لا يتورع زعيم المليشيات الحوثية الإرهابية عبد الملك بدر الدين الحوثي عن تقديم نفسه لأنصاره بأي شكل من الأشكال لتنصيب ذاته وبكل إصرار قائداً ومرشداً، وملهماً مسقيٌ بالأمر الإلهي، فهو يتحوج فقط لمزيد من الشعبية تنفعه في إيقاد شعلة الحرب بنارٍ أكثر استعار، وإطالة أمد الأزمة في اليمن، دون لفت أدنى انتباه تجاه المعاناة الانسانية التي خلفتها حربه وأنصاره على اليمنيين منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وها هو اليوم يطل مُتلفزاً بغير العادة، وبمهمة "القديس" الذي يستجلب النصائح لأعوانه والحاث لـ "الخير" كما يدعي من يتبعه.

 

رُوج مراراً لأحاديث وخطب عبد الملك الحوثي، وصار الرجل تباعاً يرى أنه يقينٌ يحتاجه الناس لقضاء حوائجهم الدنيوية، وبمزيدٍ من التكرار وهدر المصطلحات أطل الحوثي زعيماً للحرب يبذر بالأقوال ويخطب في ساعات طوال لتفخيخ مزيدٍ من عقول أتباعه لمصلحة توسيع قاعدته الشعبية التي يستخدمها في دفع دفة الحرب نحو مزيدٍ من السوء.

 

منذ بداية رمضان قرر الحوثي أن يرتدي ثوباً آخر، خرج مفتياً يفسر القرآن ويتطلع الى مرتبة أعلى من "الألوهية" التي لطالما انتهجها أصحاب البدعة لوصفه بها. يعضُ عبد الملك الحوثي أنصاره ساعةً أو أقل كل مساء يومٍ من رمضان، يستجلب أفكاراً استعراضية كل جدواها أنها تؤجج لمزيد من الطائفية والعنف وتفتيت ما تبقى من النسيج الاجتماعي في اليمن لمصلحة خدمة الأجندة الخارجية (الإيرانية) التي يتولى الحوثي تنفيذها في اليمن بأقصر الوسائل (الحرب على اليمنيين وجيرانهم).

 

أطل الحوثي في الأول من رمضان مفاجئاً الناس ومتحدثاً عما أسماه "الحرب الناعمة" وهو مصطلح أعلنه في خطاب سابق له لـ "تصحيح مسار الأمة" كما يدعي، غير أنه اليوم فسر المصطلح على انه "حرب كبيرة وخطيرة تستهدف الأمة في ثقافتها، تستهدف الأمة في روحيتها، تستهدف الأمة لمسخ هويتها الإسلامية لإبعادها أكثر وأكثر وأكثر".

 

مثيراً الدهشة من غيرته على الدين المعرض للأخطار. لكن قبل هذا الخطاب بيوم واحد كان الحوثي قد وجه بمنع صلاة التراويح وشعائر الإسلام في رمضان وأصمت مساجد صنعاء عن قراءة القرآن، وأثار غضباً شعبياً واسعاً.

 

وتُرجم مصطلح "الحرب الناعمة" الذي ابتدعه الحوثي بتفسير انطوائي، عبر جماعته التي داهمت المحال التجارية خلال الشهرين الماضيين وطمست إعلانات تجارية وترويجية للمنتجات، ومنعها سماع الموسيقي وفرض مزيد من القيود على الاحتفالات المدرسية، "لإخلال ذلك بالآداب العامة" طبقاً لما فسرته المليشيات يومها.

 

لم تخلُ محاضرات الحوثي المؤدلجة من التأليب والدعوة للقتال، وهو يصنف حربه العبثية بأنها "جهاد"، ثم يمضي الى إرشاد الناس للاندفاع الى القتال بشكل أكبر، واهماً إياهم بأن القتال في رمضان "أكثر أجراً" وأن رمضان موسماً ثميناً لأن "يستشهد" المرء فيه، بينما هو الزاعم لنفسه "قائداً للثورة" ما يزال مختبئاً لا يُعرف في أي كهفٍ هو. ويحرص في كل إطلالة على توسيع مهمته في النصح لتشمل "كل الأمة الإسلامية" بدافع طموح لا يدفع ثمنه الا اليمنيين بآلاف من القتلى والجرحى والمشردين.

 

وكان يمنيون عبروا عن استهجانهم لدعوة الحوثي بموجة من السخرة على مواقع التواصل الاجتماعي يوم أمس، عندما قال الأخير حرفياً "كل من يرحلون عن هذه الحياة يأتيهم الموت في الوقت الذي لا يتوقعونه". فكرةٌ وصفها أحد الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بـ "العقيمة" كونه لا طائل منها لأي تفسير أو اعجاز كان يظنه الحوثي.

 

وبمنتهى السخرية أورد أحد الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقه مُعتبراً انه لم تعد ثمة جدوى من "قوانين نيوتن" إذا ظل الحوثي يترك المزيد من هذه الأقوال . يُضيف "محاضرات إيمانية عشان (من أجل) تزيد قداسته ويجمع بين السلطتين الدينية والدنيوي". ويرى آخر من ذات الزاوية أن زعيم المليشيات "يريد أن يغني الناس عن كل ما يتعلق بالدين ويكون نسخة جديدة من القرآن الناطق".

 

امتعاض اليمنيين مما يروج له الحوثي ليس وليد اللحظة، فالأمر دائماً ما يربط بأفعاله وجماعته على الأرض، ولطالما كان تطويع الناس لأفكار الجماعة الإيرانية أمراً غاية في الصعوبة دفع الحوثي ومقربيه الى تغيير الأسلوب وتكثيف الجهد على جانب "التثقيف الفكري" فإن الصخب الشعبي في الاعتراض على تلك المشاريع يتزايد يومياً لصالح الانتماء الوطني.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية