ربما فهمت المليشيات الحوثية دعوات المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية الرامية للإفراج عن المعتقلين بشكل خاطئ، وبدلاً من تقبل الدعوة بإيجابية لتطمين الجميع أنها بادرت بـ "حسن نية" ذهبت لتسوق المعتقلين في سجونها -وبالذات في صنعاء- إلى ساحات الإعدام مطبقةً بذلك مشروعها المعروف بمعاقبة الخصوم بالموت، والخصوم في نظر الجماعة هم كل من لا يقفون إلى جانبها حتى وإن لم يكونوا معارضين لها.


 

ولا تضع المليشيات أحداً تحت مقصلتها دون أن تشمعه أولاً بتهمة ناضجة، تتيح لها الظهور أمام أنصارها بأنها تطبق العدالة، وهكذا يصبح المعتقلون متهمين بـ "التخابر مع دول العدوان" كما تسمي محاكم المليشيات الحوثية.. ثم يتخذ الحكم النهائي في حق المعتقلين بأنه أقر عليهم "الإعدام تعزيراً" ويحال الأمر للتنفيذ بعد "أخذ الإجراءات الشرعية".

 

في السادس عشر من يناير كانون الثاني، نددت منظمة العفو الدولية بالأحكام التعسفية التي يستصدرها الحوثيون بعيداً عن صوت القانون بحق المعتقلين. قالت المنظمة حرفياً: "منذ 2016، شهدت اليمن موجة من عمليات الاعتقال والاحتجاز والاختفاء القسري بصورة تعسفية على أيدي قوات الحوثيين". أما اليوم فقد تجاوز الأمر هذا الحد وانتقلت المليشيات الى مرحلة أرفع في عقاب المعتقلين، حتى أصبح الاعتقال بالنسبة لليمنيين أمراً وارداً إلا أنه "ليس في غاية الخطورة"، بعد أن كشفت الجماعة النقاب عن المصير الذي تمنحه لمن تطأ أقدامهم سجونها.

 

حقوقيون في صنعاء تحدثوا عن وضعٍ كارثي ينتظر آلاف المعتقلين في سجون الانقلاب. 
 

أحدهم يؤكد - مفضلاً عدم الإفصاح عن اسمه لدواعٍ أمنية- لـ "وكالة 2 ديسمبر الإخبارية"، أن "التهم المنسوبة للمعتقلين الذين تصدر بحقهم أحكام إعدام كلها ملفقة ولا صحة لها، والمحاكم التي تصدر هذه الأحكام لا تعقد أي جلسة قضائية مع المعتقلين إلا وقد أقرت الحكم مسبقاً".

 

يضيف آخر "كان هنالك معتقلون مشتبه بهم أدخلوا السجون الحوثية، وهم مختطفون من الشوارع ومنازلهم والأماكن العامة ولا علاقة لهم بالحرب، ويقضون فترة طويلة بالسجن يتعرضون فيها لصنوف بشعة من التعذيب، وبعض هؤلاء قتلوا في السجون ودفنوا حيث لا يعلم أحد". مُزيداً "وضع المعتقلين مأساوي وأحكام الإعدام لن تتوقف عند حد معين، فهذا مشروع حوثي بامتياز ولا علاقة له بالمحاكم وهنالك نية بشعة للتخلص من المعتقلين من قبل المليشيات، الأبشع فيها أن التخلص منهم ليس بالإفراج عنهم إنما بقتلهم".

 

خلال أقل من أسبوعين فقط حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة بصنعاء بمعاقبة 117معتقل بعضهم بالإعدام تعزيراً. ففي الـ 25من نيسان/ أبريل الماضي حُكم على ثمانية معتقلين "بالإعدام حداً وتعزيراً" بحضور أهاليهم، وهؤلاء ألصقت بحقهم تهم التعاون مع السعودية، والعمل لصالح القاعدة ومؤازرة تنظيم داعش الإرهابي.

 

أما في الحكم الثاني الصادر في الثامن من الشهر الجاري، أقرت المحكمة ذاتها تنفيذ عقوبات جماعية طالت 109معتقلين، ثلاثة منهم حكم عليهم بالإعدام واحد منهم كانت عقوبته "الإعدام حداً وتعزيراً". والتهمة ذاتها" القتل والعمل لصالح تنظيم القاعدة".

 

أحد أقارب المعتقلين في سجون المليشيات الحوثية، والذي يقطن محافظة مأرب مؤقتاً أكد أن قريبه المعتقل في سجون المليشيات منذ ما يزيد عن سنتين ونصف هُدد من قبل المليشيات بالإعدام". وقال: "يحاولون أن يستخرجوا منه معلومات أثناء التحقيق وعندما لم يجدوا شيئا يخبروه أنهم سيقتلونه". مشيراً إلى أنهم لا يستبعدون أن يقتلوه بعد أن لاحظوا قوائم طويلة من المعتقلين يحكم عليها بالإعدام.

 

تفيد الأنباء أن المعتقلات في مناطق سيطرة المليشيات تعج بالمعتقلين سواء تلك المستحدثة، أو السجون التابعة للدولة، وأغلب هؤلاء مصائرهم مجهولة، ومنهم "113 حالة وفاة تحت التعذيب في المعتقلات غير القانونية التابعة لجماعة الحوثي المسلحة في العاصمة صنعاء وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرتها". وفقاً لتقرير صادر عن منظمة "رايتس رادار" المهتمة بحقوق الإنسان في العالم العربي مطلع يناير الماضي.

 

ولا يرى حقوقيون أملاً في الشأن المتعلق بالمخفيين والمعتقلين في السجون الحوثية إذا ظل الموقف الدولي منها سائباً دون ضغط واضح، فأغلب من في السجون قد يصادفون مصائر بشعة تمارسها المليشيات بحقهم من نزعة انتقامية غير مبررة، آخر ما كشف عنه من قبلها - أي المليشيات - لمعاقبتهم هو "الإعدام".

 

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية