تخرج أم عيسى من بيتها، في العاصمة صنعاء، كل يوم بحثاً عن ولدها، وغالباً ما تتنقل من محافظة لأخرى في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي المسلحة، لعلها تجده في أحد السجون أو الأقسام، لكن دون جدوى.

 

تعيش أم عيسى الحكمي، هذا الحال القاسي والشاق، الذي يدخل شهره العاشر، وتخسر كل يوم جزءا من صحتها، فقد نال المرض نصيبه منها، أما المال فقد خسرته كله، وباعت كل ما تملك، لعلها ترجع بولدها الذي أخفاه الحوثيون، ولا تعلم أهو ميت أو مازال حياً حتى اليوم.

 

وتقول لـ"وكالة 2 ديسمبر" كان ولدي عيسى البالغ من العمر 30 عاماً مسافراً إلى المملكة العربية السعودية، ليلتحق بإخوانه هناك ويشتغل ويُكوّن مستقبله، بعدما ظل ثلاث سنوات يقاتل في الجبهة مع الحوثيين متنقلاً من تعز إلى الجوف ونهم، لكنه بنفس اليوم الذي سافر فيه، أبلغني باتصال هاتفي أن الحوثيين احتجزوه، في ذمار بنقطه أبو علي الوشلي، ومن ذاك الحين لم أستطع الوصل إليه ومعرفة مكانه.

 

وتضيف، كل ما طرقت باباً لمعرفة أين ولدي وما مصيره، يتم نفي وجوده، وكل  جهة تقول لي  عند الجهة الأخرى، زرت السجون في كل المحافظات، والأقسام والبحث الجنائي والنيابات والأمن السياسي والأمن القومي، كلهم ينكرون وجوده عندهم.

 

قصة أم عسى وولدها، نموذج لآلاف القصص المؤلمة والأكثر حزناً، فالحوثيون يقتلون، أو يسجنون ويعذبون من ينشق عنهم، ويتهمونه بالخيانة والعمالة، ولا تشفع لهم السنوات التي قاتلوا فيها من أجلها، ويسجنون ويعذبون من يعترضهم وينتقد سياستهم، ولا يحملون جميلا لأحد، وهو الوجه الحقيقي لميليشيا لا تعرف من الدين إلا اسمه.

 

وقد تكشفت حقيقة ميليشيا الحوثي الطائفية، وبات الشعب يعرفها، وعلى الرغم ن ترهيب المواطنين في المدن الخاضعة لسيطرتها، إلا أن الحوثيين يواجهون الانشقاق في مجتمعات محلية وفي صنعاء ومحيطها.

 

وحقق الفريق الأممي الخاص بمراقبة العقوبات ضد اليمن، في 25 حالة لانتهاك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، تتصل بسلب الحرية ارتكبتها ميليشيا الحوثي، وشملت الاعتقال التعسفي والحرمان من الحرية، والتعذيب، وسوء المعاملة، والاختفاء القسري، وعدم مراعاة الأصول القانونية.

 

ووثق الفريق ثماني حالات للاختفاء القسري، أُبقي فيها المحتجزون في أماكن مجهولة لذويهم لفترات تتراوح بين أشهر وأربع سنوات، وفي خمس من تلك الحالات، لايزال مصير المحتجزين مجهولا لذويهم، ووصل الفريق أيضاً توثيق الحالات التي تستفيد فيها ميليشيا الحوثي من عملية الاحتجاز.

 

ويقتضي القانون الدولي الإنساني تحديدا من السلطات المحتجِزة أن تسجل المعلومات المفصلة المتعلقة بالأشخاص المحتجزين، وأن تسمح لهم بالتواصل مع أسرهم.

 

وواصل الفريق توثيق حالات الأفراد الذين تحتجزهم ميليشيا الحوثي كأسرى بغرض تبادلهم لإطلاق سراح مقاتلين حوثيين محتجزين لدى الحكومة الشرعية، أو لدى القوات المرتبطة بها، ويؤكد الفريق مجدداً أن أي احتجاز لمدنيين كوسيلة لغرض وحيد هو تبادل الأسرى في المستقبل هو بمثابة أخذ رهائن، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي الإنساني.

 

قصصٌ مأساوية كثيرة في معتقلات جماعة الحوثي الانقلابية، ظلمٌ غير مسبوقٍ تمارسه هذه الجماعة التي لا تراعِ قانوناً ولا عرفاً ولا إنسانية، آلاف المواطنين يقبعون في سحون وزنزانات بدون أية تهم، وكل ما في الأمر أن جماعة الحوثي تتاجر بهم، حيث تقوم باعتقال الناس من أجل ابتزاز أهاليهم..

 

وفي ذلك يقول أحد الناشطين الحقوقيين لـ" وكالة 2 ديسمبر" عملية الاعتقالات التي تقوم بها جماعة الحوثي الانقلابية لم تكن وليدة اللحظة بل رافقتها منذ اقتحام صنعاء والانقلاب على الدولة والسيطرة على مؤسساتها.

 

وتابع بالقول:" قامت ميليشيا الحوثي منذ الوهلة الأولى باعتقال عددٍ من المدنيين والسياسيين ورجال الأعمال والمشايخ والوجاهات الاجتماعية والناشطين والصحفيين  وأودعتهم في معتقلاتها السرية، وتم الإفراج عن البعض منهم مقابل أموال أقلها مليون ريال يمني، في حين لا يزال المئات في سجونها، ومن هذه العملية اعتادت جماعة الحوثي الانقلابية الاتجار بالبشر وتكوين ثروة على حساب حرية وقوت المواطنين.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية