على خطى داعش.. المليشيا تهدم آثار اليمن الحضارية
لا تقتصر انتهاكات وجرائم ميليشيات الكهنوت الحوثية على قتل المدنيين، ونهب مؤسسات الدولة، وافتعال الأزمات لإثراء قياداتها، بل تمتد إلى المعالم الحضارية والأثرية في اليمن، بقصفها، بتحويلها إلى ثكنات عسكرية، بتلغيمها تمهيدًا لنسفها في محاولة لوقف تقدم القوات الحكومية والتحالف العربي.
انتهاكات بدأت بقصف وتدمير متحف عدن الحربي وقلعة صيرة، ولا يبدوا أنها ستنتهي بتدشين استهداف مدينة زبيد التاريخية، المدرجة في قائمة التراث العالمي باعتبارها موقعا أثريا وتاريخيا مهما في العالم. هذا التدشين لم يكن جديدًا تحاول ميليشيات الحوثي من خلاله منع تقدم القوات إلى مواقعها فقد سجلت عديد جرائم وانتهاكات حوثية طالت معالم ومتاحف أثرية يمنية.
وحسب المعلومات، شرعت المليشيات الحوثية بزراعة شبكات ألغام في مربعات داخل مدينة زبيد، ومنطقة الجزرة، وأسوار المدينة التاريخية، الواقعة غربي محافظة الحديدة، تمهيدًا لتدميرها تزامنًا مع تقدم القوات الحكومية والتحالف والمقاومة، باتجاه المدينة في سياق استعادة مدينة الحديدة الساحلية من المليشيات الكهنوتية.
وهددت المليشيا وفق أحد السكان، بتدمير المدينة التاريخية في حال تقدمت القوات إليها، وشرعت بزراعة شبكة الألغام داخل مربعات في المدينة، وأسوارها، معتبرًا تهديد المليشيا تصرفا إرهابيا، لجماعة تحتضر.
وتعد مدينة زبيد أول مدينة إسلامية في اليمن، حيث بنيت في عام 204هجرية، وأدرجتها منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم في قائمة التراث العالمي باعتبارها موقعا أثريا مهما في العالم.
وعمدت ميليشيات الحوثي منذ بداية حربها، على تخزين الأسلحة في العديد من المتاحف الوطنية، واستهدفت مدنا ومواقع أثرية أخرى بالقصف العشوائي، وزراعة الألغام قبل وصول القوات الحكومية إليها، فضلًا عن نهب وإخفاء قطع أثرية من بعض المتاحف بالمحافظات الخاضعة لسيطرتها.
وتفيد معلومات رسمية، بتعرض المعالم الأثرية اليمنية لأكثر من 75 انتهاكا منذ بداية الحرب الكهنوتية الحوثية، في أكثر من 15محافظة يمنية، احتلت تعز المرتبة الأولى فيها، بتسجيل 12انتهاكا، تلتها محافظة مأرب بتسجيل ثمانية انتهاكات طالت معالمها التاريخية.
ويعد المتحف الحربي بمحافظة تعز إلى جانب قلعة القاهرة، مما طالتها انتهاكات المليشيات الكهنوتية، حيث تعرضا لقصف مدفعي وصاروخي شنته الأخيرة، ما أدى إلى احتراق المتحف والمخطوطات التي كانت بداخله، بالإضافة إلى تدمير شبه كامل لقلعة القاهرة التاريخية في المدينة.
تدمير وإحراق متحف تعز الحربي، وقلعة القاهرة لم يكن الأول للمليشيات، فقد سبقه انتهاك مماثل في عدن، طال متحف عدن الحربي، وقلعة صيرة التاريخية إبان سيطرتها على العاصمة المؤقتة عدن.
وتعرض متحف عدن الوطني بكريتر، وقلعة صيرة لقصف مدفعي حوثي، أدى إلى تدمير أجزاء واسعة منهما، فضلًا عن تعرض الأول لعملية نهب ما يزيد عن 4 آلاف قطعة أثرية.
وفي محافظة مأرب التي احتلت المرتبة الثانية من حيث الانتهاكات التي طالت المعالم الأثرية، كانت مدينة براقش التاريخية أبرزها حيث عمدت ميليشيا الحوثي إلى تدمير أجزاء كبيرة منها.
وتفيد معلومات، بتعرض المدينة للتدمير نتيجة القصف المدفعي الحوثي، وتفخيخها بالعبوات الناسفة والألغام الأرضية، عقب انسحابها منها، قبل أكثر من عامين.
ومن بين الأضرار التي تعرضت لها المدينة، تدمير أجزاء من سورها، وتحطيم بعض النقوش التي تعود للدولة المعينية.
انتهاكات وجرائم المليشيات لم تقتصر على المعالم والمدن الأثرية التي انسحبت منها، وامتدت إلى المتاحف والمعالم الأثرية في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، ما يكشف حجم العداء الكبير الذي يسيطر عليها تجاه التاريخ اليمني.
وأفادت معلومات شبه رسمية، بتعرض المتحف الحربي بصنعاء لعملية نهب نقوش أثرية وأسلحة قديمة وسرقة وثائق تاريخية وعسكرية، فضلًا عن إزالة جميع مقتنيات الرموز النضالية اليمنية والرؤساء بينهم الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، واستبدلتها بصور ومقتنيات لقيادات حوثية بينهم قائد الجماعة حسين الحوثي الذي لقى مصرعه على يد القوات الحكومية قبل عدة أعوام.
ويقول مراقبون، إن قيادات من المليشيا الحوثية هي من نهبت وباعت القطع الأثرية من المتحف الحربي بصنعاء، مستشهدين بإعلان السلطات السويسرية قبل عدة أشهر ضبط قطع أثرية مسروقة من اليمن في مدينة جنيف.
وأمام كل ما سبق، وبالإضافة إلى جرائم استهداف المدنيين، والمؤسسات يمكن القول أن ميليشيات الحوثي الكهنوتية تصر على ترك ذكرى سيئة لها في كل مكان على مستوى اليمن، تتذكر فيها أجيال اليمن، حجم جرائم وقبح المليشيا الحوثية، التي قتلت وشردت الآلاف، واختطفت الآلاف كذلك، ودمرت مئات المؤسسات والمعالم الأثرية في مختلف مدن البلاد.