولغاية يوم 26 منه 4198 ولترتفع حصيلة ما وقع إزالته منذ انطلاق المشروع ولغاية 26 يوليو 78313 لغما وذخيرة غير منفجرة.
إن الجحيم الذي يعاني منه الشعب اليمني هو نتاج لسلوكيات الميليشيات الحوثية التي لا تتورع عن استعمال أفظع الأساليب لإلحاق الأذى بهذا البلد. فاليمنيون اليوم يتضورون جوعا ويعانون من أمراض وأوبئة فتكت بالآلاف منهم، أما اليمنيات فيلاقين الموت وأطفالهن في أحشائهن لقلة الرعاية الصحية. فهل ستتمكن هذه القصص المأساوية من تحريك المنظمات والهيئات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من نزيف هذا البلد المكلوم؟.
المصدر: مشروع مسام