كالعادة، تحاول قناة "الهوية" تلميع وجهها المبتذل، برقع أكثر ابتذالاً، وهذه المرة من خلال القيادي الحوثي "عبد الله الرزامي". 
 
مقابلتها الطويلة معه كشفت، كما كان متوقعاً، عن شخص بلا شخصية، مجرد ظل انفصل عن صاحبه منذ عقود، صاحب الظل هنا هو "حسين بدر الدين الحوثي"، الذي لقى مصرعه في الحرب الأولى للدولة على التمرد الحوثي عام 2004م.
 
رفض الرزامي، حينها، الاعتراف بمقتل سيده، كما لو أن الموت لا يمكن أن يطال هذا الشخص الذي يؤمن به الرزامي، بشكل مطلق، ووصفه مراراً في هذه المقابلة وغيرها بمولاه، والأب والمربي والعالم الرباني، و"صاحب المعجزات" ويرى أنه لن يدخل الجنة إلا برضاه عنه.!
 
جمعت بين الرزامي ومولاه عقود طويلة من العمل في حزب الحق، ثم في مدارس ما تسمى "الشباب المؤمن"، وفي البرلمان، والتمرد المسلح، لكن العلاقة لم تكن علاقة رفقة وشراكة، بل علاقة إيمان أعمى وتبعية مطلقة، وعند مصرع الطرف الموجب، رفض الطرف السالب، تصديق خبر الوفاة، وظل يقود التمرد المسلح، وقيل كان سبباً في الحرب الثانية والثالثة.
 
بالكاد صدق الرزامي لاحقاً بوفاة سيده، ويبدو أنه حينها طمع أن يكون خليفته على الجماعة الكهنوتية المسلحة، لكنه فشل، وقد يبدو أن فشله هو بسبب غبائه وانعدام شخصيته، وهو كذلك جزئياً، وإن كان السبب الجوهري هو كونه يتحدر من قبيلة همدان، النسب الذي تعتبره السلالة الهاشمية، وضيعاً بالمقارنة.
 
اصطدام الرزامي بهذا الخط الأحمر بالنسبة للأسرة السلالية، هو ما جعله يختفي -طوعاً أو كرهاً- عن المشهد، ويعتزل العمل السياسي والعسكري مع الجماعة طويلاً، حتى بداية اجتياح صنعاء، وبالذات حتى انتفاضة الرئيس صالح 2017، حيث جلبه الحوثيون من مخزن خردواتهم، ومكنوه من قيادة حوالي عشرين ألف مقاتل من صعدة، لاستعادة السيطرة على العاصمة.
 
وكما لا يليق بشخص يوصف عادة بأنه الرفيق الأول للمؤسس، وكان يطمح بخلافته، وبما يليق بمجرد ظل لشخص ميت. تم تعيينه في منصب هامشي: مفتشاً عاماً بوزارة الداخلية في الحكومة الحوثية، ومن ثمّ غرق تماماً في الفساد والسطو على أراضٍ شاسعة من الأملاك الخاصة والعامة.
 
كانت هذه الخلفية ضرورية للتعاطي مع مقابلته في قناة الهوية. نحن هنا أمام شخص بلا شخصية، رجل يردد فقط، لم يقل شيئاً يعبر عنه، أو لا يوجد في ملازم حسين الحوثي وخطب عبد الملك الحوثي.
 
وكما يمكن أن تجده لدى أي درويش متحوث مستلب. هناك سذاجة وتبسيط وضحالة بشكل مثير للشفقة على امتداد محاور المقابلة:
• العدو الوجودي لليمنيين والعرب والمسلمين:
-حسب رأيه: فإن هذا العدو الوجودي المصيري للعرب والمسلمين، هو حصراً في هذه المرحلة ومنذ البداية وإلى الأبد: "اليهود والذين أشركوا".
 -هناك مؤامرة "صهيوأمريكية" على الإسلام وعلى المسلمين الذين هم بحاجة لتغير جذري لمواجهة هذه المؤامرة.
- المسلمون، حسب قوله، صنفان، فسطاطان بالتعبير السلفي: مسلم مع اليهود، ومسلم ضد اليهود. وجماعته تقف مع الصنف الأخير، ضد الصنف الأول.
 
• عن حرب 94 وقضية الجنوب:
أفاد الرزامي أن الجنوبيين ظُلموا.. ولحل قضيتهم عليهم يقدموا أي طلب إلى عبد الملك الحوثي، لأن هذا العبدملك أخو حسين وإذا لم يتمكنوا من الوصول إليه، عليهم أن يقدموا الطلب إليه "الرزامي" وسيقدمها لسيده عبد الملك.!
 
• عن الحروب الست ضد الجماعة:
قال إن الجماعة لم تكن تريد السلطة، ولا تعمل من أجلها، ولا تنازع أحداً عليها، بتاتاً، وأن سبب شن النظام السابق تلك الحروب عليها هو بسبب تمسكها بالإسلام، وبسبب شعارها الإسلامي.
 
• عن الحرب في اليمن، ورؤيته للمستجدات في المنطقة:
يرى أن السعودية كانت مجبرة، لشن الحرب على اليمن، من قبل أمريكا وإسرائيل اللتين تحاربان اليمن بسبب تمسك اليمنيين بالإسلام، وبسبب قيمهم ومبادئهم، وأخوتهم. "يريدوننا أعداء". حسب قوله.
-السعودية هي المستهدفة من هذه الحرب الصهيوإمريكية، وبالتحديد مكة المكرمة والكعبة، باعتبارها بيت الله ومركز المسلمين، كما فعل الرومان من قبل من خلال الحبشة وأبرهة الحبشي.
كرر الرجل هذا التشبيه أكثر من مرة، فسأله الصحفي عن قيام الجماعة الحوثية نفسها باستهداف مكة والكعبة بصواريخ باليستية، باعتبار هذه الوقائع إشاعات مغرضة، فأكد الرجل إنها إشاعات مغرضة، معبراً عن استحالة أن يوجد مسلم يعادي بيت الله.. نافياً حتى صحة الحديث: "لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من قتل امرئ مسلم". 
هل يفسر هذا استهانة الجماعة بقتل المسلمين في اليمن، أم يقف كعلامة تعجب كبيرة أمام قيام الجماعة بتفجير عشرات بيوت الله في اليمن.!!
 
•عن تقارب السعودية وإيران، وموقف جماعته من كل منهما:
ردد الرجل ما تقوله جماعته منذ الإعلان عن تقارب بين الدولتين، وخاصة بعد زيارة السفير السعودي لصنعاء، من إنها خطوة مهمة للتعاون بين المسلمين، وأن الظروف الراهنة -بسبب انشغال أمريكا وغيرها بأزمات وحروب كبرى- هي أنسب الظروف للالتقاء بين المسلمين.
 
وعن علاقة جماعته بالسعودية وإيران، ركز الرجل، كأيّ سلالي تقليدي، على مسألة النسب، قائلاً إن السعودية -أقرب في النسب- وبالتالي أولى بعلاقة جماعته، مستدركاً: لكن لن نقف ضد إيران.
 
• عن الشعب اليمني والقبائل اليمنية:
في هذا المحور الأخير للمقابلة، ولدغدغة مشاعر اليمنيين، ردد الرزامي أسطوانة الأحاديث النبوية في فضل أهل اليمن، أن أهل اليمن كانوا قديماً في الإسلام الأول قادة العالم من إسبانيا إلى الصين، وأنهم لو عادوا للإسلام كما يطرحه الحوثي فإنهم سيعودون قادة العالم من جديد.!

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية