تشهد الساحة الاقتصادية في اليمن تصعيدًا متزايدًا من قِبل مليشيا الحوثي، في وقت تبذل الحكومة جهودًا حثيثة لإصلاح المنظومة المالية والمصرفية وإعادة ضبط حركة الاستيراد والتجارة الخارجية.

ويأتي هذا التصعيد كجزء من أدوات الحرب غير المباشرة التي تستخدمها المليشيا، بعد أن عجزت عن تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية حاسمة.

ويحذّر مراقبون من التبعات الكارثية لتحويل مليشيا الحوثي الاقتصاد إلى ميدان للمواجهة، حيث تلجأ المليشيا إلى فرض قيود مشددة على التجار والمستوردين، وابتزاز الشركات، والتحكم بمسارات الإيرادات العامة، ما يضاعف من معاناة المواطنين، ويقوض أي خطوات لإنعاش الوضع المعيشي في المناطق المحررة.

ويرى خبراء أن هذه السياسات تعكس توجهًا ممنهجًا لدى مليشيا إيران في اليمن للسيطرة على مفاصل الاقتصاد الوطني، وتحويله إلى أداة ضغط سياسي ومصدر رئيسي لتمويل عملياتهم العسكرية، وهو ما يضع الحكومة أمام تحديات معقدة تتطلب تحركًا عاجلًا وحازمًا داخليًا وخارجيًا.

وقال الباحث الاقتصادي عبدالحميد المساجدي، في تصريح لـ"2 ديسمبر"؛ إن "الحوثيين يستخدمون الاقتصاد كسلاح موازٍ للمعركة العسكرية، عبر فرض قيود غير قانونية على حركة الاستيراد والضغط على الشركات التجارية والمصارف، ما أدى إلى تعطيل السوق ورفع أسعار السلع الأساسية على المواطنين".

ويرى المساجدي أن "هذه الإجراءات ليست عشوائية، بل تأتي ضمن استراتيجية ممنهجة لإبقاء المناطق المحررة في حالة اختناق اقتصادي، وخلق بيئة فوضوية تعرقل جهود الحكومة في ضبط الاستيراد وتمويل التجارة الخارجية بطرق آمنة وشفافة".

من جانبه، أوضح الباحث الاقتصادي رياض الأكوع، أن "الحوثيين يسعون- من خلال التصعيد الاقتصادي- إلى إفشال أي خطوات تتخذها الحكومة في مجال الإصلاحات المالية والمصرفية، بما في ذلك آليات تنظيم عملية الاستيراد عبر البنك المركزي بعدن".

وأكد الأكوع أن "السيطرة الحوثية على حركة التجارة وتحصيل الرسوم الجمركية والضريبية، حتى على البضائع المارة عبر الموانئ المحررة، تمثل موردًا رئيسيًا لتمويل أنشطتهم العسكرية والإرهابية".

وحذّر الأكوع من أن استمرار هذا النهج "ينذر بمزيد من التدهور الاقتصادي والمعيشي، ما لم يتم تفعيل إجراءات أكثر صرامة- دوليًا وإقليميًا- للحد من مصادر تمويل الحوثيين وإلزامهم بالقوانين المنظمة للتجارة".

ووفق مراقبين، فإن التصعيد الحوثي في الملف الاقتصادي يأتي ضمن محاولات موازية لفرض وقائع سياسية جديدة على الأرض، في وقت تسعى الحكومة لإعادة هيكلة مواردها وضبط عملية الاستيراد بما يضمن توفير السلع وتخفيف معاناة المواطنين.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية