خبراء: أفريقيا تدفع ثمنا باهظا للانفجار السكاني
عزا خبراء تزايد الهجمات الإرهابية في أفريقيا وسقوط نحو 20 في المئة من الأطفال في دائرة الجهل إلى الانفجار السكاني المتسارع الذي تشهده القارة التي أنجب سكانها 34 مليون طفل خلال الأشهر التسع الماضية، لتستحوذ على 25 في المئة من مجمل الزيادة السكانية في العالم خلال الفترة المذكورة والبالغة نحو 140 مليونا بحسب مؤسسة "وورلد بوبيوليشن" المتخصصة في متابعة إحصاءات السكان في العالم.
وقال خبراء لموقع سكاي نيوز عربية إن الانفجار السكاني الحالي يؤدي إلى تداعيات خطيرة أبرزها تأجيج الإرهاب، وزيادة رقعة الفقر والجفاف، ومفاقمة أزمتي الغذاء والتعليم.
وبحسب "وورلد بوبيوليشن، فإن نصف الزيادة السكانية في أفريقيا تأتي من 4 بلدان هي نيجيريا الغارقة في دوامة الإرهاب والكونغو الديمقراطية التي تعاني من أزمات أمنية كبيرة، وإثيوبيا التي ترتفع فيها معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي؛ إضافة إلى تنزانيا المتأثرة بموجة الجفاف الحالية التي تضرب العديد من بلدان شرق القاهرة.
انفجار سكاني
ويبلغ تعداد سكان أفريقيا حاليا 1.4 مليار نسمة من مجمل سكان العالم البالغ عددهم 8 مليار نسمة، بحسب أحدث تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للسكان.
وهناك رابط كبير بين التداعيات التي تنجم عن الزيادة السكانية في البلدان الأفريقية، إذ يؤدي ارتفاع عدد السكان إلى تزايد الأنشطة البشرية الضارة بالبيئة والمسببة لموجات الجفاف التي تعمق بدورها أزمة الغذاء والمياه التي تتسبب في تأجيج النزاعات الأهلية، والحروب التي تلقي بظلالها على كفاءة الخدمات التعليمية والصحية.
وفي السياق؛ تقول حليمة شريف مديرة منظمة تنظيم الأسرة في تنزانيا لموقع "سكاي نيوز عربية" إن تسارع الزيادة السكانية في أفريقيا يلقي بتبعات اقتصادية واجتماعية كبيرة؛ حيث يأتي النمو السكاني في وقت تكافح فيه معظم البلدان الأفريقية للتغلب على ارتفاع تكاليف المعيشة والخدمات الصحية والتعليمية لشعوبها.
النمو السكاني المتسارع
ويعتبر النمو السكاني المتسارع واحدا من أبرز مسببات موجة الجفاف الحالية في معظم أنحاء أفريقيا؛ إذ يؤدي النمو السكاني إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
ويعود السبب الرئيسي في التسارع الحالي لموجة الجفاف والتغيرات المناخية لعوامل بشرية الناتجة عن التعامل غير الرشيد مع البيئة، وزيادة تراكم غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو مما يرفع من درجة الحرارة، ويخل بالتوازن الطبيعي بين درجة الحرارة والضغط الجوي وتكثيف بخار الماء وحركة الرياح.
ويتأثر قطاع التعليم كذلك بالعوامل المرتبطة بالجفاف والفقر والظروف الأمنية التي تؤدي جميعها إلى زيادة نسبة التسرب من المدارس.
ووفقا لمنظمة "أنقذوا الطفولة"، فإن أكثر من خُمس أطفال أفريقيا البالغة أعمارهم 7 سنوات يفقدون فرصة الدخول إلى المدارس في حين يضطر 60 % من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 لقطع تعليمهم بسبب الظروف الاقتصادية والأمنية والكوارث الطبيعية التي تضرب معظم أنحاء القارة.
وتقول هولي وارين رئيسة قسم التعليم في منظمة "أنقذوا الأطفال" لموقع سكاي نيوز عربية إن البلدان الأفريقية تواجه مجموعة مركبة من العوامل التي تفاقم من ظاهرة عدم الالتحاق بالمدارس؛ إذ يؤدي ارتفاع عدد السكان إلى تقليص النسبة المفترضة من الإنفاق الحكومي على التعليم.
ويربط الخبراء بين الانفجار السكاني وزيادة الأنشطة الإرهابية في أفريقيا؛ إذ تستغل الجماعات الإرهابية الانتشار الواسع للفقر والبطالة لتجنيد المزيد من السكان في صفوفها. وبالتوازي مع الزيادة السكانية الكبيرة خلال السنوات الماضية؛ ارتفع عدد الهجمات الإرهابية المنفذة في أفريقيا بمعدل 55 في المئة؛ وفقا لتقديرات مؤشر الإرهاب للعام 2022؛ الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام الدولي.
تأجيج الاحتقان السياسي
ويشير محمد خليفة أستاذ العلوم السياسية والباحث بمركز الدراسات الأفريقية إلى العلاقة القوية بين الزيادة السكانية والإرهاب وحالات الاضطراب الأمني؛ ويقول لموقع سكاي نيوز عربية: "تسهم الزيادة السكانية في تأجيج الاحتقان السياسي وزيادة الاحتكاك بين القبائل في ظل شح الموارد وتزايد موجات الجفاف".
ويضيف "سيكون للزيادة السكانية أثرها البالغ في رفع حدة الاحتقان السياسي وزيادة معدلات الهجرة والنزاعات والحروب الأهلية، والاختلال التنموي وبالتالي زيادة معاناة الأشخاص الأكثر فقراً، مما يدفع العديد منهم أحياناً للالتحاق بصفوف التنظيمات الإرهابية".