التجارة العالمية تدفع ثمن التراخي الدولي مع المخطط الإيراني لعسكرة البحر الأحمر (تقرير)
بعد سنوات من التجاهل الدولي لجرائم مليشيا الحوثي المدفوعة إيرانيًا بحق اليمنيين، ها هو العالم أجمع يدفع الثمن الباهظ؛ فالإرهاب الحوثي شب عن الطوق، ولم يعد يقتصر على استهداف الشعب اليمني وحقوقه؛ بل تحول إلى تهديد حقيقي للتجارة العالمية والاقتصاد العالمي وفق ما كان يخطط له النظام الإيراني منذ اتخذ قرار إنشاء هذه المليشيا في اليمن من منطلق موقعها الجغرافي الاستراتيجي.
في الأسابيع الأخيرة، شنت مليشيا الحوثي هجمات متكررة على سفن تجارية بالبحر الأحمر، أحد أهم مسارات الشحن البحري في العالم، حيث تعبر 10% من حجم التجارة العالمية، بما في ذلك النفط والغاز والغذاء والمساعدات الإنسانية، وتصاعدت الهجمات الحوثية عقب تصريح وزير الدفاع الإيراني بأن البحر الأحمر بات منطقة نفوذ لبلاده، متوعدًا بتنفيذ أعمال عدائية ضد الولايات المتحدة الأمريكية وأي دولة أخرى تستهدف ذراع طهران في اليمن (مليشيا الحوثي).
تصريح وزير الدفاع الإيراني وضع الأمور في مسارها الطبيعي دون مواربة، وكشف أن "نصرة غزة" مجرد لافتة ترفعها طهران وذراعها الحوثي في اليمن، للتضليل وإخفاء الأهداف الحقيقية التي تسعى لتحقيقها، وهي لا تختلف عن شعارات الحوثي الزائفة "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل"، التي يقتل تحت يافطتها الشعب اليمني.
بات العالم، اليوم، أكثر إدراكًا بأن الهجمات لم تكن مجرد أعمال قرصنة فحسب؛ بل إرهابًا إيرانيًا ممنهجًا يهدف إلى إرباك النظام العالمي واستخدام البحر الأحمر ورقة ضغط في المفاوضات الإيرانية المتعلقة بملفها النووي.
هذه الهجمات أثارت قلقًا دوليًا كبيرًا، ودفعت بعض الشركات الناقلة إلى تغيير مساراتها أو زيادة تكاليف التأمين والحماية.. كما ألقت بتأثيراتها السلبية على سلاسل التوريد العالمية، حيث تسببت في تأخير وصول السلع الأساسية- كالغذاء والدواء والوقود والمواد الطبية والمساعدات الإنسانية- إلى الأسواق، وارتفاع أسعارها، ونقص في العرض.
ولا شك أن اليمنيين أكثر المتضررين من هذه الهجمات، التي تهدد بمضاعفة معاناتهم الإنسانية الناتجة عن الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي للعام التاسع على التوالي.
أغرقت كارثة انقلاب مليشيا الحوثي وحربها المستمرة من تسع سنوات، اليمن في أسوأ أزمة إنسانية عالميًا؛ إذ جعلت الشعب غير قادر على الوصول إلى الأساسيات الضرورية للحياة، وفاقمت معاناتهم من الجوع والفقر والمرض، وقد دفعوا ثمنًا باهظًا لمواقف الدول وصمتها عن جرائم أدوات إيران.
لطالما غض العالم النظر عن تصريحات المسؤولين الإيرانيين حين سيطرت مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء، التي أكدوا فيها: "سيطرنا على رابع عاصمة عربية بعد بغداد ودمشق وبيروت".
اليوم، العالم أجمع يدفع الثمن، غير أن التكاليف التي يبدو أن على الشعب اليمني تحمّلها ستكون أكثر بكثير؛ إذ ستتضاعف الأعباء على كاهله جراء تداعيات قرصنة وإرهاب مليشيا الحوثي التي لا تأبه لأوضاع ولقمة عيش المواطن اليمني، ولا ضير عندها أن تراه يتضور جوعًا إذا كان في ذلك مصلحة لأوراق إيران التفاوضية.