رسائل حادة من باريس إلى الرئيس اللبناني لردع حزب الله
تحرك ماكرون انطلق على خلفية مواقف عون من حزب الله وسلاحه والتي كشف عنها في مقابلة مع جريدة لو فيغارو الفرنسية.
تتحدث التقارير في العاصمة اللبنانية عن أن تحركات الموفدين الفرنسيين إلى بيروت في الأسابيع الأخيرة، إضافة إلى الاتصالات التي أجراها السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، قد دفعت الرئيس الفرنسي إلى الموافقة على لقاء الرئيس اللبناني ميشال عون على هامش القمة الفرنكوفونية التي عقدت الأسبوع الماضي في يريفان عاصمة أرمينيا.
وتفيد مصادر أن ماكرون طلب حضور وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل خلال لقائه بعون، ما اضطر باسيل إلى الالتحاق بعمِّه بعد جولة قصيرة له في الكويت وعمان سلّم خلالها زعيمي البلدين دعوة لحضور القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي تعقد في بيروت في يناير المقبل.
ولم تؤكد المعلومات وجود أي تنسيق بين ماكرون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري سبق لقاء الرئيسين الفرنسي واللبناني، غير أن أوساطا متابعة تلفت إلى أن الحريري يحظى بعلاقة خاصة مع الرئيس الفرنسي تعمقت أكثر منذ تدخل ماكرون لحل مسألة استقالة الحريري في الرياض في نوفمبر من العام الماضي. وتضيف المعلومات أن ماكرون الذي تجنب الخوض في مسألة تشكيل الحكومة باعتبارها شأنا داخليا، آثر بعث رسائل واضحة يفهم منها ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة مستندا على معطيات صادرة عن عدة عواصم كبرى.
وقالت مصادر برلمانية لبنانية إن تحرك ماكرون انطلق على خلفية مواقف عون من حزب الله وسلاحه والتي كشف عنها في مقابلة مع جريدة لو فيغارو الفرنسية في 23 سبتمبر الماضي، ملمحا إلى أن الرسائل الصادرة عن بيروت وعلى لسان أول موقع دستوري في لبنان تتّسم بالتناقض والضبابية التي تربك المجتمع الدولي في كيفية التعامل مع لبنان الرسمي. ولفت ماكرون، وفق هذه المصادر، إلى أن الجولة التي اصطحب فيها باسيل الدبلوماسيين الأجانب لتفقد مواقع بالقرب من مطار بيروت، قوبلت برد فعل سلبي من قبل الكثير من العواصم الكبرى التي رأت أن الحكومة اللبنانية ضخّمت من شأن كان من الممكن أن ينتهي بمجرد أن انتهى
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من إلقاء خطابه من على منبر الأمم المتحدة.
وكان نتنياهو قد اتهم حزب الله بتخزين صواريخ وتطويرها في مواقع بالقرب من المطار. ويبدو أن المجتمع الدولي لم يعر مزاعم نتنياهو اهتماما كبيرا، واعتبرها روتينية في سعيه الدائم لاستعطاف المجتمع الدولي. وتقول الأنباء إن ماكرون نقل أجواء دولية رأت في مناورة وزير الخارجية اللبناني سقطة أحرجت الدبلوماسيين واعتُبرت استفزازا، لا سيما ضد الإدارة الأميركية.
ماكرون يوجه رسائل حادة قيلت، بحضور باسيل، مطالبة بالإسراع في تشكيل الحكومة وتجاوز العقد الداخلية التي لا تنتهي
وقالت معلومات من باريس إن ماكرون أراد تذكير الثنائي عون بأن مؤتمر الدول المانحة لمساعدة لبنان “سيدر” استند على سياسة النأي بالنفس التي أعلنت عنها الحكومة اللبنانية. وأضافت هذه المعلومات أن ماكرون طلب أن يكون ذلك واضحا من قبل الحكومة اللبنانية المقبلة باعتبار أن الأمر قاعدة أساسية من قواعد “سيدر”. ورأت أوساط لبنانية أن رسالة ماكرون كانت دقيقة وواضحة وهي في الأصل موجهة إلى حزب الله لوقف تدخله في نزاعات المنطقة، لا سيما في سوريا واليمن.
ورغم أن اللقاء أخذ طابعا دوليا لم يدخل في التفاصيل اللبنانية، إلا أن المراقبين رأوا أن لهذه القمة رسائل حادة قيلت، بحضور باسيل، مطالبة بالإسراع في تشكيل الحكومة وتجاوز العقد الداخلية التي لا تنتهي.
وقرأ المراقبون في لبنان في مواقف باسيل قبل أيام تخبطا واضحا متأثرا بمضمون الاجتماع مع ماكرون، وأن الرجل يسعى بصعوبة إلى مغادرة مواقفه المتشددة، وأنه يسعى إلى الظهور بمظهر المعرقل حتى الدقيقة الأخيرة والظهور بمظهر المعاند للمزاج الدولي المتعلق بحزب الله.
وكانت المعلومات قد قالت إن ماكرون نصح عون وباسيل بعدم تحدي الولايات المتحدة وعدم الابتعاد كثيرا عن مواقف واشنطن لا سيما تلك المتعلقة بإيران وحزب الله. وأضافت هذه المعلومات أن ماكرون لفت إلى أن حزب الله يجاهر بامتلاكه صواريخ بعيدة المدى وأنه لا طائل لبيروت في نفي ذلك أو تبريره.
مسألة إعادة النازحين السوريين والتي يطالب بها عون كما وزير الخارجية باسيل لا يمكن أن تجري بمعزل عن سياق دولي، وأن الحرص على ذلك يتطلب أن يصدر عن حكومة لبنانية تمثل لبنان ما يستدعي تشكيل الحكومة.
وتؤكد مصادر لبنانية أن رسائل ماكرون سمعت بقوة في بيروت وساهمت في حلحلة العقد بحيث بدأت وسائل الإعلام المحلية تتداول التشكيلة الحكومية المحتملة مع توزيع دقيق للحقائب وأسماء الوزراء.
وقالت إن الحريري كثف اتصالاته التي شملت القوات اللبنانية لحل العقدة المسيحية، طالما أن كافة المعطيات تتحدث عن حلحلة أنجزت بشأن العقدة الدرزية.