صحيفة أميركية تكشف الأجندة الخفية لمؤسسة قطر الدولية
تزعم مؤسسة قطر الدولية أنها تضطلع بمهمة نبيلة من خلال تبني خط يكون من شأنه الإلهام بإقامة "علاقات ذات مغزى مع العالم العربي" من خلال دعم البرامج في المدارس الأميركية التي تقوم بتعليم اللغة والثقافة العربية.
تناقض مع الدور النبيل المزعوم
ولكن تتناقض تلك الأغراض النبيلة لمؤسسة قطر مع ما ورد في التقارير التي تفيد بأن ماغي ميتشيل سالم، رئيس المنظمة التي تتخذ من واشنطن مقرا لها وتقوم بحياكة المؤامرات ضد السعودية ودول خليجية في إطار ممارسات مستميتة من الدوحة لتنفيذ أجندة خاصة بها والذي أعده مراسل Arab Weekly في واشنطن، توماس فرانك.
ويقال إن ماغي سالم، وهي دبلوماسية أميركية سابقة، وتعمل مديرا تنفيذيا للمؤسسة التي تمولها قطر، أسهمت في تحديد ورسم الخطوط الرئيسية للأعمدة والمقالات الصحافية التي قام خاشقجي بنشرها، وأن ماغي سالم كانت تحفزه وتحثه على اتخاذ مواقف أكثر تشددًا ضد السعودية، بل اقترحت عليه صياغات لهذه المقالات، وفقا لما ورد في تقرير صدر بتاريخ 23 ديسمبر في "واشنطن بوست"، المؤسسة الإعلامية والصحافية التي نشر خاشقجي مقالاته على صفحاتها في الفترة من 2017 وحتى 2018.
مؤسسة قطر وخاشقجي
وطرح الكشف عن هذه الوقائع من جانب "واشنطن بوست" تساؤلات حول مؤسسة قطر، شملت ما إذا كانت المؤسسة تعمل كذراع دعائية لقطر، وما إذا كان خاشقجي مارس دور "أداة تأثير" لصالح قطر خلال فترة إقامته في الولايات المتحدة ونشر مقالاته في واشنطن بوست.
أداة "قوة ناعمة"
ويوضح ديفيد ريبوي، نائب أول رئيس مؤسسة SSG للدراسات الأمنية، أن ما كشفته واشنطن بوست، في بيانها، يُبين كيف أن مؤسسة قطر هي "وسيلة تستخدمها إمارة قطر كإحدى أدوات القوة الناعمة التي عادة ما تؤثر بشكل أو بآخر، في خدمة مصالحها الوطنية"، مشيرا إلى أن الخبراء يميلون إلى تقدير دور "المؤسسات، غير الحزبية، التي لا تهدف إلى الربح"، ولكن فيما يتعلق بمؤسسة قطر [الدولية] فإن الوضع مختلف لأنه تم إنشاؤها بغرض تعزيز أولويات دولة ما".
ويضيف ريبوي: "استغلت ماغي سالم كل الفرص المواتية لصياغة مقالات لخاشقجي، تتخذ مواقف عدوانية وعدائية ضد السعودية التي تعتبرها قطر منافسا رئيسيا لها".
ومن جانبها، نفت ماغي سالم قيامها بأي محاولة للتأثير على السياسة الأميركية من خلال مقالات خاشقجي، زاعمة أنها كانت تعرف الصحافي السعودي منذ 2002، وكانت تتحدث إليه كصديق.
هل لديك وقت لكتابته
وفي بيانها عن ماغي سالم وخاشقجي، كشفت صحيفة واشنطن بوست، عن رسالة بريد إلكتروني يعود تاريخها إلى أغسطس 2018، تحث فيها ماغي سالم الصحافي خاشقجي على كتابة مقالات عن التحالفات السعودية، يكون عنوانها "من واشنطن إلى القدس.. وكيف يضع الظهور المتصاعد لأحزاب اليمين عبر أوروبا" حداً للنظام العالمي الليبرالي، الذي يتحدى انتهاكاتهم في الداخل". وبعدما عبر عن تردده بشأن اتخاذه مثل هذا الموقف القوي، رد خاشقجي على ماغي سالم قائلا: "هل لديك وقت لكتابته؟".
معاملات سرية
وفي مقالته بتاريخ 7 أغسطس في واشنطن بوست، "يبدو أن خاشقجي استخدم بعض اقتراحات ماغي سالم"، حيث ذكرت واشنطن بوست، في بيانها الصادر في 23 ديسمبر، أنه من الواضح أن خاشقجي وماغي سالم تفاهما بوضوح "كيف سيمكن ملاحظة وكشف علاقته مع كيان ممول من قطر". وأضافت واشنطن بوست: "يبدو أيضا أنهما قاما بتذكير بعضهما بعضاً بأهمية الحفاظ على سرية تلك الترتيبات والتعاملات".
شركة العلاقات العامة
وفي الوقت الذي كان فيه خاشقجي وماغي سالم يتواصلان، استأجرت المنظمة الأم لمؤسسة قطر في الدوحة، شركة علاقات عامة دولية لتوفير "التواصل الإعلامي والاستشارة الاستراتيجية، وإجراء المقابلات وتخطيط المناسبات" في الولايات المتحدة، وفقا للسجلات الرسمية التي توصلت إليها واستعرضتها Arab Weekly.
