حين رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، العام الماضي، مجموعة من الهدايا الفاخرة التي قدمها له أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، أصيب الأخير بصدمة وإحراج شكلا لطمة قاتلة لنظام بلاده.

 

لم يكن تميم بن حمد آل ثاني ليعتقد أن هناك أشخاصا قادرين على مقاومة إغراء هداياه التي يستخدمها رشاوى لشراء الدعم والمواقف لنظامه الذي بات مفضوحا في أعين شرفاء العالم.

 

فالنظام القطري دأب على تقديم الرشاوى لكسب عملاء، إلا أن تلك الإستراتيجية لا تصلح لجميع الشخصيات، فبعض الشخصيات الأبية لا ترغب في تلويث سمعتها بالحصول على رشاوى قطرية، تلك الإمارة المتهمة بدعم وتمويل الإرهاب.

 

مجلة "لوفيجارو" الفرنسية، كشفت في تقرير أن ماكرون، رفض خلال زيارته قطر نهاية 2017، الهدايا التي قدمها له تميم بن حمد، الأمر الذي أثار إحراج النظام القطري.

 

وتحت عنوان "إيمانويل ماكرون رفض هدايا الأمير تميم في قطر"، أشارت الصحيفة إلى أنه لدى زيارة رسمية للرئيس الفرنسي إلى الدوحة قبل عام، رفض ماكرون هدايا مضيفه الأمير، في خطوة فاجأت البروتكول القطري الذي اعتاد توزيع الهدايا الثمينة على ضيوفه ممن لهم مصالح معه.

 

ووفقاً للصحيفة، فإن الصحفي الاستقصائي الذي أعد التقرير، وهو الفرنسي جورج مالبرنو، حصل على هذه المعلومات من مصدر دبلوماسي في سفارة بلاده في قطر، وتأكد من وقائعها".

 

فـ"في مساء تلك الزيارة، أرسل الديوان الأميري إلى السفارة الفرنسية جميع الهدايا التي أراد تميم تقديمها، وفقا للتقاليد، إلى إيمانويل ماكرون، الذي قضى يومًا في الإمارة، لكن الإليزيه (قصر الرئاسة الفرنسية) اتصل بالسفارة وطالبهم بإعادة هذه الهدايا إلى الديوان".

 

وبحسب المصدر نفسه، فإن ذلك التصرف فاجأ البروتكول القطري الذي لم يعتد أن يرفض الضيف الهدايا.

 

ونقلت الصحيفة الفرنسية عن أحد أعضاء الديوان الأميري في قطر قوله: "لقد وقعنا عقوداً بقيمة 11 مليار يورو مع فرنسا"، مضيفاً أن "طريقة التعبير عن رضانا للسيد ماكرون كانت هذه الهدايا، وبدلاً من قبولها تمت إعادة الهدايا".

 

وفي زيارته، وقع ماكرون عددا من الصفقات مع الإمارة، بما في ذلك شراء ما لا يقل عن 12 من مقاتلات "رافال" و50 طائرة "إيرباص A321"، فضلاً عن امتياز لخط مترو أنفاق في الدوحة، و"ترام واي" في مدينة لوسيل القريبة من العاصمة القطرية"، حيث سيجري تنظيم مباريات نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022.

 

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن "هذه الفوائد كانت غير متوقعة، لكون الرئيس الفرنسي منذ وصوله السلطة أظهر معارضته الشديدة للدوحة، وحتى خلال حملته الانتخابية، وفي الأشهر الأولى من ولايته.

 

ونقلت الصحيفة عن أحد المقربين من أمير قطر قوله للصحفي الفرنسي خلال الزيارة إنه "على الرغم من معارضة ماكرون للسياسة القطرية، إلا أنه تجمعنا الأعمال التجارية".

 

وعادت "لوفيجارو" إلى موقف ماكرون برفض الهدايا، مشيرة أنه لطالما انتقد، عدة مرات خلال الحملات الانتخابية، تساهل فرنسا مع الإرهاب القطري، بعد الكشف عن تلقي مسؤولين سياسيين فرنسيين هدايا ورشاوى قطرية، عن طريق سفارة الدوحة في باريس.

 

تصرفات أزعجت ماكرون الذي انتقد مراراً تساهل الإليزيه، في السابق، مع النظام القطري، الأمر الذي دعاه إلى رفض هذه الهدايا.

 

من جانبه، قال أحد الدبلوماسيين الفرنسيين المخضرمين في منطقة الخليج، "إنه كان على ماكرون، أن يفعل مثلما فعل برونو لومير، عندما كان وزيرا للزراعة وحصل على ساعة ثمينة من أمير قطر، ووضعها في المتحف الوطني".

 

وعادت الصحيفة قائلة إن "ماكرون أراد أن يبعد عنه أية شبهات جراء الهدايا والرشاوى القطرية".

 

وكان كتاب "أمراءنا الأعزاء" أبرز مؤلفات جورج مالبرنو وكريستيان شينو، الصادر عن دار النشر "لافون" في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2016، فضح تواطؤ الساسة الفرنسيين مع النظام القطري للحصول على الامتيازات الفرنسية في الضرائب.

 

كما رصد الكتاب الهدايا والشيكات التي حصل عليها ساسة فرنسيون من السفير القطري السابق لدى باريس، محمد جهام الكواري.

 

وكالات

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية