لم يشفع له انبطاحه لصعدة (قبلة المتبركين مُقبّلي الرُّكب)، ولا نفعه مدحه وتقديسه المبالغ فيه والمتجاوز حدود الاستعباد لسيده وولي نعمته "عبدالملك الحوثي" الواجهة والزعيم الشكلي للحوثيين، بينما لا يعدو عن كونه الناطق الديني باسم الجماعة لا أكثر.. هكذا وصف اعتقال محمد الجرموزي- الشاعر والمزومل الحوثي- معظم الناشطين في صنعاء المنقسمين إلى لوبيهات يخدم كل واحد منها جناحًا وجانبًا في حكومة غير معترف بها، وهو دور كان يؤديه الجرموزي، لكنه أساء التقدير ولم يحسن اختيار من يقاتل في صفه وينفذ أجندته.

"اقتحام بيت الشاعر الجرموزي الآن"،
هكذا بدأ منشوره قبل الأخير على صفحته في منصة فيسبوك، مستعطفًا العصابة متخوفًا منها، وهكذا استعطف الناشطون الواقفون في صفه والعاملون معه في لوبي الجناح ذاته، ولكن دون جدوى.. يأتي هذا بعد بلاغات وأوامر متواصلة بالقبض عليه منذ أشهر، من قِبل داخلية الحوثيين وجهاز أمنهم ومخابراتهم، غير أنه تخلص منها عبر اتصالات ووساطات حركها مديروه وموجهوه، الذين لم يستطيعوا أن يحركوا هذه المرة ساكنًا، ليصوغ منشوره الأخير أو يصوغه بدلًا عنه عقب اعتقاله (أحد أفراد أسرته) كاتبًا:
"عاجل الآن.. أخذوا الشاعر الجرموزي وإلى أين؟ هذا ما ننتظره من الدولة؟ لتعلن لنا لماذا كل هذا ولو كان مجرمًا أو سارقًا لما فعلوا كل هذا".
فعن أي دولة يتحدث هو أو (قريبه) كاتب منشوره الأخير؟! ومن أيها ينتظر الإفصاح عن مصيره؟! ومصيره مصير وطن بأكمله، ومصير كثير من القبائل التي كان لها (شور وقول)؛ لكنها استرخصت أبناءها وقدمتهم سلعة حرب وبثمن بخس.

بعض الناشطين والمتابعين من المنتمين للجماعة أو بالأصح العاملين معها يرجّحون أن (الجرموزي) راهن على الجناح الضعيف والخاسر على ما يبدو، هذا الجناح الذي- بحسب الكثير- ليس مدير مكتب (عبدالملك الحوثي) في صنعاء سوى جزء بسيط منه، وينتهي بـ(عبده الحوثي) الذي تُوليه جناحات العصابة المتصارعة قداسة شكلية يكتفي بها، لتنفرد الجناحات الأخرى بالسلطة والنفوذ والتحكم بالقرار العام، وعلى رأس تلك الأجنحة المسيطرة والمتصارعة يأتي جناح (أبو محفوظ) الكنية والاسم الحركي لـ(أحمد حامد).

ليشعل (الجرموزي) حربًا إعلامية ضد القضاة والوزراء والمسؤولين النافذين في أجهزة ومرافق حكومة الحوثي، وموجّهًا أصابع لومه وسخطه والحرب الكلامية صوب محمد علي الحوثي، رجل الجناح المنافس على تسيير العصابة والتحكم بها واليد اليسرى المقابلة ليد (حامد) الغريم.. ومن جانب آخر، يرى ناشطون أن (حسين العماد)، سلاح النفوذ الإيراني داخل عصابة صعدة، وصاحب الحظوة الرخيصة في إحدى الدول العميقة والأخطبوطية بصنعاء، على علاقة بتحريض (الجرموزي) ضد (الحوثي) وبسجنه أيضًا، وهو أمر دفع (العماد) إلى أن يقول في منشوره:
"أشداء على (الشاعر الجرموزي) رحماء بينهم".

كل ذلك الذي قدمه محمد الجرموزي، من تقديس وصل حد المجاهرة بسب الصحابة وغيرها من أفكار الحوثيين الدخيلة التي لا يجرؤون هم أنفسهم على أن يجاهروا بها، ليتكلم بها ويتحدث عنها مستميتًا القبيلي (العُكفي) محمد الجرموزي.. كلها وأكثر جزء من ممارسات الارتزاق التي دفعت بصاحبها إلى أبعد من حدودها، ليجسد صورة حية عن انبطاح بعض أبناء القبيلة اليمنية من أجل لقمة العيش، ولا يكتفي أرباب النعمة أولئك بهذا وحسب؛ بل تتلذّذ بإذلال القبائل وتركيعهم بعد إفقارهم وإماتتهم جوعًا ومرضًا.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية