تعليم النساء ثروة مهدورة في المجتمعات العربية
العالم العربي يسير إلى الوراء في مسألة تحقيق التكافؤ بين الجنسين في مجال التعليم، مما يقوض جهودا أشمل لمكافحة الفقر، ويبقى الحل لمجابهة هذه المشاكل وضع تعليم الفتيات ضمن الأولويات.
وذكرت صحيفة العرب اللندنية، أن معظم الدول العربية فشلت في تحقيق المساواة بين الجنسين في التعليم، ولا تزال الملايين من الفتيات خارج مقاعد الدراسة، ويتوقع أن يتفرغن للعمل المنزلي ورعاية الإخوة الصغار والعمل في الأنشطة الزراعية عوضا عن التوجه إلى المدارس. كما تتزوج العديد منهن وهن صغيرات السن، وهو ما يقضي على أي أمل في حصولهن على قدر من التعليم.
وفي وقت تتمحور فيه النقاشات المتعلقة بالتعليم في الدول المتقدمة حول مواضيع تتعلق بجودة التعليم وأهمية تكافؤ الفرص بين الجميع، بغض النظر عن الجنس والخلفية الاجتماعية أو الاقتصادية، وتُمنح الفتيات المزيد من الفرص والامتيازات لتحقيق تطلعاتهن المهنية وضمان حصولهن على وظائف لائقة في حياتهن، ما زالت العديد من الأسر في المجتمعات العربية تنظر لتعليم الإناث على أنه مضيعة للوقت، ويتمحور مستقبلهن في الغالب حول الزواج والعناية بالأسرة.
ورغم الجهود التي تبذلها بعض الحكومات العربية لسد الفجوة بين الجنسين في مجال التعليم، إلا أن نسبة الأمية قد وصلت في صفوف النساء العربيات إلى حوالي 25.9 بالمئة في حين لم تتجاوز النسبة 14.6 بالمئة في صفوف الذكور، بحسب ما كشفت عنه المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو."
ويعكس ارتفاع نسبة الأمية في صفوف النساء تشابك العوامل التشريعية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، حيث تواجه المرأة في المنطقة العربية مجموعة من الضغوط تحد من فرص تعليمها.
وتمثل الصراعات المسلحة التي تشهدها عدة دول عربية عقبة بارزة تحول دون التحاق الفتيات بالمدارس وتسهم في حرمانهن من اكتساب المهارات اللازمة، التي تؤهلهن للحصول على فرصة عمل مستقبلا، مما يجعلهن على الأرجح يتحملن جانبا أكبر من المعاناة الناتجة عن الفقر في مجتمعاتهن مقارنة بالرجال.
توسع دائرة الأمية
يرى الباحث السعودي في القضايا الاجتماعية عبد العزيز الكلثم، أن الأمية ظاهرة عالمية موجودة في كل المجتمعات البشرية، سواء أكانت هذه المجتمعات متقدمة أم نامية، ولكن معدلاتها تختلف طبقا لمستويات الوعي المجتمعي والبعد الحضاري والثقافي لكل مجتمع.
وقال الكلثم في حديث لـ "العرب"، "الأمية قضية معقدة وتدخل فيها العديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية"، مشددا على أن معدلات الأمية في المجتمعات العربية قد وصلت إلى مؤشرات خطيرة.
وأضاف "تقف العديد من الأسباب خلف توسع دائرة الأمية بين النساء في العالم العربي، ومنها تدني المستوى التعليمي للوالدين، وافتقار بعض الدول العربية إلى القوانين التي تلزم الأسر بإلحاق أبنائها بالمدارس، وتتمسك بعض المجتمعات العربية بالعادات والتقاليد التي لا تتقبل مشاركة المرأة في الحياة العامة، بالإضافة إلى انعدام الاستقرار السياسي والحروب، والفقر وضعف الميزانيات المخصصة للتعليم."
وأكد أن ظاهرة الأمية تؤثر بشكل سلبي على التنمية الاجتماعية داخل البلدان، وتساعد على انتشار الجهل بين الناس وقلة الوعي الثقافي والحضاري والفقر والبطالة، وتكون سببا بارزا في تدني مستوى المعيشة وانخفاض دخل الأسرة.
وختم الكلثم بقوله "الشرائح غير المتعلمة تكون على الأرجح الأكثر استدراجا من قبل الجماعات المتطرفة، والأكثر إقداما على ارتكاب السلوكيات المنحرفة كالسرقة وتجارة المخدرات أو إدمانها."