"ما عرفت مدينة الخوخة جنوب الحديدة ازدحاما مروريا قط منذ أن وجدنا فيها، وها هي اليوم تختنق بمئات المركبات وآلاف السكان" ممن يتجولون فيها دفعة واحدة لقضاء حاجياتهم من سوقها المفتوح. هكذا يصف الحاج غالب وضع مدينته المزدهر خلال عامين وتحوّلها إلى أكبر تجمع بشري في الساحل الغربي للحديدة.

قبل تحريرها في ديسمبر 2017م كانت أولى المدن جنوب الحديدة (الخوخة) فاقدة للحياة يدب فيها الخوف والهلع، وتشهد موجات نزوح على نحو مستمر للسكان الذين ضاق بهم الحال وازدادت ضغوط المليشيا الحوثية الكهنوتية عليهم، مثل الحاج غالب الذي نزح إلى عدن وعاد بعد يومين من تحرير مديريته يملأه الفرح والبهجة.

وعلى النقيض من وضع الخواء الذي رافق وجود المليشيا في المديرية قبل أكثر من عامين ونصف العام، تبدو المدينة اليوم غارقة في زحمة الناس وتضيق شوارعها بالباعة والمتجولين والمركبات، في مؤشر يبين كيف أن الخوخة أصبحت قبلة لآلاف اليمنيين القادمين من شتى محافظات البلاد يطلبون الأمان في أفياء القوات المشتركة وحواضرها.

عند ولوجه إلى المدينة والوصول إلى الشارع العام طالع مراسل "وكالة ٢ديسمبر" مجموعة من العاملين يرفعون لوحة تعريفية لأحد المحال حديثة الافتتاح، فيما كان مطعم جديد يفتح أبوابه في ثالث أيام افتتاحه، وشاب تهامي يفترش الرصيف لبيع العطور وألعاب أطفال وبعض الحلوى وكان أطفال ستة يتجمعون حوله للشراء ترافقهم سيدة مسنة.

يقول منصور، أحد اصحاب المشاريع الصغيرة في تعز والذي جاء قبل شهر إلى الخوخة، إنه يبحث منذ وصوله إلى المدينة عن دكان للإيجار لكنه لم يجد. وأضاف " عام ٢٠١٢ جئت إلى الخوخة كانت كل هذه المحلات فارغة والإيجار ما يصل أحيانا إلى ١٠ آلاف، لقد أصبح الوضع مختلف". يُقرأ من حديث منصور كيف أن المدينة أصبحت مركزا تجاريا لكل مناطق الساحل الغربي خاصة في هذه الفترات التي تسبق الأعياد.

يتجمع باعة الحلويات والمشروبات الطبيعة والمأكولات الخفيفة وأصحاب الحلوى والآيس كريم على جانب الخط المؤدي باتجاه الحديدة نهاية مدينة الخوخة، حتى أن السيارة تضطر للتوقف في بعض الأحيان نتيجة زحام الباعة والمشترين. ورغم أن الحال بحاجة إلى مزيد من التنظيم إلا أن الحياة تنفتح يوم تلو آخر في المدينة وتظهر وجوه جديدة للزوار والقادمين وحتى النازحين.

وبفرحة البائع الرابح، يقول عبد الودود بائع مواد تجميل داخل المدينة إن مجمل ما يبيعه في اليوم الواحد يصل أحيانا إلى ٣٥ ألف ريال يمني، عدا المناسبات والاعياد فالأرباح تتعدى الستين ألفاً. وعندما سأله المراسل عن وضعه قبل 2017م أكد بأنه لم يكن يبيع بـ ٨ آلاف ريال في اليوم.

ووجهنا سؤالا إلى بائع الساندوتشات -الذي فضل عدم ذكر اسمه- عن حاله فيما يخص تجارته البسيطة. قال إنه كان يعمل في عدن قبل شهرين وقبلها عمل في صنعاء والمحويت، ثم دله رفاقه على الخوخة وانتقل إليها. وهو يفضل البقاء حتى في عيد الأضحى كونه يحقق أرباحا ممتازة لم يشأ أن يذكرها لنا بالتحديد.

الحياة التي تعود بالازدهار على المدينة الساحلية ترجع إلى أسباب كثيرة أولها وفي المقدمة مستوى الأمان الذي فرضته القوات المشتركة فيها والتسامح الذي يسكن المدينة التي ترحب يوميا بقادمين جدد وتحتضنهم دون أي تمييز، بالإضافة إلى دأب الناس والمستثمرين على اتخاذ الخوخة أنسب الأماكن للبدء بمشاريع جديدة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية