استبداد الكهنوت يحيل دكتورا جامعيا إلى حمّال في الأسواق
من سوق إلى آخر في مدينة اب وسط البلاد، يتنقل الدكتور الأكاديمي عبده النمير مُزاحما الحمّالين للظفر بفرصة عند أي تاجر تتوافر لديه بضاعة يبتغي من ينقلها على منكبيه من مكان إلى آخر.
لم يعتد النمير على عمل كهذا وهو دكتور أكاديمي في جامعة إب تخرجت على يديه أجيال من الطلاب، لكن الضرورة أجبرته أن يتحول إلى حمال يطلبه الناس لنقل أشيائهم، بغية منه لتوفير لقمة العيش لبنيه بما تعنيه الكرامة من معنى.
وطبقا لمصادر مقربة من الأكاديمي النمير فإن أوضاعا شاقة أنزلته إلى خط الفقر بعد أن فقد راتبه المُصادر من قبل المليشيا منذ ثلاثة أعوام، ليلجأ إلى خيار مضنٍ فرض عليه قسرا.
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في حين عبر آلاف النشطاء اليمنيين عن قهرهم لحال النمير عقب انتشار صورة له على صفحات التواصل الاجتماعي جرى تداولها على نطاق واسع.
وفي حين أحالت المليشيا الإرهابية جامعة اب إلى منبر طائفي لنشر ضلالتها، يعاني أكاديميو وموظفو الجامعة من ظروف قاسية بسبب نهب الحوثيين مستحقاتهم واستخدامها في أغراض التجنيد والدعم الحربي "مجهود حربي".
وتفيد المعلومات بلجوء عدد كبير من دكاترة جامعة إب وجامعات حكومية أخرى يسيطر عليها الحوثي إلى مزاولة مهن مختلفة لا تناسب مستوياتهم الأكاديمية بعد أن وقعت أسرهم تحت طائلة الفقر المدقع..
وأفادت المصادر أن عدداً من الأكاديميين بجامعة إب وجامعات أخرى خاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية، يلجأون لمهن مختلفة دون معرفة أحد ويحاولون التخفي من معرفة المجتمع لما آلت إليه أوضاعهم البائسة.
ومن جامعة اب وحدها نهبت قيادات الكهنوت زهاء ٣٠٠مليون ريال من الخزانة المالية للجامعة بينما رفعت قيمة الرسوم إلى مستويات كبيرة، بالتوازي مع حرمان الأكاديميين من حقوقهم.
وتتعدى انتهاكات مليشيا الحوثي الكهنوتية بحق الأكاديميين هذا الحد، بل تصل أحيانا إلى حد القتل وهو ما حدث للدكتور فهد سلام أستاذ الحاسوب بجامعة الحديدة في مارس الماضي، والذي قتل في صنعاء، في حين أصيب آخر كان بجواره.
ومثل الدكتور النمير امتهن زميله فؤاد جعدان بيع الذرة المشوية في أبريل/نيسان ٢٠١٨م بأحد شوارع محافظة ذمار التي يدرّس في جامعتها، وذلك لتوفير حاجيات أسرته التي وصلت إلى طريق مسدود في مواصلة الحياة نتيجة انقطاع حقوق عائلها.
واعتدى مسلحون حوثيون في نوفمبر/ كانون الأول ٢٠١٨ على الدكتور عدنان المقطري نائب عميد كلية التجارة بجامعة صنعاء على إثر تقديمه محاضرة في العلوم السياسية تتحدث عن مفاهيم الحكم. حيث اقتحموا القاعة التي كان يلقي فيها محاضرة.
يشار إلى أن مئات الأكاديميين في مناطق سيطرة المليشيا قرروا مواصلة التعليم والاستمرار في تدريس الطلاب، حرصا منهم على مستقبلهم، ولضمان استمرار العملية التعليمية والحد من التدخل الحوثي فيها قدر الإمكان.