عادة ما يشكل إصلاح الطرق التي تقطعها مخلفات السيول المتدفقة خلال مواسم الأمطار هماً مؤرقاً لسكان بعض القرى الواقعة في مصبات ومجاري السيول، كما هو الحال بالنسبة لعدد من طرق مناطق عدة في ريف محافظة تعز.

مواطنون، بينهم أطفال ونساء ومسنون، عملوا يداً بيد في تحدي غضب الطبيعة المتمثلة بسيول الأمطار في العديد من المناطق في ريف تعز، ونجحوا في تمهيد وتعبيد "طرق وممرات" في مجاري السيول الجارفة، باعتبارها الشريان الوحيد الذي يربطهم ببقية المناطق ويعود عليهم بالنفع في نقل البضائع وتنقلهم بين القرى والمدن.

مسراخ صبر أنموذجاً

شكل فصل الصيف كابوساً على سكان قرى مديرية المسراخ في جبل صبر بمحافظة تعز، باعتباره فصلاً تتساقط فيه كمية كبيرة من الأمطار، وتتسبب في تدفق سيول جارفة تؤدي لقطع الطرق التي تمر عبر الوديان ومجاري السيول، كان أشدها وقعاً على قرى المديرية الواقعة في الجزء الأوسط منها.

ففي "عزلة خريشة" أبرز العزل التابعة لمديرية المسراخ الواقعة في نطاق جبل صبر والمكونة من 3 قرى و"محلة واحدة"، كان سكانها يشكون بين الحين والآخر من قطع السيول للطريق الرابط بين قراهم ومركز المديرية وصولاً إلى مدينة تعز.

يقول أحد أبناء المديرية  "عبدالحميد محمد" (60 عاماً) لـ" 2 ديسمبر"، إن السيول المتدفقة كانت تملأ المقطع الذي يتوسط مجرى السيول بالحجارة والمخلفات الأخرى التي تجلبها معها، ما يضطره للخروج مع عدد من جيرانه في قرية "خريشة السفلى"، لرفع تلك المخلفات ليتسنى للسيارات المرور ولو بصعوبة، "وتمكنا من تطويعها لخدمتنا".

ويضيف "شكل انقطاع الطرق بسبب السيول معضلة تتكرر كل عام منذ سنوات، وتتفاقم معها معاناتنا وتجعل من الصعب علينا، نقل حاجاتنا والتنقل بين القرى ومركز المديرية، وكذلك مع مركز المحافظة، فضلاً عن صعوبة إسعاف المرضى، واستقبال ضيوفنا وزوارنا القادمين من بقية المناطق".

أما الشاب "محمد عبد الحميد" الذي يقيم مع زوجته وأطفاله في قرية "خريشة"، تحدث لـ"2 ديسمبر"، قائلاً: "أحياناً كان يتصل بي والدي ويخبرني بأن الطريق مقطوع وعليّ تأجيل زيارته مع والدتي حتى يتم إصلاح الطريق من قبل سكان القرية" وبذلك ينقطع لقاؤنا بالأهل نتيجة ذلك.

طريق محاط بالجبال

يمر جزء كبير من طريق قرية "خريشة" والتي تقع على ارتفاع حوالى 1908 مترات، وسط مجرى سيول محاط بجبال شاهقة، الأمر الذي يزيد من غزارة السيول وشدة تدفق السيول الناجمة عنها، ما يرفع حجم تراكم مخلفاتها في الطريق، ويزيد من مشقة تمهيد وإصلاح الطريق، ليتسنى لسيارات الدفع الرباعي معاودة المرور ونقل الركاب والمرضى والمواد الغذائية.

عملية منهكة

ومع كل تلك المعاناة، نحج سكان القرى الثلاث، في مواجهة غضب الصيف وأمطاره الغزيرة وسيوله الجارفة، من خلال عملية الإصلاحات المنهكة التي تتم بجهود ذاتية ودون تدخل الجهات الرسمية، أو مساعدة المنظمات، في تمهيد ممرات وطرق تتسع لمرور سيارة واحدة، في تلك المناطق المهددة بالسيول.

ويشير التربوي عبد الوهاب علي من سكان المنطقة، لـ"2 ديسمبر"، إلى أنهم ملوا من مناشدة الجهات الرسمية، التدخل لوضع حد لانقطاع الطريق المتكرر ولكن دون جدوى، مؤكدين أن حل تلك المشكلة جذرياً يفوق طاقتهم وإمكاناتهم المتواضعة.

ويوضح عبدالوهاب، بأن انقطاع الطرق نتيجة السيول، يزيد من تفاقم معاناة سكان تلك القرى الذين يعيشون في منازل متناثرة على سفوح الجبال، إذ يضطرون لحمل احتياجات أسرهم والسير بها مسافات ليست بالهينة، رغم أن نقل تلك المتطلبات يشكل عبئاً ومشقة عند نقلها عبر الطرق إذا كانت سالكة، حيث تصل إلى أسفل الجبل ليتم نقلها إلى المنازل الموزعة على سفحه.

تدابير سائقين

في تلك القرى يتقن السائقون الهروب بسياراتهم إلى خارج المنطقة قبل تدفق السيل لضمان استمرار عملية البحث اليومية عن الرزق، يقول السائق منير أحمد لـ"2 ديسمبر": "قبل سقوط المطر أقود سيارتي الصالون إلى خارج المنطقة حتى لا أتوقف بعد تدفق السيول عن العمل في نقل الركاب والسلع من مركز مديرية المسراخ إلى قراهم".

ويضيف: "بعد انقطاع الطريق أنقل بسيارتي الركاب والمواد الأساسية إلى أقرب نقطة يمكن الوصول إليها ويصعب تجاوزها، وبعدها ينزل الركاب مع أمتعتهم ويقطعون بقية المسافة سيراً على الأقدام، ويستمر هذا الوضع إلى أن يخرج السكان لإصلاح الطريق بعد يوم أو يومين على أقل تقدير".

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية