الصفقات التبادلية تتحكم في تحديد مصير اللاعبين
إدارتا ناديي الأهلي والزمالك تريد بيع بعض اللاعبين عبر صفقات تبادلية، في ظل عدم الاستفادة منهم في الوقت الحالي، ورغبتهم في جلب لاعبين مميزين.
شهد الدوري المصري مؤخرا حالة من التمرد من بعض لاعبي الأندية، وتحديدا الأهلي والزمالك، بعد أن فكرت إدارتا الناديين بيعهم عبر صفقات تبادلية، في ظل عدم الاستفادة منهم في الوقت الحالي، ورغبتهم في جلب لاعبين مميزين لدعم الصفوف، ويرغب الأهلي في الاستغناء عن لاعبه أحمد حمودي لصالح نادي إنبي، مقابل أن يستغنى الأخير عن لاعبه حمدي فتحي.
أيضا عرض الأهلي على لاعبه أحمد الشيخ الرحيل إلى فريق نادي مصر المقاصة في صفقة تبادلية، لكن هذا العرض قوبل بالرفض التام من قبل اللاعب، وفي نادي الزمالك تفكر إدارة النادي في الاستغناء عن لاعب واحد من بين الثنائي، محمود عبدالرازق “شيكابالا” وعبدالله جمعة، مقابل الحصول على خدمات لاعب الإسماعيلي عبدالرحمن مجدي، أحد أبرز لاعبي الدوري المصري خلال الموسمين الماضيين.
في النادي البورسعيدي المصري، رفض مدير الكرة إبراهيم حسن، الاستغناء عن المهاجم أحمد جمعة إلى الأهلي أو الزمالك في صفقة تبادلية، ويعد أحمد جمعة المهاجم الأكثر تميزا بين الأندية المصرية، وبات مطمعا لكل فريق يبحث عن مهاجم هداف يتميز بتحركات مؤثرة أمام المرمى.
نظرة اللاعبين
يرى لاعب الكرة أن رحيله عن ناديه في صفقة تبادلية، يعتبر تقليلا من إمكاناته الفنية، وهو ما أوضحه لاعب الزمالك عبدالله جمعة، وقال لـ”العرب”، إنه يثق تماما في قدراته الفنية والبدنية، ولا يقل عن أي لاعب آخر في نفس مركزه.
وأوضح جمعة، وهو شقيق لاعب الأهلي صالح جمعة، أنه يحترم تماما رأي الجهاز الفني حول إشراكه بصورة أساسية من عدمه، لكن إذا كان الجهاز الفني فضّل الاعتماد على لاعبين آخرين في نفس مركزه، فمن الأفضل أن يعرضه للبيع أو الإعارة دون الدخول في صفقة تبادلية.
تسيطر حالة الغضب على بعض اللاعبين، خصوصا النجوم منهم، إذا عرض عليهم الرحيل في صفقة تبادلية، وهذا ما حدث مع لاعب الزمالك الموهوب “شيكابالا”، وهو واحد من أصحاب المهارات العالية، لذلك اعتبر الاستغناء عنه إلى أي نادي آخر بمثابة إهانة لتاريخه الممتد مع النادي، لذا رحل للعب في الدوري اليوناني عبر فريق نادي أبولون.
ويشدد غالبية اللاعبين على أنهم أصحاب القرار في تحديد مصائرهم، وليسوا مجرد دمى تحركها إدارات الأندية كيفما تشاء، ووجودهم بصفة مستمرة على مقاعد البدلاء لا يقلل من شأنهم، لأن أغلبهم يطالب بالحصول على فرص المشاركة لإثبات قدرته على إحداث الفارق، لكن إذا كان الرحيل يمثل لهم الخلاص من مقاعد البدلاء، فلا بد من أن يكون بصورة مقبولة.
الأمثلة كثيرة والخطوة مملوءة بالأشواك، فمصلحة الأندية تصطدم برغبة اللاعبين في البقاء وإثبات الذات، وضرورة حفظ ماء الوجه لهم، غير أن لاعب الأهلي السابق أسامة عرابي، يرفض التعامل مع الأمر بهذه الحساسية الشديدة، وقال لـ“العرب”، إنه يجب على اللاعب البحث عن مصلحته والتي تتمثل في المشاركة بالمباريات.
في النادي البورسعيدي المصري، رفض مدير الكرة إبراهيم حسن، الاستغناء عن المهاجم أحمد جمعة إلى الأهلي أو الزمالك في صفقة تبادلية، ويعد أحمد جمعة المهاجم الأكثر تميزا بين الأندية المصرية
وأكد عرابي أهمية أن تتم الصفقات التبادلية بالتراضي دون إرغام اللاعبين، كما أنه لا بد من عقد جلسات بين هؤلاء اللاعبين والمدير الفني للفريق، للتأكيد على قيمتهم وأنهم ليسوا تكملة عدد أو مهمشين، ورحيلهم يكون لصالحهم في المقام الأول، وليس عيبا أن يكون هناك لاعبون أكثر تميزا منهم في نفس المركز.
