البيئة في اليمن تدفع ثمن حرب الحوثيين الغاشمة (تقرير)
يوافق اليوم الـ5 من مايو سنوياً، يوم البيئة العالمي، وهو يوم تم تعيينه من قبل الأمم المتحدة لزيادة الوعي بالقضايا البيئية وتشجيع العمل من أجل حماية البيئة، ويشارك في هذا اليوم ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم بإقامة أنشطة مختلفة لدعم نهج الحفاظ على البيئة وحمايتها؛ لكنه بالنسبة لليمن تاريخٌ يُذكر بالأضرار الكبيرة التي لحقت بالبيئة الناجمة عن حرب المليشيا الحوثية.
منذ انقلاب مليشيا الحوثي على الشرعية في اليمن عام 2014، تشهد البلاد حرباً طاحنة لم تقتصر آثارها على الجانب الإنساني والسياسي والاقتصادي فحسب، بل امتدت إلى الجانب البيئي لتخلّف أضراراً جسيمة على البيئة في جوانب عدة قد تظل آثارها الكارثية تؤرق حياة اليمنيين لعقود قادمة.
ومن مشكلات التصحر إلى التسربات النفطية وانتشار الألغام البحرية على الشواطئ والسواحل مروراً بانحسار المساحات المزروعة وانتشار أسراب الجراد بشكل مهول وصولاً إلى فيضانات الأمطار الناتجة عن تعرض البنية التحتية لتصريف المياه للدمار وعدم توفر الصيانة في ظل فساد مليشيا الحوثي، تشكلت معالم مأساة جديدة واجهها اليمنيون على مدى السنوات الماضية وأثرت بشكل كبير على حياتهم، كما ألحقت أضراراً مادية وبشرية هائلة.
الألغام
زرعت المليشيا الحوثية أكثر من مليوني لغم في مختلف المناطق، خاصة في المناطق الزراعية والسهول والوديان، مما أدى إلى تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية وتهديد حياة المزارعين والرعاة.
وتسببت هذه الألغام في تصحر بعض المناطق وتدهور التربة وملوحتها نظراً لعدم ريها وزراعتها والاعتناء بها، وحالت دون وصول آلاف المزارعين إلى مزارعهم الموبوءة بالألغام كما في الكثير من مناطق الساحل الغربي المشهورة بمزارع النخيل والتي تحولت مع السنوات إلى مناطق صحراوية مقفرة لم تعد صالحة للزراعة.
خزان صافر
يشكل خزان صافر، الذي يضم نحو 1.1 مليون برميل من النفط، خطراً كبيراً على البيئة والسكان في حال وقع تسرب أو انفجار في الخزان المتآكل الذي بشّرت الأمم المتحدة قبل أيام بإرسال سفينة إلى موقع الخزان لإجراء عمليات تقييم وصيانة عاجلة قبل نقل النفط الخام إلى خزان بديل لا يزال متوقفاً في جيبوتي.
ورفضت المليشيا الحوثية على مدى الثماني السنوات الماضية السماح بإجراء أعمال صيانة أو إفراغ للخزان، رغم المخاطر التي يمثلها على البحر الأحمر والسواحل المجاورة والأنظمة البيئية والصحية والاقتصادية، وسط تحذيرات دولية مستمرة من أن تسرب النفط من خزان صافر قد يؤدي إلى كارثة بيئية لم يسبق لها مثيل في المنطقة.
الحصار
فرضت المليشيا الحوثية حصارًا على عدد من المدن، مثل تعز والضالع، مما حال دون نقل المخلفات إلى المقالب المخصصة أو إعادة تدويرها أو التخلص منها بطرق آمنة.
وأدى ذلك إلى تكدس المخلفات في الشوارع والأحياء، مما يسبب التلوث وانتشار الأمراض والروائح الكريهة، كما شكل هذا التكدس مصدراً للتلوث، وزاد من انبعاثات غازات الدفيئة، فضلاً عن تسببه في انتشار الأمراض المعدية والفيروسية نظراً لتحوله إلى بيئة خصبة لانتشار البعوض.
الفيضانات
شهدت اليمن فيضانات بسبب هطول أمطار غزيرة في عدة مناطق تعرضت فيها البنية التحتية لتصريف المياه للدمار من قبل مليشيا الحوثي، مما ألحق أضرارًا بالبنية التحتية ومواقع النازحين والملاجئ.
كما تسببت هذه الفيضانات في جرف بعض الألغام وانتشارها إلى مناطق جديدة، مما يزيد من خطورتها على السكان والمزارعين على حد سواء.
ووفقاً للأمم المتحدة، فإن الفيضانات تسببت العام الماضي في إلحاق الضرر بأكثر من 86,000 شخص في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك أكثر من 10,000 أسرة نازحة في مأرب.
الجراد وتراجع الزراعة
وبحسب منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن النزاع أعاق الاستجابة الفعالة لغزوات الجراد منذ تشكل الأسراب في العام 2018، على عكس آخر انتشارين رئيسين في عامي 2007 – 2013، حيث إنه لولا الحرب الحوثية الممنهجة لـ"كان اليمن قادرًا على مراقبة ومكافحة تكون أسراب الجراد بصورة فعالة".
وفي الساحل الغربي تسببت الألغام الحوثية في تراجع المساحات المزروعة بنسبة تصل إلى 38 بالمائة، مقارنة بما كانت عليها قبل الحرب التي أشعلتها المليشيا، ما ألقى بثقله على المزارعين الذين تراجعت أرباحهم بنسبة تقدر بنحو 42 بالمائة.
وسبق وحذرت عدد من وكالات الأمم المتحدة العاملة في اليمن، من أن الأزمة الاقتصادية والنزاع، والفيضانات، وتكاثر الجراد الصحراوي، قد تطيح بالتحسينات المتحققة على صعيد الأمن الغذائي في مناطق من اليمن.
وذكرت منظمة الفاو، في تقرير سابق مشترك مع اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي، أن الصدمات الاقتصادية والنزاع والفيضانات، وغزوات الجراد الصحراوي، تولّد عاصفة مثالية قد تعكس المكاسب التي تحققت بصعوبة على صعيد الأمن الغذائي في اليمن.