تتفاقم الأزمة الإنسانية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي بشكل مأساوي، حيث أكدت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية دولية أن اليمن تواجه ثالث أكبر أزمة جوع على مستوى العالم، مع وجود ملايين الأرواح على المحك

وفيما تتعدد أسباب هذه الكارثة التي صنعتها المليشيا، تبرز سياساتها كعامل أساسي ومباشر في دفع ملايين اليمنيين إلى حافة المجاعة، محولة الغذاء إلى سلاح في حربها المستمرة منذ سنوات.

أرقام مفزعة وواقع مرير

يعيش اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج حوالي 17.1 مليون شخص إلى مساعدات غذائية عاجلة، بينما تشير التقديرات إلى أن هذا الرقم قد يرتفع إلى 18 مليون شخص قريباً.

ويتعاظم الخطر أكثر بالنسبة للفئات الأضعف، حيث يعاني ما يقرب من نصف أطفال اليمن دون سن الخامسة من سوء التغذية، بينهم 2.2 مليون طفل يحتاجون إلى علاج لسوء التغذية الحاد.

وقد تجسدت هذه المأساة مؤخراً في مديرية عبس بمحافظة حجة، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث توفيت طفلة نازحة جوعاً، وسط تحذيرات من أن أكثر من 41 ألف شخص في المديرية يواجهون خطر المجاعة. 

هذا الواقع المرير يأتي نتيجة مباشرة لتعليق المساعدات الغذائية وتدهور الأوضاع المعيشية بفعل الحرب الحوثية والتضييق على المنظمات والعمل الإنساني.

سياسات التجويع الحوثية تخنق اليمنيين

منذ انقلابها في 2014، انتهجت مليشيا الحوثي سياسات ممنهجة أدت إلى تدمير الاقتصاد الوطني وتعميق الأزمة الغذائية. 

ويمكن تلخيص أبرز هذه السياسات في عدد من النقاط أبرزها: عرقلة المساعدات الإنسانية؛ إذ تؤكد منظمات دولية ومحلية سرقة الحوثيين للمساعدات الإنسانية وتحويل مسارها عن مستحقيها.

وقد أدى ذلك إلى قيام برنامج الأغذية العالمي بتعليق توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين، ما فاقم من معاناة ملايين السكان الذين يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة، كما قامت المليشيا باحتجاز العشرات من موظفي الإغاثة، ما يعيق وصول المساعدات الحيوية.

وتساهم الجبايات والضرائب الباهظة التي تفرضها مليشيا الحوثي على التجار والقطاع الخاص في مناطق سيطرتها، برفع تكلفة السلع الأساسية وإضافة عبء كبير على كاهل المواطنين.

يشار الى أن استهداف المليشيا للبنية التحتية الزراعية تسبب في تدمير مساحات زراعية واسعة وتلويثها بالألغام، ما قلص من الإنتاج المحلي للغذاء وجعل البلاد أكثر اعتماداً على الواردات وأفقد ملايين اليمنيين مصدر دخل أساسي.

 ولم تقف حرب التجويع الحوثية عند هذا الحد، بل استحدثت أسلوباً جديداً واتجهت لتدمير مصدر رزق مئات الآلاف من الصيادين في البحر بافتعال هجمات البحر الأحمر التي فاقمت الأزمة وتسببت في توقف آلاف الصيادين عن العمل، كما انعكس ذلك مباشرة على أسعار السلع وزاد من صعوبة وصول الغذاء إلى السكان.

تداعيات كارثية ونقص حاد في التمويل

أدت هذه السياسات مجتمعة إلى خلق حالة من الانهيار الاقتصادي الكارثي، ما دفع اليمن إلى حافة الهاوية. 

وتزداد المشكلة تعقيداً بسبب النقص الحاد في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية، حيث لم يتم تمويل سوى نسبة ضئيلة من المبلغ المطلوب لعام 2025، الأمر الذي أجبر المنظمات الإغاثية على تقليص برامجها المنقذة للحياة، ما يترك ملايين اليمنيين دون شبكة أمان.

وفي المحصلة النهائية، تؤكد التقارير الدولية والوقائع على الأرض أن المجاعة في اليمن ليست مجرد نتيجة للحرب، بل هي نتاج سياسات حوثية متعمدة تستخدم الجوع كسلاح.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية