يبدو الأمر غريباً عند الحديث عن نهب المعونات الإغاثية التي تُقدم من أجل المنكوبين والفقراء، إلا أنه لا يبدو كذلك أمام ميليشيا الحوثي التي تستحوذ على المعونات الإغاثية وتعمل على توزيع جزء منها لعناصرها والجزء الأخر تبيعه في الأسواق بدون أي حياء أو وازع ضمير.

 

في الوقت الذي يحتاج 22.2 مليون يمني إلى العون الإنساني ويدخل 15.8 مليون يمني في دائرة المجاعة، بفعل ميليشيا الحوثي، تقوم هذه الميليشيا بالسطو على المعونات الإغاثية وتحرم الفقراء من حقهم في العيش.

 

تتاجر ميليشيا الحوثي بكل شيء في هذا البلد، ووصل بها الحال إلى المتاجرة بالمساعدات الغذائية، ووفقاً لمصادر "وكالة 2 ديسمبر" فقد قامت الميليشيا في مطلع العام 2017 بفرض نفسها على مطاحن البحر الأحمر، وفرضت المدعو أحمد الهادي كمستأجر لمطاحن البحر الأحمر في الحديدة، وهو أحد المقربين من المدعو عبد الملك الحوثي، وأصبح الهادي وكيلاً بنسبة عالية جداً لكل ما يصل من قمح تابع لمنظمة الغذاء العالمي لطحنه أو إعادة تعبئته طيلة الفترة الماضية، وجزء يسير فقط من هذا القمح يتم إرساؤه لتاجر القمح "فاهم".

 

وبعد أن افتضح أمر الميليشيا ببيع القمح والمساعدات الغذائية بأكياس تحمل أسماء وشعارات المنظمات المانحة، فكرت الميليشيا بطريقة جديدة تخفي جريمتها، لتقوم باستبدال أكياس التغليف بأخرى حتى يسهل لها البيع وبدون أن يعترضها أحد.

 

وكانت كميات القمح والمساعدات الغذائية التي في مطاحن البحر الأحمر بالحديدة الأبرز في الصفقات التي تتاجر بها ميليشيا الحوثي.

 

ومنذ العام 2017 وميليشيا الحوثي تقوم بنهب كميات كبيرة من القمح التي كانت تصل لميناء الحديدة وتنقل إلى مطاحن البحر الأحمر في أكياس تابعة للمنظمات الدولية، وتقوم الميليشيا بإعادة تعبئتها في أكياس تحمل اسم "قمح المحسن"، وهي علامة تجارية مبتكرة من قبل الميليشيا وتتبع المدعو أحمد الهادي، وذلك بحسب ما يقوله شهود عيان.

 

في الوقت الذي كانت قوات المقاومة المشتركة تتجه لتحرير مدينة الحديدة وتقترب من مطاحن البحر الأحمر، تعالت أصوات ميليشيا الحوثي بأن استهداف هذه المطاحن يُنذر بكارثة إنسانية ويهدد بحرمان ملايين اليمنيين من الاستفادة من هذه المعونات، في حين أن الخوف الذي يتملك هذه الميليشيا عكس ذلك، فهي حريصة على حماية المطاحن من أجل استفادة المدعو أحمد الهادي الذي يتاجر بالمعونات الإغاثية.

 

كما حذرت حينها منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي من استهداف مطاحن البحر الأحمر عندما بدأت القوات المشتركة بالتقدم من كيلو 10 واقتربت من المطاحن، وقالت: "إذا دُمرت المطاحن أو تعطل عملها ستكون التكلفة البشرية فادحة، فهناك مخزون قمحي كبير يكفي لإطعام 3.5 مليون نسمة لمدة شهر كامل".

 

كان هذا التحذير من قبل منسقة الشؤون الإنسانية يسبق معرفتهم بأن هذه المعونات تذهب لصالح ميليشيا الحوثي، وبلهجة صريحة أصدر برنامج الغذاء العالمي بياناً يتهم ميليشيا الحوثي بالاستحواذ على المعونات الإغاثية والمتاجرة بها دون أن تصل إلى مستحقيها، وهدد بالتوقف عن تقديم المساعدات إذا استمرت ميليشيا الحوثي بنهب المساعدات الإغاثية وبيعها في الأسواق.

 

لم تكن المعونات الإغاثية التي باتت من نصيب ميليشيا الحوثي هي تلك التي في مطاحن البحر الأحمر، بل إن ثمة مخزون قمحي ضخم في مطاحن هائل سعيد ومطاحن الزيلعي ومطاحن يحيى سهيل ومطاحن العودي، وقامت ميليشيا الحوثي بالسطو عليها وحولتها إلى ثكنات عسكرية من أجل حماية نفسها، ولا تهتم الميليشيا بأن تُحول هذه المصالح الخاصة إلى متاريس تحتمي بها وتجعلها مهددة بالخراب والدمار، وهذه الكميات الضخمة لم تتحدث عنها المسؤولة في برنامج الأغذية العالمي بحسب مراقبين.

 

وفي ذات السياق تقول المعلومات التي حصلت عليها "وكالة 2 ديسمبر" إن المدعو أحمد الهادي يرتبط مع مجموعة من المنظمات المحلية والتي أغلبها تابعة للميليشيا، ويشكلون مافيا فساد تستحوذ على المعونات الإغاثية وتتاجر بها وتسخرها لمصلحتها فقط.

 

مصدر مطلع يقول لـ "وكالة 2 ديسمبر" إن المدعو أحمد الهادي يحاول جاهداً عبر وساطات لإخراج مخزون القمح من مطاحن البحر الأحمر بعد سيطرة القوات المشتركة على المنطقة، إلا أنه فشل في ذلك.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية