زلة لسان لمريض نفسي تكلفه عامين من الإخفاء القسري في سجون المليشيات
مصطفى إبراهيم -اسم مستعار- رجل في منتصف العمر يعاني من حالة نفسيه مزمنة، ويتغلب عليها بتناوله الأدوية المهدئة لها باستمرار.
عندما دخلت مليشيات الحوثي قريته الصلو في أغسطس 2016، بدأت منطقته تتحول إلى ساحة حرب، فانعدم معها كل شيء بما فيها الأدوية التي يتناولها.
حاولت أسرته بشتى السبل الحصول علي تلك الأدوية عبر أقرباء ومعارف يعيشون في مدن جنوب البلاد ولأن مديرية الصلو آنذاك تعاني من حصار مليشيات الحوثي فقد كان غير ممكن وصول أي من تلك الأدوية إليها.
استمرت حالته في التدهور يوما بعد أخر وازدادت حالته تسوء حتى بدأ يفقد السيطرة على نفسه ويتفوه بكلمات ما كان يجب عليه أن يقولها لولا حالته المرضية المزمنة.
كانت كلماته غير مرتبه كما كان واضحا لكل ما يشاهده أنه مريض ويجب أن يخضع لعلاج نفسي طارئ، لكن مليشيات الحوثي وعناصرها الذين يطغى عليهم عدم الإدراك، شكت بأمره كما لو أنه يعمل مخبرا لرجال المقاومة الشعبية.
كانت تراقب تحركاته داخل القرية باستمرار إلى أن قررت اعتقاله باعتباره جاسوسا يعمل لصالح المقاومة الشعبية.
أثناء عملية اعتقاله وجه لكمات عدة لأحد عناصر المليشيات قبل أن يوقفه الأخرون ليتم اعتقاله واتهامه بانه داعشي، وهي الكلمة التي باتت ترمز للطائفية المقيتة لمليشيات الحوثي الكهنوتية.
كان رد إبراهيم ساخرا ويعبر عن مدى الضيق الذي يعيشه قائلا لهم نعم أنا داعشي، فما كان من عناصر المليشيات سوى التحفظ عليه باعتباره عنصرا خطيرا.
ورغم التودد الذي أبداه كثير من السكان بإخلاء سبيله باعتباره مريضا نفسيا، إلا أن مليشيات الحوثي أبت ذلك وأصرت على أخذه معها للتحقيق معه فيما بدا من اعتراف لفظي "بالداعشية".
تم أخذه إلى مركز قيادة المليشيات في الصلو وهناك حاولت استجوابه وطرح مجموعة من الأسئلة التي كان يتجاهلها ولا يرد عليها.
وعندما لم تتمكن من معرفه أي شيء منه وعدم تجاوبه مع جلسات التحقيق، قررت ترحيله إلى مدينة الصالح، ثم ما لبثت أن قامت بترحيله إلى مدينة ذمار.
خلال تلك الفترة عاشت أسرته أوقاتا عصيبة فهو مريض نفسيا ويتعاطى علاجا مهدئا بشكل يومي وانقطاعه عن تناول أدويته هو تدمير لحياته.
وفي ذمار تم حبسه في السجن المركزي للمدينة حيث يقبع مئات المعتقلين دون تهم حقيقية.
خلال عامين من الإخفاء في زنازين المليشيات كان أقاربه يترددون على مراكز معتقلاتها للبحث عنه، لكن مليشيات الحوثي كانت تعتقل كل من يقوم بتلك المهمة.
وبعد انقضاء عامين من الإخفاء القسري، علم أحد أقاربه بأنه في ذمار، فقرر الذهاب إلى هناك للإفراج عنه آخذا معه كل الوثائق والتقارير الطبية ورشتات الأدوية التي تؤكد أنه مريض نفسيا بالفعل.
وبعد أسابيع من التردد على مشرفي مسيرة الموت الحوثية، تم الإفراج عنه بعد نحو عامين من الاعتقال الغير قانوني في زنازين مليشيات الحوثي الإجرامية دون سبب سوى أنه تلفظ بكلمة دون إدراك بمخاطر قولها.