أوكل الحوثيون مهمة الجانب الأمني في العاصمة صنعاء للحاكم الظل عبد الكريم الحوثي في خطوة تشكل اعترافا علنيا من قبل هذه العصابة الإرهابية بفشل كل أدواتها الأمنية في صنعاء.

 

يعد عبد الكريم أمير الدين الحوثي أحد أكثر قيادات المليشيات تطرفا طائفيا وهو أيضا صاحب رؤية استبدادية ولا يملك أي قدرة على التعايش مع الآخرين أو المختلفين معه حتى في إطار البنية الهيكلية للعصابة الحوثية.

 

وذهاب المليشيات الحوثية إلى تسليم الملف الأمني لعبد الكريم الحوثي هو أيضا استشعار لمخاطر مقبلة تنتظرها سواء على مستوى العاصمة صنعاء أو في بقية المناطق التي لا تزال ترضخ تحت احتلاها الهمجي، والتعاطي مع المخاوف الأمنية بتسليم الداخلية لقيادي بهذا الحجم أيضا يكشف عن عدم ثقة بخيارات أخرى من داخل المليشيا الحوثية أو من داخل بنية الجهاز الأمني الذي بقي يعمل معها.

 

مهمة عبد الكريم الحوثي لن تكون تأمين جغرافيا المناطق الخاضعة للمليشيات لأن هذه المناطق تداخلت فيها عوامل صراع قيادات أمنية وعسكرية واجتماعية وأصبحت مهمة تماسكها مرتبطة فقط بحجم المصالح والمزايا التي تتحصل عليها الأجنحة المتصارعة، غير أن المهمة الأبرز للحوثي عبد الكريم ستكون تأمين قيادات المليشيا الموجودة في العاصمة صنعاء من أن تطالهم تصفيات يستشعر هو وابن أخيه ورفقتهم خطورتها.

 

وليس مقصودا هنا بالتصفيات فقط استهدافهم من الداخل بهجمات مسلحة أو اغتيالات بل إن صراع الأجنحة والنفوذ داخل المليشيا الحوثية قد يقود إلى بيع إحداثيات تواجد قيادات كبيرة وتمكين التحالف العربي من استهدافها.

 

ما يبدو ظاهرا أن محاولة المليشيات الحوثية المحافظة على تماسك العائلات الحاكمة قد وصل إلى طريق مسدود وأن الصراع انتقل من النطاق الجغرافي لهذه العائلات جناح صعدة وصنعاء ضد حجة وذمار إلى صراع يتشكل وفقا لمطالب واستحقاقات عدد من العائلات التي تعتقد أنها دفعت ثمنا ثقيلا لإبقاء عائلات أخرى تنعم بامتيازات السلطة والثروة.

 

ومن خلال تعيين عبد الكريم الحوثي في الداخلية يتضح كيف تتحرك قيادة المليشيات مؤخرا لاستنساخ تجربة حكم صعدة على صنعاء بقبضة أكثر توحشا أولا، وثانيا بتجاوز كل المكونات والعائلات التي تتواجد في صنعاء وترى أنها أحق بتشكيل النظام الإداري للمليشيا والمؤسسات في مناطق سيطرتها.

 

تواجد شقيق والد زعيم المليشيا الحوثية في رأس المؤسسة الأمنية يعني تفرد قيادة تشكيلات اللجان الحوثية بالملفات المهمة والأمن هو مفتتح هذا التحول وهنا يصبح تأثير القيادات الأمنية التي كانت ضمن بنية الدولة قبل الانقلاب سواء من أبناء القبائل أو أبناء العائلات الحاكمة الهاشمية تأثيرا هامشيا ونفيا كذلك لوجودها في المعادلة الجديدة.

 

تنكمش العصابة الحوثية القادمة من صعدة بشكل متسارع وتعمل على بناء نموذج آخر من صعدة التي حكمتها من بعد 2011 بشكل منفرد حيث وصلت إلى تمكين الأسرة الحوثية من سلطة القرار.. محمد الحوثي فيما يسمى بـ"المجلس السياسي" وعبد الكريم الحوثي على رأس المؤسسة الأمنية.. وقريبا سيكون هناك قيادة من ذات العصابة لوزارة الدفاع.

 

لم يعد هناك رؤية لتشكيل دويلة حوثية ولا حتى حلم بذلك والمؤشرات تكشف ذلك بوضوح تام.. هناك توجه فقط للحفاظ على القيادة من التفكك أو الانهيار حتى الوصول إلى واقع آخر تراه المليشيات الحوثية ليس بعيدا حتى وهي تتغنى بتحقيق انتصارات جديدة سواء في حجة أو إب -الحشا.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية