المحرر السياسي | ذاكرة يقظة
منذ الأمس، والصوتُ اليمني يتردد صداه إلى الحد الذي لم تتصوره مليشيا الحوثي الإرهابية وقد ساورها الظن أنها نجحت في إقناع اليمنيين على القبول بمحو تاريخ الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح وإزاحته كُليًا من ذاكرتهم، بيد أنها شعرت بالصدمة وهي تتابع اليمييين يهتفون بصوتٍ واحد "جامع الصالح".
اختبرت المليشيا الحوثية التابعة لإيران ذاكرة اليمنيين فوجدتها يقظة في أعلى درجات النباهة، أدركت سوء أفعالها وهي تحاول حرف أنظار الناس إلى مفاهيم ركيكة وأفكار طارئة، وكان اختبار الأمس بمثابة الصدمة التي وقعت على الجماعة الإرهابية بعد سنوات من التدبير المتقن في سياق تجريف الهوية والوعي العام، والذي آل في النهاية إلى فشلٍ ذريع.
من الطبيعي أن يُظهر اليمنيون كل هذا الانتماء وكل هذا الإصرار على مواجهة دعايات الخرافة ومؤامراتها؛ فالحوثية حركة طارئة انكشفت عمليًا لسنوات، فأدرك اليمني أنه مُطالب- أكثر من أي وقت مضى- بالحفاظ على ماضيه حتى لا تلتهمه نيران الإمامة، والدفاع عن التاريخ جانب من التمسك بالهوية الوطنية التي لطالما عمد الحوثيون إلى تشويهها والنيل منها؛ كونها لا تتطابق مع مشروعهم السلالي الطائفي.
لقد أصبحَ جامع الصالح اليومَ رمزًا دالًا على الهويةِ اليمنيةِ، يُعبّر عن تمسك اليمانيين بتاريخهم في مواجهة كلِّ المشاريع الهدامة التي تحاول استبدال وتغيير وتحريف كلِّ ما يمت لليمنِ وأهلِهِ بِصِلةٍ، وقد أظهر اليمنيون، من خلال تمسكهم باسم جامع الصالح، هذا المَعْلَمِ الدينيِّ العريق، أنهم متمسكون بهويتهم ومستعدون لمواجهةِ المشاريع الهادفة إلى النيل من هويتهم بأي شكل كان.
إن جامع الصالح، بما يحملُه من رمزية، يُعد تجسيدًا للإرادة القوية والتحدي الذي يُواجه به اليمنيون كلَّ ما يهدد ماضيهم، وفي كل مرة تُحاولُ قوى الظلام طمس هذه الرمزيةِ، يزداد الشعب تمسكًا وإصرارًا على الحفاظِ على هويته وتاريخه دون تململ أو مهادنة، وهي بمثابة دعوة للتوحد في مواجهة الخرافة والتصدي لمؤامراتها الرامية إلى اجتثاث الرمزيات الوطنية والتاريخية ومصادرة الإرث الوطني.