تقرير إخباري| الحرب الاقتصادية تدخل مرحلة حرجة
دخلت الحرب الاقتصادية مرحلة حرجة بعد أن نجحت الحكومة الشرعية، عبر البنك المركزي اليمني، من عزل مليشيا الحوثي الإيرانية عن الاتصال بالعالم الخارجي من الناحية المالية، ووضعت حدًا لسياسات المليشيا الممنهجة المدمرة للقطاع المصرفي والاقتصاد اليمني بشكل عام والهادفة إلى إفقار الشعب اليمني.
وفي المستجدات، وأمام الهستيريا التي بدت واضحة على زعيم مرتزقة إيران في اليمن المدعو عبدالملك الحوثي، هرع المبعوث الأممي إلى اليمن "هانس غروندبرغ" لإنقاذه مطالبًا الحكومة الشرعية بوقف إجراءات البنك، وهو الذي التزم الصمت تجاه كل سياسات المليشيا الإيرانية المدمرة للاقتصاد اليمني!
وأمام ذلك، وضع مجلس القيادة الرئاسي في اجتماع طارئ له اليوم، النقاط على الحروف مؤكدًا تمسكه بإجراءات البنك لحماية الاقتصاد اليمني، والاستعداد- في الوقت نفسه- للمشاركة بجدول أعمال واضح في أي حوار حول الملف الاقتصادي، بما في ذلك استئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة الوطنية، وإلغاء كافة الإجراءات التعسفية بحق القطاع المصرفي، ومجتمع المال والأعمال.
ونوه المجلس في هذا السياق، بالإصلاحات التي تقودها الحكومة والبنك المركزي اليمني من أجل تحسين الظروف المعيشية، واحتواء تدهور العملة الوطنية، وحماية النظام المصرفي، وتعزير الرقابة على البنوك وتعاملاتها الخارجية، والاستجابة المثلى لمعايير الإفصاح والامتثال لمتطلبات مكافحة غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب.
وأكد المجلس مضيه في ردع الممارسات التعسفية للمليشيات الحوثية الإرهابية، مع انتهاج أقصى درجات المرونة، والانفتاح على مناقشة أي مقترحات من شأنها تعزيز استقلالية القطاع المصرفي، والمركز القانوني للدولة في العاصمة المؤقتة عدن.
دوافع قرارات البنك
"منذ عام 2016، إبان نقل مقر البنك المركزي من العاصمة اليمنية صنعاء بعد سيطرة جماعة الحوثيين عليها بقوة السلاح، والمحاولات مستمرة لإقناع الجماعة بالإيفاء بالتزامات البنك المركزي وتوفير الشروط الملائمة لممارسة النشاط المصرفي بكل حيادية وشفافية في المناطق التي يسيطرون عليها"، وفقًا للدكتور أحمد المعبقي، محافظ البنك المركزي اليمني.
يضيف الدكتور أحمد: "البنك المركزي صبر على كثير من التجاوزات والاستفزازات والانتهاكات لعل الطرف الآخر يسمع لنصح محبيه، وهم كثر في المجتمع الدولي، ويوفر الحد الأدنى من الظروف الملائمة لعمل القطاع المصرفي".
لكن المعبقي، الحاصل على بكالوريوس في العلوم المالية والاقتصادية من جامعة البترول والمعادن قبل نحو 4 عقود، يعبِّر عن أسفه لعدم التزام مليشيات الحوثيين، ويقول: "للأسف المليشيات تجاوزت كل الخطوط الحمراء، التي لا يمكن السكوت عنها، والتي باتت تهدد الاقتصاد الوطني والنظام المصرفي بأكمله، وتهدد تعاملاتنا مع العالم".
وشمل قرار وقف التعامل البنوك التالية: «التضامن»، و«اليمن والكويت»، و«اليمن البحرين الشامل»، و«الأمل للتمويل الأصغر»، و«الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي»، و«اليمن الدولي».