في صفوف بعض الأندية يتواجد لاعبون يعتبرون مطمعا للأندية الكبرى، وبعيدا عن التعميم، فإنهم يعتبرون مطمعا لناديي الأهلي والزمالك تحديدا، لأن قيمة الناديين تدفع مدربيهما إلى ملء القائمة بلاعبين مميزين، سواء الأساسيين أو الاحتياطيين، وهو ما التفتت إليه الأندية الأخرى، التي تعي تماما كيفية الاستفادة من أكفأ اللاعبين وعدم التفريط فيهم بصفقات تبادلية لا تسمن ولا تغني من جوع.
صفقة تبادلية
تراجع مجلس إدارة نادي الإسماعيلي عن إجراء صفقة تبادلية بموجبها ينتقل إبراهيم حسن إلى الزمالك، نظير الموافقة على ضم عدد من اللاعبين المجمدين بالفريق، وتراجع عن قراره عندما عرض الزمالك انتقال لاعبيه محمد الشامي ومحمد مجدي، إضافة إلى دفع مبلغ 15 مليون جنيه (نحو 850 ألف دولار)، وعزز ذلك رغبة الإسماعيلي في التعاقد مع بعض لاعبي الزمالك المجمدين، رغم رفض أن تكون الصفقة مرهونة بالاستغناء عن لاعبه في بادئ الأمر.
أما الأندية التي لا تمتلك موارد مالية ثابتة، وهي كثيرة في مصر رغم شعبية بعضها مثل، الإسماعيلي والاتحاد والمصري، فإنها تبحث عن الاستفادة المادية الكبرى من لاعبيها المميزين، فهم بالنسبة لها الدجاجة التي تبيض ذهبا، لذلك فالنادي الإسماعيلي من الصعب أن يستغنى عن إبراهيم حسن أو عبدالرحمن مجدي في صفقات تبادلية، كذلك أحمد جمعة في المصري.
وتفضّل هذه الأندية بيع لاعبيها نهائيا بمبلغ مالي ضخم، والاستفادة من هذا المبلغ في ضم عناصر جديدة تفيد الفريق، أو حتى السماح للاعب بالاحتراف الخارجي، وجلب العملة الصعبة من ورائه، وهو ما حدث مع لاعب مصر المقاصة السابق حسين الشحات، المحترف في صفوف العين الإماراتي، والذي يسعى الأهلي لضمه خلال “ميركاتو” الشتاء.
لذا فإن الاحتراف الخارجي وإن كان إلى أحد أندية أوروبا المتواضعة، سيكون مفيدا ماديا للنادي أكثر من بيعه في مصر، بسبب الارتفاع الكبير لقيمة الدولار مقابل الجنيه المصري، أما إذا أبدى أي ناد محلي رغبته الملحة في ضم أي من اللاعبين، يستغل ناديه ذلك عبر الإفراط في طلباته المالية، التي تتخطى 20 مليون دولار.
وتصطدم رغبة الأندية في الاستفادة من لاعبيها المجمدين مع رغبتهم في البقاء والتمسك بالفرصة حينما تأتي، غير أن هناك لاعبين يمثلون عبئا على أنديتهم مع مرور الوقت، ويعتبر لاعب الأهلي صالح جمعة أكبر مثال، وإن كانت التصريحات التي تخرج من النادي تلمح إلى عكس ذلك.
ويبدو مرجحا أن تشهد فترة الانتقالات الشتوية في شهر يناير المقبل، مفاجآت عديدة داخل ناديي الأهلي والزمالك، وعلى أقل تقدير سوف يستغني كل ناد عن 5 لاعبين، وتعويضهم بصفقات مفيدة، لأن الجلوس على مقاعد البدلاء ليس معناه أن يكون اللاعب غير جاهز للمشاركة في أي وقت، بل من حق اللاعب نفسه التمرد على الوضع.
وبالنظر إلى مشوار النجم المصري محمد صلاح، المحترف في ليفربول الإنكليزي فإنه يلوح كواحد من أشهر المتمردين في عالم الكرة، وجاء تمرده على أكبر أندية إنكلترا، فاللاعب عندما انتقل إلى فريق تشيلسي، قادما من بازل السويسري، بناء على طلب جوزيه مورينيو، مدرب “البلوز” وقتها، وجد نفسه حبيسا لمقاعد البدلاء، لذلك فضّل الانتقال إلى نادي فيورنتينا، رغم أنه أحد أندية الوسط بالدوري الإيطالي.
دون التفات إلى الفارق الهائل بين الناديين، وثق صلاح في قدرته على العطاء وتقديم أفضل ما لديه، وحقق ما أراد حينما تنقّل بين الأندية، من فيورنتينا إلى روما، حتى رسى به الحال في ليفربول، ومنه عرف صلاح معنى التتويج بالجوائز الكبرى، فقد كان “الليفر” سببا في حصوله على لقب أفضل لاعب في الدوري الإنكليزي، واقتناص جائزة هداف البريميرليغ.
وقال لـ“العرب”، إن اعتقاد اللاعب بأن وجوده على مقاعد البدلاء مجرد استكمال عدد، فهو أمر خاطئ تماما، فاللاعب الاحتياطي لا يقل أهمية عن الأساسي، لأنه في أي وقت يمكن أن يحتاج الفريق إلى خدماته، وإذا ظهر بمستوى متواضع سيهدر فرصة ثمينة، وإذا تكرر الأمر يضطر حينها الجهاز الفني للبحث عن البديل المناسب.
ويرى نبيه، أن الصفقات التبادلية تفيد اللاعب والنادي معا، شريطة أن تبتعد عن الاستغلال، لأن الأندية باتت أكثر وعيا، حتى أندية الدرجة الثانية والثالثة، ويسعى كل منهم للاستفادة من اللاعبين المتميزين، وطلب مبالغ كبيرة تنعش خزانة النادي، ومن الأفضل الحصول على المال وحرية التصرف في شراء لاعبين مناسبين، بدلا من فرض لاعب بعينه على أي فريق.
وتنذر الصفقات التبادلية ببوادر أزمة في الأفق داخل ناديي الأهلي والزمالك، لا سيما وأن الأخير يصرّ على ضم بعض لاعبين من أندية أخرى، على أن يشمل الاتفاق انتقال لاعب أو آخر من الفريق في سبيل تسهيل الصفقة، بينما يتمسك اللاعبون بأن يقرروا مصيرهم بأنفسهم سواء بالاستمرار واللعب والحصول على فرصة جديدة، أو اختيار المحطة القادمة لهم.
وقد تشهد الغرف المغلقة مشادات بين إدارات الأندية واللاعبين، إذا رفضوا الرحيل عبر صفقات تبادلية، وربما يتلقون تهديدات بالتجميد، ولولا أن لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، حصّنت اللاعبين من بطش الأندية، لامتلأت الساحة الكروية باللاعبين العاطلين.
وتوضع رغبة اللاعب في الاعتبار عند انتقاله من فريق إلى آخر، أو حتى البقاء في ناديه، وبناء على ذلك إذا تقدم لاعب بشكوى إلى الاتحاد الدولي تفيد بإرغامه على الرحيل أو حتى البقاء، يتدخل الفيفا على الفور لإنهاء الأزمة بما يراعي مصلحة اللاعب أولا. وتعرف الدوريات الأوروبية أيضا الصفقات التبادلية، وقد يحدث بعضها الفارق، ويتحول صاحب الصفقة إلى نجم يشار له بالبنان، ومن أشهر هذه الصفقات حول العالم، الثنائي بونوتشي وكالدارا، فقد عاد بونوتشي مع بداية الموسم الكروي الحالي إلى يوفنتوس بعد أن كان يفكّر في الاعتزال، في حين يرتدي كالدارا قميص ميلان قبل أن يرتدي قميص يوفنتوس.
وفي واحدة من أفضل الصفقات التبادلية في تاريخ فريق نادي إنتر ميلان الإيطالي، استقطب النادي اللاعب الأرجنتيني ميليتو والإيطالي موتا، وساهم الثنائي عام 2010 في خماسية تاريخية لم يشهدها تاريخ الفريق، بعد أن انضما مقابل رحيل كل من روبرتو أكوافريسكا وفرانشيسكو بولوزني وريكاردو ماريغوني إلى فريق جنوى، بالإضافة إلى دفع 3 ملايين دولار.
في موسم 2004 أجريت صفقة تبادلية بين الحارس الأوروغوياني كاريني، الذي انتقل إلى صفوف إنتر بالإضافة إلى 10 ملايين دولار، مقابل ضم المدافع الإيطالي فابيو كانافارو إلى يوفنتوس، وأصبح كانافارو أفضل مدافع في العالم عام 2006 قبل الرحيل إلى ريال مدريد وتحقيق لقب كأس العالم، بينما ظل كاريني بديلا لكل من فرانشيسكو تولدو وجوليو سيزار.
في أحد أكبر الصفقات التبادلية في تاريخ الدوري الإنكليزي، دفع فريق تشيلسي 5 ملايين دولار، بالإضافة إلى الحصول على اللاعب أشلي كول من غريمه التقليدي أرسنال، ليساهم كول في تحقيق “البلوز” لثمانية ألقاب، بينما فشل غالاس في قيادة أرسنال للبطولات في أربعة مواسم قبل أن ينتقل إلى توتنهام.
وانتقل زلاتان إبراهيموفيتش في صيف عام 2009 إلى برشلونة مقابل 69 مليون دولار، بالإضافة إلى ضم صامويل إيتو إلى إنتر ميلان، وفيما تألق الكاميروني وحقق خماسية تاريخية مع الإنتر، فإن “إبرا” لم يقدم المستوى المأمول مع الفريق الكتالوني.
صحيفة العرب