يُرى للناظر إلى جامعة صنعاء كيف بدت اليوم ظاهرياً منذ سيطرة المليشيات الحوثية عليها.. من الخارج تُلصق المئات من الشعارات الطائفية وصور قادتها الإرهابيين وعبارات تذكي الطائفية والمزيد من الفرقة بين اليمنيين. دعوات خادعة لقتال "أمريكا وإسرائيل" و مقاطعة "البضائع الامريكية والإسرائيلية" تجددُ بين الفينة والأخرى على أسوار الجامعة التي ظلت طوال عقود منذ إنشائها منطلقاً للعلوم والمعارف، والرقم الأول من حيث جودة التعليم على مستوى اليمن قاطبةً، وعلى البوابات وجدران الكليات تحشد آلاف من الصور لقتلى المليشيات وهي مُحدثة كل ما جدت دفعة من القتلى مع قوات الدفاع الوطني بمختلف محافظات اليمن الملتهبة حرباً.

 

في الداخل، صراعٌ يتمدد منذ عامٍ على الأقل بشكل فائق السرية لمصلحة تمرير الأهداف التي تتطلع إليها أذرع المليشيات، ونهب منظم ينخر خزينة الجامعة. هذا الصراعُ ينسجم مع الهدف العام للمليشيات (تدمير اليمن) ويجري على أكبر قدر من الأهمية، حتى أصبح مؤخراً يظهر على شاكلة "صراع الأطراف" بعد احتدام الخلاف وبلوغه الذروة، وفشل المشروع الحوثي داخل الجامعة في أكثر من سياق، نتيجة تعارضه مع الواقع العام للجامعة من ناحية، ومن ناحية أخرى بسبب ظروف الخلاف المتصاعدة  بين المليشيات الحوثية ذاتها.

 

والمؤكد في التدخلات الحوثي في الجامعة، أنها لجأت لأساليب ابتزاز طالت كليات عدة في الجامعة وأفرغت خزينة الجامعة حتى وصل الأمر إلى إلزام الكليات لاقتراض مبالغ مالية لتنفيذ فعاليات طائفية تصب في جانب "تعزيز التوعية الفكرية" لدى الطلاب وأكاديميي الجامعة كما تقول المليشيات.

 

في الثاني عشر من الشهر الجاري أصدر منتحل صفة وزير التعليم العالي حسين حازب، قرراً باستبعاد رئيس الجامعة  المعين من قبل المليشيات أحمد دغار، دون أن يوضح الأسباب، إلا أن مصادر أكاديمية في جامعة صنعاء أكدت أن قرار حازب كأن مُستعجلاً ولم تبلغ به قيادة المليشيات واتخذ في الأساس نتيجة خلافات حادة بين حازب ودغار. وما أكد هذه الإيضاحات هو القرار الصادر بعد أيام عن مهدي المشاط الذي يرأس ما يسمى بالمجلس السياسي للمليشيات، وقضى قراراه بإعادة الأمور إلى طبيعتها الأولى وتمييع القرار "المُستعجل".

 

وحصلت "وكالة 2 ديسمبر" على تصريحات اشترط نشرها بسرية دون ذكر المصدر، مفادها أن "لجنة إشرافية تابعة للحوثيين تزور جامعة صنعاء بين الفينة  والأخرى، ويتم رفع تقارير أسبوعية اليها عن المستجدات بالجامعة". مبيناً إن اللجنة هذه تتكفل أيضاً بالعمل على توجيه الكليات لتنفيذ فعاليات ثقافية طائفية على أن تتكفل جهات إعلامية تابعة للمليشيات على تغطيتها والترويج لها.

 

أضاف المصدر "يتعرض أكاديميون لمضايقات من قبل المحسوبين على المليشيات، وبين كل حين وآخر يتم إقالة مجموعة من الموظفين، عوضاً عن تعاقد العشرات من المحسوبين على المليشيات في مختلف الكليات وهؤلاء أصبحوا يملكون في الغالب كامل القرار لتسيير أمور كليات الجامعة".

 

يشير مصدر آخر على علاقة وثيقة برئاسة الجامعة "كل ما ينفذ من فعاليات داخل الجامعة يتم تنظيمه وترتيبه والتوجيه بشأنه من قبل الهيئات العليا التابعة  للمليشيات، ويتم تنفيذه حرفياً من قبلها وفقاً للأهداف المرسومة".

 

ولم تشهد جامعة صنعاء عملية تجريف فكري بهذا المستوى من قبل على الإطلاق. وهي الآن - بحسب المصدر - تتعرض لموجة من الحشد الفكري الطائفي لخدمة أجندة إيران في اليمن. لافتاً إلى أن الجامعة صرفت ملايين الريالات التي تجنيها من تحصيلاتها المالية للرسوم الدراسية  لفعاليات أقيمت في احتفاء أبناء طهران بذكرى مقتل صالح الصماد وحسين الحوثي. وقال "صرفت المليشيات نحو نصف مليار ريال في الفعاليات التي أقيمت بعد مقتل صالح الصماد وأغلب هذه الفعاليات أقيمت بكليتي التجارة والشريعة".

 

ونشرت "وكالة 2 ديسمبر" قبل أيام عن مصادرها في الجامعة إن المليشيات الحوثية  أجبرت كلية التجارة  على  اقتراض 20 مليون ريال من مصرف كاك بنك والبريد اليمني لإقامة فعالية  لـ "مالك بن الأشتر" أحد المقربين من الصحابي علي بن أبي طالب.

 

وقال أحد الطلاب في كلية الإعلام إنهم يواجهون صلفاً متعمداً من قبل عمادة الكلية الموالية للمليشيات، وطردهم العميد أكثر من مرة لإجبارهم على دفع مبالغ مالية مقابل السماح لهم بدخول الكلية. واعتبر أن المطالب المالية للعميد أغلبها غير قانونية وهدفها ابتزاز الطلاب لا أكثر.

 

وعانت المليشيات كثيراً في تنفيذ أهدافها داخل الكلية، نتيجة نفور الطلاب من مشاريع الجماعة، وامتناع قطاع واسع من موظفي وأكاديميي الجامعة في تمرير مشاريع الجماعة المدعومة من إيران، إلا إن ذلك لم يمنعها من الاستمرار في خوض هذه المغامرة علها تحقق نجاحاً ما تزال تأمله.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية