الوحدة في القاموس الحوثي.. شعار لتمزيق البلد وتسليم شماله لإيران
فرضت مليشيات الحوثي انفصالًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا معاشًا على الأرض بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة لسيطرتها منذ تسع سنوات، ورغم كل ذلك لا تتوانى عن التشدق بالوحدة اليمنية والعزف على الشعارات، كاشفةً عن أقبح صورة من صور الانفصام.
تعود الذكرى الرابعة والثلاثون للوحدة اليمنية دون طرفها الشمالي أو جزء واسع منه على وجه الدقة؛ إذ يعيش انفصالاً فعليًا على الأرض منذ 9 أعوام كُرس في ظل سطوة مليشيا الحوثي، انفصالًا لا يقف عند حد تقسيم الأرض ونصب الحواجز وفصل المدن وتكريس العنصرية والطبقية وزرع الكراهية للآخر؛ بل وصل به الحد إلى سلخ اليمني عن هويته وقوميته التاريخية والعربية، ومزقت المليشيا نسيجه الاجتماعي، لحساب هوية كهنوتية تفرز المجتمع والجغرافيا على أساس نفاق وإيمان بمعيار القبول والرفض لمشروع السلالة.
ومعيار الإيديولوجيا عابر للحدود، لا يؤمن بالأوطان في قاموسه، لذلك اندمج مصير المليشيا الحوثية مع مصير الضاحية الجنوبية بدلًا عن جنوب اليمن، ورأت على لسان المدعو المشاط أن الوحدة مع أحزان إيران أولوية قصوى على حساب الاحتفال بأهم الأعياد الوطنية في التاريخ اليمني الحديث.
ومنذ يومها الأول باشرت المليشيا إجراءتها الانفصالية، بإلغاء العمل بدستور الوحدة اليمنية، ممارسةً نظام حكم خاص، يحاكي تجربة الحكم في إيران، وأحدثت انقسامًا اقتصاديًا بين مناطق سيطرتها والمناطق المحررة نتج عنه مضاعفة الأعباء الاقتصادية على المواطنين، ولم ينتهِ الأمر باستحداث منافذ جمركية منفصلة لكل ما هو قادم من جنوب اليمن.
كما أقدمت المليشيا على عملية تغيير جذرية في المناهج التعليمية وتحويلها إلى مناهج طائفية، تتوافق مع مشروعها الإمامي، لا تمت للجمهورية بصلة، وتخلو من أي اعتبارات تعمق الارتباط بالوحدة اليمنية.
ولا غرابة في الأمر؛ فذلك ديدن الإمامة منذ قرون، وكما يمثل الفكر الإمامي خطرًا على وحدة اليمن لاعتبارات اجتماعية وسياسية وفكرية وطائفية، فإن وحدة اليمن بنظر الإمامة تشكل خطرًا يهدد بزعزعة قبضتها المحكمة على بعض المناطق في شمال البلاد، والتي تعدها مركز ثقلها الديني والتاريخي.
وعلى الرغم من محاولات المليشيا الحوثية المستمرة في التشدق بالوحدة، تسقط كلها أمام العهد العالق في الذمة؛ كونها كيانًا لا ذمة ولا عهد له.