وتكشف السجلات الرسمية أن شركة "أوغيلفي غروب"، قامت بتعيين 5 خبراء علاقات عامة في نيويورك وواشنطن لمساعدة المنظمة الأم لمؤسسة قطر.
أنشطة تأثير سياسي
وعلى الرغم من أن السجلات تشير إلى أن الغرض من إنشاء الشركة هو ممارسة أنشطة العلاقات العامة، والتي يمكن أن يكون من بينها تلميع معياري للشكل والترويج لما يعطي انطباعات إيجابية عامة لبعض الشخصيات أو الكيانات، إلا أن قرار أوغيلفي بإخطار وزارة العدل الأميركية بشأن عملها لصالح المؤسسة الأم في الدوحة يشير إلى أن أوغيلفي كانت بصدد السعي للقيام بمهام تأثير على الرأي لبعض صناع القرار في الساحة السياسية الأميركية.
وقامت أوغيلفي بتقديم وثائقها للسجلات الرسمية، بموجب قانون FARA، الذي ينص على قيام "وكلاء" الحكومات الأجنبية بالتسجيل لدى وزارة العدل، والكشف عن الأنشطة التي يمارسونها "للتأثير على الرأي العام أو السياسة أو القوانين الأميركية".
انتهاك لقانون FARA
ووفقا لما ذكره جيم هانسون، رئيس مجموعة SSG للدراسات الأمنية، في مدونة قام بنشرها مؤخرا، فإنه من المرجح أن يكون خاشقجي قد انتهك هذا القانون، حيث لم يقم بالكشف عن علاقاته مع مؤسسة قطر.
وكتب هانسون في مدونته قائلا: "إن مقالات الرأي التي نُشرت في صحيفة واشنطن بوست ذات النفوذ، تعد بمثابة محاولات مؤكدة لتغيير السياسة الأميركية تجاه السعودية".
تدقيق ومراجعة لممارسات مؤسسة قطر
وتخضع مؤسسة قطر للمزيد من التدقيق لأنها والمنظمة الأم في الدوحة قامتا بمنح مئات الملايين من الدولارات للجامعات والمدارس الأميركية.
ويُظهر تحليل لبيانات وزارة التعليم الأميركية أنه خلال الفترة من يوليو 2012 إلى يوليو 2018، كانت المنظمة الأم لمؤسسة قطر هي أكبر ممول أجنبي فردي للكليات والجامعات الأميركية، حيث دفعت 1.2 مليار دولار. وذهبت كل الأموال تقريباً إلى 6 جامعات أميركية بحجة تشغيل الحرم الجامعي في المدينة التعليمية في الدوحة. وكان هناك أيضا 50 مليون دولار تحت بند "هدايا" لـ5 جامعات أميركية.
فرق شاسع
أما ثاني أكثر المانحين الأجانب سخاء، فقد كانت الشركة الهندية Technologies HCL، التي قدمت ما لا يزيد عن 114 مليون دولار.
وأعطت مؤسسة قطر 31 مليون دولار لعشرات المدارس العامة في الولايات المتحدة خلال الفترة من 2009 إلى 2017، وفقا لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، التي ذكرت أن منح تلك الأموال كان بزعم تشجيع برامج تدريس اللغة العربية في المدارس المتوسطة والثانوية، والإنفاق على تدريب المعلمين وشراء المواد وسداد المرتبات.
أعمال حميدة ذات أغراض خبيثة
ويذكر تقرير من المتوقع أن يصدر قريبا عن "منتدى الشرق الأوسط" الذي يضم مجموعة قوية من المفكرين المحافظين والمناهضين للتطرف الديني في فيلادلفيا، أن "هناك مؤشرات على أنه حتى هذه البرامج الحميدة نسبياً لديها هدف أعمق للتأثير". ويقول تقرير منتدى الشرق الأوسط إن مؤسسة قطر "شاركت في إنتاج مقطع فيديو دعائي ضد السعودية بالتعاون مع قناة الجزيرة".
وتنشر مؤسسة قطر، على موقعها الإلكتروني، أنها منذ إنشائها في عام 2009، قامت بمنح أموال للمدارس في الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة لإنشاء أو التوسع في تدريس برامج تعليم اللغة العربية. وأن مؤسسة قطر تقوم بتمويل 24 مدرسة متوسطة ثانوية في الولايات المتحدة.
ناقوس خطر
ويدق ريبوي ناقوس الخطر للتحذير من الأغراض الخفية على نحو مستقبلي، مخاطبا صناع السياسة والصحافيين والعلماء الذين يقومون بزيارة المدارس، إن "المؤسسات الأكاديمية مثل الجامعات في المدينة التعليمية، هي المقصد الذي تبلغه للتواصل مع كل هؤلاء الأشخاص"
وعلاوة على ذلك، فإن هناك غرضا خفيا يعد "كمكافأة إضافية، يتمثل في إمكانية الوصول إلى آلاف الأهداف المستقبلية القابلة للتأثير عليها من خلال ممارسة عمليات النفوذ أيضًا على الطلاب".
العربية نت