انتشت مليشيات الحوثي باستهداف مطار أبها الدولي السعودي كنصر تسوقه لأتباعها المثخنين بهزائم نكراء يتكبدونها في الضالع وقبل ذلك في الساحل الغربي وجبهات عديدة.

 

ليس إنجازاً استهداف منشأة مدنية بصاروخ باليستي كون الهجوم هو عملية إرهابية لا تختلف مثلا عن هجوم 11 سبتمبر حين وصلت الطائرات المسيرة بالإرهاب إلى البنتاجون معقل أكبر قوة عسكرية في العالم.

 

تأتي الصواريخ التي تستهدف الأعيان المدنية والمصالح الدولية من طهران ويعمل خبراء طهران على تحديثها وتجهيزها لتكون أداة تهديد للأمن الخليجي من داخل أراضي اليمن، وبذلك يتحول عمق العرب التاريخي الى منصة فارسية عابرة للهوية والتاريخ والجغرافيا.

 

هذا السعار الحوثي في استهداف مصالح اقتصادية ومدنية محاولة لاستدرار حيز للمليشيات الحوثية في معادلة الصراع المتصاعد في المنطقة وحصولها على هذا المكان تعتقد المليشيات أنها ستكون ضمن ضيوف أي طاولة تفاهم أو حوار دولي مع طهران كطرف مستقل وليس ذراع قذرة للملالي في طهران.

 

وإلى جانب هذا التمادي الانتحاري تكشف المليشيات الحوثية وهي تعلن عن بنك أهداف في العمق السعودي، عن حالة ضعف شديدة لأن من يملك أدوات القوة لا يذهب مستعجلا إلى مربع التصعيد غير المنطقي بل يتعاطى مع استمرارية الحرب وفق أدواته ويوظفها لأكبر قدر من الوقت لإرغام الخصم على القبول بشروطه.

 

تريد المليشيات الحوثية ابتزاز المملكة العربية السعودية باستهداف أعيان ومصالح مدنية لدفع الرياض إلى فتح قنوات حوار خلفية مع قيادة المليشيا والوصول إلى صيغة تفاهم لا تمانع المليشيات أن تتحول بموجبها إلى كلب حراسة على حدود السعودية.

 

هذا التحول في مسار المشروع الحوثي جاء نتيجة التطورات الأخيرة في المنطقة وتصعيد واشنطن ضغوطها وعقوباتها على طهران لوقف أنشطتها التخريبية في المنطقة والعالم والمليشيات الحوثية أحد ادوات تنفيذ هذه الأنشطة.

 

تدرك المليشيات الحوثية أن المأزق الذي تعيشه طهران قد يفرض واقعا جديدا بقوة الضغط الأمريكي ومن إفرازات هذا الواقع بقاء مليشيات الحوثي الإرهابية مكشوفة الظهر حال انصاعت طهران لمطالب واشنطن وأوقفت دعمها الكبير والمتنوع للمليشيات الحوثية.

 

المليشيات الحوثية تريد استباق هذا الواقع الجديد ببناء معادلة جديدة من خلال دفع الرياض إلى المسار التفاوضي معها لتجزئة الملف الإيراني أولا ورفع الحمل الثقيل على طهران، وكذلك لاستباق أي تنازلات إيرانية استجابة للضغوط الدولية مع العلم أن طهران لن تتوانى عن تقديم مصالح مواطنيها على أذرعها التخريبية بعد أن تصل صفارات الانذار الأمريكي إلى مسامع ساسة إيران.

 

وأظهر الجانب السعودي موقفا مغايرا لتوقعات المليشيات الحوثية، حيث أكد قادة المملكة وعلى لسان نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان والسفير السعودي لدى اليمن أن التهديد الحوثي للمملكة لن يستمر وسيتم اجتثاثه وعدم الخضوع لابتزاز أذرع طهران مهما كانت النتائج.

 

وتذهب المتغيرات في المنطقة إلى صياغة معادلة جديدة تضع فيها مواجهة مخاطر التهديد الإيراني لممرات الملاحة والتصعيد الحوثي ضد الأهداف النفطية والمدنية في مسار واحد دون تجزئة، وانطلاقا من هذا التغير سيتم التعاطي مع مخاطر التهديد الإيراني بشكل أكثر صرامة وفق المؤشرات المتاحة حاليا، وقد أشار وزير خارجية الإمارات إلى ضرورة إشراك دول الخليج في أي حوار قادم مع طهران وذلك لضمان عدم تجزئة الملفات المرتبطة بالنظام الإيراني.

 

ويتوافر اليوم شبه إجماع إقليمي ودولي على خطورة النظام الإيراني وتصديره للإرهاب في المنطقة والعالم وتهديد طرق الملاحة والعبث بأسعار الطاقة وتهديد خطط الإنعاش الاقتصادي الدولي وضرورة مواجهة هذا التهديد بأدوات فعالة.

 

ويبقى تواجد مليشيات الحوثي الارهابية على مقربة من المصالح الدولية في البحر الأحمر شكلا أكثر أهمية من إطلاق الصواريخ البالستية كون هذا التواجد يشكل تهديدا لمصالح الدول الكبرى وارتباطاتها الاقتصادية، وعليه فهذا الوجود الحوثي على البحر الأحمر لم يعد شأنا محليا أو حتى خليجيا بل هو مشكلة دولية تستوجب تعاملا دوليا وفق إطار قانوني موجود منذ سنوات هو قرار مجلس الأمن 2216 أي أنه لا كلفة للبحث عن غطاء لأي تحرك دولي قادم لإزاحة المخاطر على حركة الملاحة وإمدادات النفط إلى الأسواق الدولية.

 

استهداف ناقلات النفط في خليج عمان قبالة إيران وخطوط النفط في عمق السعودية من قبل مليشيات الحوثي تم ويتم دوما بأسلحة وأدوات إيرانية وطريقة المعالجة لن تكون مقتصرة على الأدوات فقط بل تستوجب التهديدات الماثلة البدء بقطع رأس الأفعى في طهران لتتوقف سمومها التي ترسلها إلى أكثر من جهة وهدف.

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية