المحرر السياسي| العالم يستيقظ على إرهاب الحوثيين
ظلت حرب مليشيا الحوثي الإرهابية المستعرة ضد الشعب اليمني، طيلة تسع سنوات، حبيسة الجغرافيا الوطنية، يتجرع آلامها ويكابد تداعياتها المأساوية اليمنيون وحدهم لا سواهم. كان العالم كلما نُبه إلى خطر المليشيا كتهديد عابرٍ للحدود أنشأته إيران على ضفة الجزيرة العربية للقيام بمهامها بالوكالة، يصرف نظره لا مباليًا، ظنًا منه أن الإرهاب الحوثي وُجد ليكون حِكرًا على الجغرافيا اليمنية، وإنْ تمادى لن يتجاوز ضرره الجوار العربي!
في لحظة إدراك متأخر، وعى العالم في أقاصيه المترامية، أن حساباته كانت خاطئة تمامًا ولا تقوم على أساس منطقي، وأنه لم يكن يتمتع بإدراك مبكر كما كان يظن، أو بتصوّر تام لإيديولوجيا المليشيا الحوثية، ربيبة إيران التي تؤدي اليوم وظيفتها كأداة إيرانية بامتياز، باعتبارها بندقيةً مرتزقةً سلطتها طهران في البداية على رقاب اليمنيين وتهديد دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، ولجأت الآن إلى استخدامها في غرض يقفز عن حدود اليمن بعيدًا بأميال بحرية، وهو الهدف الاستراتيجي لإيران، الذي أفصح عنه وزير دفاعها كاشفًا الستار عما وراء الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر، وأن "نصرة غزة" ليس أكثر من غطاء زائف.
من الكأس التي ذاق اليمنيون علقم المشروع التوسعي الإيراني عبر ذراعها (مليشيا الحوثي الإرهابية)، بمزاعم الموت "لأمريكا.. الموت لإسرائيل"، يجرع العالم اليوم، وقد أدرك حالًا إخفاقاته المدوية في التعاطي مع هذا الملف طيلة عُمر الحرب، وتنحيه عن الخوض فيه بإيجابية، ليرى الآن بأم العين هذا التهديد الأعمى الذي يستهدف أي شيء في طريقه، والذي وجِد ليكون مشروع تدمير، وأداة مسلطة لإلحاق الأذى والضرر بحركة الحياة الدؤوبة المنتظمة وتشطيرها شذرًا وفق ما تقتضيه المصلحة الإيرانية.
هواجس القوى الغربية، اليوم، تستدعي تصوّرات للتهديد ومآلاته، كان اليمنيون قد قدموها مبكرًا للعالم وخاطبوه بصوتٍ عالٍ: إن الحوثيين مشروع تخريب وخطر يتجاوز الإطار المحلي، وقد غدا اليوم- فعلًا- قاطع طريق في البحر الأحمر يتربص بالسفن المبحرة عبر عباب باب المندب؛ المضيق العالمي الحيوي الذي تتدفق عبره عشرة بالمئة من إمدادات الطاقة العالمية.
كرّست القوى الغربية في ذهنيتها، أن مليشيا الحوثي طرف يمني من اليُسر أن تلتقي معه القوى اليمنية الأخرى على وفاق، وأن الأمر برمته يُمكن أن يُحتوى في نهاية المطاف بصيغة اتفاق سلام تضمن للحوثيين مصالح معينة، وينتهي معه كل الجدل الدائر حول هذه الجماعة ويضع حدًا للحرب معها. كان الفهم العالمي، تحديدًا الغربي منه، مشوّهًا تجاه هذه المسألة الحساسة، وينم عن بطء في الإدراك، أو أنها الرغبة الخاطئة في عدم الإدراك لمآلات الأمور والظروف المحيطة بها، حتى شاهد هذا العالم سفنه تضطرم في البحر الأحمر بقرارات صادرة من غرفة العمليات في طهران فبدأ- متأخرًا، ولكن ليس بعد فوات الأوان- يفكر في وسائل لردع هذه الأنشطة التي تقف وراءها إيران عبر ذراعها (مليشيا الحوثي).
حاليًا، تلقت القوى الغربية الرسائل التحذيرية التي كان اليمنيون يطلقونها باستمرار لإنضاج الوعي العالمي تجاه المليشيا الحوثية، كحركة إرهابية أنشأتها إيران لا تقل خطورة عن داعش والقاعدة، هذه الرسالة هي نفسها التي فسرت القوى الغربية رموزها بشكل خاطئ في 2018، عندما وقفت بإصرار ضد استكمال تحرير الحديدة، وكانت المدينة وموانئها قاب قوسين أو أدنى من التحرير على يد القوات المشتركة، وهو الخطأ الفادح الذي يدفع ثمنه، اليوم، العالم برمته وقد أفصح وزير الدفاع الإيراني أن البحر الأحمر بات منطقة نفوذ لبلاده.