يظل 17 يوليو 1978، حدثًا مفصليًا في تاريخ اليمن، وتزداد أهميته من أهمية المرحلة التي يمر بها الوطن حيث أطلت الإمامة الكهنوتية مجددًا بأسوأ نسخها ممثلة بمليشيا الحوثي الإيرانية، التي تعمل بقوة السلاح على العودة بالشعب لعهد تقبيل الرُّكب وجعل اليمن شعبًا بلا دولة تأكله ويلات الحروب.

في ذلك التاريخ 17 يوليو من العام 1978، وبعد مقتل رئيسين في شمال اليمن ورئيس في شطرها الجنوبي، قرر مجلس الشعب في شمال اليمن إسناد مهام رئاسة الجمهورية للمقدم علي عبدالله صالح وبإجماع وتأييد أعضاء المجلس. وفي ذات اليوم ألقى المقدم علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية كلمته الأولى كرئيس وقائد للجيش ومسؤول عن الشعب وحارس للنظام الجمهوري.

كانت اليمن حينها تمر بحالة اضطراب تجعل من قائد البلاد والرجل الأول فيها محط مخاطر ومؤامرات لا تغري أحدًا بالاقتراب من كرسي الرئاسة الملغوم بصراعات متداخلة.

تصدر المقدم علي عبدالله صالح المشهد وتصدى للأخطار وأعلن في كلمته الأولى عما يشبه برنامجًا عامًا وضع خطوطه العريضة مبكرًا.. وبكلمات قليلة رسم صورة واضحة، وبشجاعة كبيرة، لمرحلة جديدة في تاريخ اليمن.

خاطب علي عبدالله صالح اليمنيين في الداخل والخارج.. هكذا ذكرهم في كلمته وكانت تلك الالتفاتة تعبيرًا جليًا عن مكانة الإنسان اليمني في برنامج وذهن الرئيس الجديد، وهذا ما تجلى لاحقًا طيلة 33 عامًا من وجوده على كرسي الرئاسة، حيث كان للمغتربين حضور في خطاباته وبرامجه وزياراته للخارج.

وإلى جانب الإنسان الذي ركز عليه رئيس اليمن الجديد حينذاك، كان الوطن محور الهم والاهتمام والنظام الجمهوري والديمقراطية والتنمية والحرية وكذلك الحفاظ على مكتسبات ثورة 26 سبتمبر المجيدة.. كل ذلك شكل صورة عن قائد يمني يحمل رؤية مختلفة وشجاعة لتنفيذ هذه الرؤية.

قالها المقدم علي عبدالله صالح في أول خطاب له؛ مهما كانت الخطوب فلن تزيده إلا صلابة وقوة، وعاهد الشعب على النهوض بهذه المهمة الجسيمة وكان عند عهده قائدًا يمنيًا أصيلًا في انتمائه للجمهورية وحفاظه على ثورة 26 سبتمبر ومكاسب الشعب العظيمة.

لقد مثل يوم 17 يوليو من عام 1978م لحظة فارقه في تاريخ اليمن الحديث وانتقالًا باليمن إلى فضاء جديد بقيادة حكيمة وشجاعة أرست تقاليد جديدة في مواجهة الخطوب والمخاطر تقوم على الحوار والحسم، وبمرونة ذكية تجاوزت كثيرًا من الفخاخ والندوب في الجسد اليمني المنهك بصراعات مستعرة.

وكما في كل نضالات الشعوب واللحظات الفارقة التي تقترن بقادة صنعوا مجدًا لأوطانهم وتصدروا المشهد حين غادر الآخرون.. كان الضابط الجمهوري الشجاع يتصدر بثبات لقيادة شعب ورئاسة دولة تقع في جغرافيا كثيرًا ما جلبت لها الأطماع والمؤامرات.

ضابط شاب تدرج بكفاءة في مناصب عسكرية وفرض احترامه على رفاقه وحاز ثقة كل من زامله جنديًا وقائدًا.. يتقلد هذا الضابط مهمة جسيمة وأثبتت السنوات أنه كان ربان سفينة شجاعًا وماهرًا تجاوز باليمن خطوبًا ومؤامرات وصمد، ربع قرن، يقارع كل مكامن الشر والتآمر.

كانت البداية وثبة أصيلة لقائد حميري لا يهاب الخطوب ولا يترنح عند اشتداد العواصف.. وكما تصنع البدايات الإنجاز وتخلد الكبار، كان علي عبدالله صالح صاحب إنجاز وكبيرًا كبداياته التي ناطحت الجبال صلابة وشموخًا.

قالها في أول يوم؛ حملنا أكفاننا على أكفنا، وبالفعل ما كان لمثل الزعيم علي عبدالله صالح إلا أن يرحل عن الدنيا شهيدًا وبالطريقة التي تليق به زعيمًا جمهوريًا ضد الإمامة. 

تحتاج اليمن اليوم قائدًا بمواصفات وصفات وصلابة علي عبدالله صالح ليعيد إلى اليمنيين عبق عقودٍ ثلاثة من التنمية والأمن والسلام والحرية والديمقراطية والمحبة والتعايش. 

وتأتي ذكرى 17 يوليو 1978م لتعيد إلى أذهان اليمنيين أن في كل المراحل والخطوب، وإن اشتدت قتامتها، سيظهر قائد يحمل هم اليمنيين ويصنع فجرًا من قلب هذا الظلام الحالك الذي استبد بأيامنا وليالينا منذ غادر ذلك الضابط الشجاع ناصية القيادة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية