طاحت الآمال المعلقة بإنهاء الحرب في اليمن بناءً على اتفاق سلام ينهي تسلط الكهنوت ويعيد الدولة إلى واقعها المستقر، ذلك الأمل تبدد بمجرد أن بدأت مليشيات الإرهاب بالتحجج للتهرب من الجلوس على طاولة المشاورات في مهمة يسعى من خلالها التحالف العربي والمجتمع الدولي والشرعية لإنقاذ اليمنيين من جحيم الحوثيين بأقصر الطرق المتاحة.

 

تثير الشك تلك الشروط التي طرحتها المليشيات الحوثية لتحديد طائرة نقل وفدها، وتحدثها عن "جرحى" تود نقلهم للعلاج، فبالأخيرة يرجح احتمالان، إما قيادات حوثية تحاول المليشيات تهريبها للخارج، أو جرحى من قادتها الكبار لا يستبعد أن يكون بينهم إيرانيون ولبنانيون، تسعى المليشيات لنقلهم إلى حيث تريد.

 

بالنظر إلى البيان المقتضب لمكتب المبعوث الأممي والذي أجل المفاوضات التي كان مزمع عقدها اليوم، فإنه لم يذكر أسباب هذا التأخير، أسباب مكشوفة في أصلها سابقاً، وهي تأخر وفد المليشيات ومحاولته التملص لكسب مزيد من الوقت وترتيب صفوفه ميدانياً لإعادة الكرة إلى الهلاك، خاصة في الساحل الغربي، المحرقة التي ابتلعت جحافل المليشيات.

 

ادعاء غريفيث بأنه لا حل عسكريا في اليمن، مبنيٌ على ثقة يعقدها المبعوث الأممي على مليشيات الإرهاب، ولا يدري هو أساساً أن مسار التفاوض دولياً وعلى مستوى اليمن لم يكن قد راهن عليه قبله أحد، ولم تنجح أي مشاورات مع هذه الجماعة، ولذا ما زال غريفيث يعتقد أن المليشيات تنوي فعلاً السلام، الأمر الذي يدفعه لاستبعاد الحل العسكري الذي أصبح خياراً وحيداً ترك أمام اليمنيين في معركتهم الوطنية ضد جماعة الإرهاب المدعومة من إيران.

 

وفق المعلومات التي تحصلت عليها "وكالة 2 ديسمبر"، وبناء على ما ذكر في الاعتقاد سلفاً، فإن تعنت المليشيات هذه المرة ومحاولتها اشتراط نقل جرحى ضمن الوفد المشارك، فقد أكدت مصادر الوكالة أن الجرحى الذين تحاول المليشيات نقلهم هم في الأساس خبراء إيرانيون ولبنانيون يتبعون حزب الله، ارتأت المليشيات أن الفرصة مناسبة لإخراجهم من اليمن، لتقويض مسار المفاوضات.

 

ويؤمن مراقبون دوليون ومحليون بأن هذه الجولة من المشاورات المنظور عقدها في ثلاثة أيام لن تخرج الجميع سوى لمزيد من التماهي مع المليشيات، معتبرين التجارب السابقة مع المليشيات كافية لاعتبارها جماعة لا تؤمن بالسلام، ولا طريقة للحل معها سوى بالحسم العسكري، والحسم فقط، وهذا واقع تؤكده الوقائع على الأرض، حيث تتدافع القوات الوطنية على امتداد اليمن لبتر هذه الجماعة وكفها عن اليمن وأبنائه. وهذا الإيمان ينطوي أيضاً على التحالف العربي والحكومة اليمنية، إذ تسري المفاوضات دون إعلان هدنة على الأرض، وهي واقعة تحدث لأول مرة في خضم التفاوض السياسي، ذاك كله إيمان من الجميع بأن ما استبعده غريفيث "الحسم العسكري" قد يكون وحده الوارد للحل.

 

بالعموم، فإن اليمنيين لا يرون مشكلة في الوقوف على الصعيد السياسي لتجنب المزيد من القتال، ومنذ زمن يتطلع الجميع لأن تعود الأمور إلى مجراها، وفي أساسها الحرب لم تقم الا عندما أصرت المليشيات عليها، غير أن هذه الجولة من المفاوضات قد لا تبشر بحل سياسي جامع، لكنها تعطي أملا بتكثيف الضغط العسكري على المليشيات، وقد تكون جولة تمهد لاستعادة الحديدة كاملةً إلى جعبة الجمهورية وجعل الانقلاب فيها تذكار شؤم يذكر أبناء المدينة بالصلف الحوثي وظلم الكهنوت.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية