سباق المصالح يقصر عمر المليشيات الحوثية.. وفاق في طهران وصراع في صنعاء
استعرت صراعات قادة العصابة الحوثية في صنعاء للظفر بحصة من المائدة التي تنهشها أنيابهم النهمة للنهب والفيد والسرقة والاستحواذ في الوقت الذي يعيش سكان المناطق التي يتسلط عليها الحوثيون وضعا كارثيا.
مظاهر النهب والاسترزاق الحوثي من أموال الدولة ومصالح الناس والإثراء الجشع لم تعد حبيسة الأدراج والغرف المظلمة، بل أصبحت حديث الناس والسباق على تقاسم المصالح تحول إلى ثقافة ادارية جديدة جلبتها مليشيات الحوثي الإرهابية إلى كل مؤسسات الدولة .
ما قاله سلطان السامعي عضو ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" في صنعاء ضد القيادي الحوثي أحمد حامد مهندس صفقات النهب والفساد واحتكار القرار هو القليل من الحقيقة الماثلة أمام من يراقب فلسفة القادة الجدد في تنمية أرصدتهم وسلطاتهم .
بعد السامعي تحدث علي العماد المعين من قبل المليشيا الحوثية رئيسا للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أيضا لقناة الساحات، مفصحا عن صراع كبير ومتجذر داخل "المجلس السياسي -الرئاسة الانقلابية" بصنعاء منذ أيام الصريع الصماد حسب قوله.
ولم يخالف العماد ما ذهب إليه السامعي حول أحمد حامد المكنى "أبو محفوظ" وتأكيده أنه رفض التعامل معه، ويتعامل مع رئيس ما يسمى المجلي السياسي القيادي الحوثي مهدي المشاط بشكل مباشر وأنه كان قد اعترض أيام الصريع صالح الصماد على تمادي حامد في تجاوز صلاحياته .
وأكد العماد أن هناك قيادات حوثية كثيرة تجاوز عددها الـ 70 مسؤولا ثبت فسادهم وتم الرفع بهم للجهات المختصة غير أنه تم تعيين بعضهم في مناصب وزراء حسب قوله، إضافة إلى غياب شبة كامل لرئاسة الوزراء بصنعاء عن المشهد وتفرد بعض القيادات الحوثية بسلطة القرار .
وأشار القيادي العماد إلى نهب موازنات وأصول 5 صناديق من قبل "حامد" وتعطيل دورها الوظيفي وكذلك الكشف عن تقارير ضد فاسدين تجاوزت ال 200 تقرير لم يتم التعاطي معها من قبل الجهات المختصة حسب حديثه .
وسربت المليشيات الحوثية من خلال إعلاميين محسوبين على أحمد حامد عشرات الأوامر والتوجيهات للشيخ سلطان السامعي حتى توجيه بتعيين مسؤول صغير في مكتب الصحة بمديرية خدير، أكدت جميعها ما ذهب إليه السامعي من احتكار القيادي الحوثي "حامد أبو محفوظ" للسلطة والقرار حيث ترفع إليها كل الأوليات التي تخص المجلس السياسي وحكومة الانقلاب .
ويرى مراقبون أن جراءة السامعي في انتقاد "حامد" وعلى قناة الساحات التي تبث من لبنان إلى جوار إعلام حزب الله والحوثيين وإيران جاء متعمدا من قبل السامعي لإيصال رسالة إلى الحوثيين أنه مرتبط بشكل مباشر مع طهران وأنه شريك على مستوى عالٍ وليس تابعا ولا يقبل التقيد بأوامر حامد ومن خلفه زعيم المليشيا كون حامد هو ذراع عبد الملك الحوثي في صنعاء .
ويشكل السامعي مع قيادات سياسية أخرى ساندت الحوثيين في بداية الانقلاب واجتياح صنعاء وعديد من المحافظات اليمنية والسيطرة على مؤسسات الدولة، وكانت أكثر تطرفا من المليشيا الحوثية، يشكل الجناح السياسي لمشروع إيران في اليمن منذ العام 2008 وقبل ذلك، غير أن الجناح العقائدي المتطرف بدأ التخلص من عناصر هذا الجناح تدريجيا بداية من محمد المقالح وأحمد سيف حاشد وقطران وأخيرا طلال عقلان وحاليا السامعي الذي وجد نفسة مستهدفا برفض أي توجيه أو أمر من قبل أحمد حامد .
صحيح أن هناك تداخل كبير في أسباب الصراع بين قيادات المليشيا الحوثية، وأن المصالح والنفوذ من الأسباب الرئيسة ، غير أن المليشيات الحوثية ترى قياداتها أن التخلص من الشركاء في الداخل حتى المدعومين من طهران أصبح ضرورة لتحصين العصابة من أي انتقاد أو كشف لعمليات النهب والفيد التي تنفذها .
لا يمكن أن تقبل المليشيات الحوثية بدور تنفيذي أو تمنح سلطة إنفاذ لما يسمى "المجلس السياسي" بما فيه رئيسه مهدي المشاط لأن المليشيات تعرف حق المعرفة أن المجلس السياسي ليس إلا واجهة صورية لدولة العصابة الحوثية وحتى رئاسة الحكومة والوزراء هم مجرد أسماء دون سلطة أو مناصب، وأن المدعو الرئيس للدولة وكذا المدعو رئيس الحكومة وصاحب الأمر والنهي هو القيادي أحمد حامد .
تتآكل المليشيات الحوثية من الداخل وهذا الصراع ليس حكراً على صنعاء والقيادات العليا فيها، بل على مستوى كل المحافظات والمديريات حيث لا يمكن إبعاد صراع السقاف وابو كاظم وابراهيم الشامي في محافظة إب، ولا الصراع الذي قاد أمس الأول إلى اقتتال في البيضاء بين قيادات عسكرية في الصف الأول على مستوى المحافظة وسقوط قتلى وجرحى وإيداع القيادات المحلية السجن من قبل قيادات صعدة التي يدعمها حامد وعم زعيم المليشيا المدعو عبد الكريم الحوثي.
تنتظر المليشيات الحوثية تحولات مفصلية بسبب ضراوة الصراع الذي ينخرها من الداخل وهذا الصراع سيقود إلى ظهور تكتلات وجماعات مؤطره داخل بنية المليشيا يجمع بينها المصالح المشتركة والاستهداف من قبل "أبو محفوظ" وكذلك التطورات على المستوى الإقليمي وفي الجبهات .. وكل ما اتسعت دائرة الصراع اقتربت ساعة التفكك والانهيار.