تجفيف العرض النقدي
قرارات البنك المركزي اليمني الأخيرة، وفق خبراء اقتصاد، قطعت اتصال مليشيا الحوثي الإرهابية بالعالم من الناحية المالية، كما أدت إلى تجفيف العرض النقدي الدولاري الذي كان يتدفق عبر الحوالات.
ويرى الخبراء أن "إجراءات البنك المركزي في عدن لم تكن تستهدف البنوك بحد ذاتها، بل اقتصاد مليشيا الحوثي".
وتعليقًا على الهستيريا التي بدت ظاهرة على زعيم مرتزقة إيران في اليمن عبدالملك الحوثي، يرى خبراء الاقتصاد أن "هذا أقل ما يمكن أن يظهر به الحوثي، الذي يعلم أكثر من غيره أنهم استفادوا من القطاع المصرفي منذ انقلابهم حتى الآن استفادةً كبيرةً في تهريب الأموال وتمويل السلع، وحتى في استيراد قطع غيار الأسلحة والطائرات المسيّرة".
سحب البساط من مليشيا الحوثي بالنسبة للبنوك له تبعات عدة، من ناحية أولى قطع الاتصال مع العالم من الجانب المالي، فلم يعد بإمكانها الاتصال مع العالم أو إجراء حوالات قانونية ضمن النظام المالي العالمي.
وفضلًا عن ذلك، معظم الحوالات الواردة من الخارج كانت تصل إلى مناطق سيطرة الحوثيين، التي تضم وكلاء التحويلات الدولية الرئيسيين مثل ويسترن يونيون وموني غرام وغيرهما، أما الآن، بعد هذه العقوبات ومنع الحوالات الدولية فسوف تتحول كل الحوالات الواردة لمناطق الشرعية، وبالتالي لن يكون لدى الحوثيين أي عرض نقدي من الدولار سوى ما يتم تحويله من مناطق الحكومة الشرعية، ولذلك نسمع هذا الصراخ من الحوثيين لأنهم يعرفون مدى تأثير ذلك فيهم.
الخبير الاقتصادي الدكتور رشيد الآنسي، وصف في حديث لصحيفة الشرق الأوسط، القرارات الأخيرة بـ"القوية والاستثنائية"، وقال: "منذ الانقلاب الحوثي ونقل البنك المركزي إلى عدن، لم تُتَّخذ مثل هذه القرارات، وبعد تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية والقرصنة في البحر الأحمر واستهداف السفن تَغيَّر المزاج الدولي".
الدكتور أحمد المعبقي، في معرض تفسيره لهذه القرارات الحاسمة، أشار إلى أن "تصنيف جماعة الحوثيين إرهابيةً خلق وضعًا صعبًا للقطاع المصرفي برمته، وليس البنوك الواقعة تحت سيطرة الميليشيات فقط، ما حتَّم على البنك المركزي التحرك لتوفير الحد الأدنى من المعايير المصرفية، التي يقبل بموجبها العالم التعامل مع أي بلد".
قرار سيادي... لا علاقة له بالوضع الإقليمي أو الدولي
وشدد المعبقي فور إصدار القرار رقم 20، على أن "القرار يمني سيادي، ذا طابع نقدي ومصرفي، ولا علاقة له بالوضع الإقليمي أو الدولي".
ولفت إلى أن "أخطر الانتهاكات والتجاوزات (للحوثيين) الإقدام على سك عملة مزورة بواسطة كيان غير شرعي ولا قانوني وإنزالها للتداول، وهنا بات محتمًا على البنك المركزي وضع حد لهذه الانتهاكات الصارخة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهو ما لقي تفهمًا ودعمًا إقليميَّين ودوليَّين"، على حد تعبيره.
وتابع: "البنك المركزي يعمل وفقًا للقانون وليس وفقًا للتوجيهات والتوجهات"، محذرًا الحوثيين بقوله: "ماضون في تنفيذ القرار بكل مراحله، وفقًا للخطة المقررة، كما أننا منفتحون على الحوار للوصول إلى حلول، ولا نرغب في التصعيد ولا التعقيد، ولكن لن نسمح باختراق المعايير وتجاوز الخطوط الحمراء".