قصة معلم اعتُقل بوشاية حوثي فمكث أشهراً عدة في زنازين المليشيات
تتعدد الانتهاكات التي تمارسها مليشيات الحوثي لتغدو وكأنها سلسلة طويلة من الجرائم التي لا يمكن لها أن تنتهي، فكلما قرأنا عن حدوث قصة مأساوية، ظهرت قصص جديدة أكثر بشاعة لمعتقلين تعرضوا لأصناف شتى من العذاب والقهر النفسي الذي لا يمكن نسيانه.
ولأن مليشيات الحوثي تحيط معتقلاتها بسرية تامة وبعيده عن أعين رقابة المنظمات الحقوقية خصوصا الدولية منها فإنه يتيح لعناصر الجماعة الإرهابية ارتكاب فظاعات وحشية بحق المعتقلين تفوق حدود التخيل.
وتدفع تلك الممارسات بعضهم إلى الموت ألما، أو الإصابة بإعاقة تجعله يقضي بقية حياته عاجزا عن الحركة، فيما تبقى الجروح النفسية لمن تم الإفراج عنهم عميقة لا يمكن نسيانها.
وكثير من المعتقلين ليس لهم تاريخ سياسي يذكر، كما أنهم بعيدون عن مزاولة أنشطة حزبية، إنما تمت عمليات اعتقالهم بناء على الشك في تصرفاتهم أو على وشاية وبلاغات كاذبة من الخلايا السرية التابعة للعصابة الإرهابية كما حصل لمعلم في إحدى مدارس أمانة العاصمة.
ففي أعقاب انطلاق عاصفة الحزم بنحو أسبوعين هرعت أطقم تابعة لمليشيات الحوثي إلى إحدى مدارس أمانة العاصمة في مهمة لجلب أحد معلمي الصفوف الثانوية وقامت باعتقاله دون أسباب تذكر.
اختطف "ع. س" من أمام مبنى المدرسة التي يعمل بها مدرسا لإحدى المواد العلمية ظهراً عقب انتهائه من عمله ومغادرته مبنى المدرسة عائدا إلى منزله.
لقد حدثت ذلك أمام حشد من طلابه وزملائه وكانت طريقتها مهينة تعكس السلوك الإجرامي لتلك الجماعة الإرهابية.
ورغم استفسار زملائه عما يجري ومحاولة الصلح في حال كونها قضيته اجتماعية مع أحد الأشخاص، إلا أن عناصر المليشيات رفضوا الرد على ذلك مكتفين بعبارة واحدة "جاوب المشرف".
اقتيد "ع .س" إلى مبنى المباحث الجنائية وهناك اتهم بالتخابر مع التحالف العربي و إخفاء أسلحة ومتفجرات في سيارته بل اتهم بالتخطيط لتنفيذ أعمال إرهابية.
وبالرغم من معرفة مليشيات الحوثي بشكل مسبق عدم صحة التهم الموجهة له إلا أنها واصلت تعذيبه بطريقة وحشية لدفعه مكرها الإقرار بما وجه له من تهم باطلة.
كان الضرب المبرح والتهديد بالتصفية الجسدية وإخفاء جثته عن أهله إحدى الوسائل القذرة التي تمارسها عناصر المليشيات معه كغيره من المعتقلين.
بل كانت ترغمه على الاغتسال ليلا بالمياه الباردة في وقت تصادف مع حلول الشتاء حيت تصل برودة الجو في صنعاء إلى مستوى يصعب تحمله.
وإضافة إلى كل ذلك، حرمته من الحصول على الأغطية الشتوية التي يحتاجها في مثل تلك الأوقات الباردة من السنة حيث تشهد فيها درجة الحرارة انخفاضا كبيرا.
أما النوم فقد كان ينام على أرضية زنزانة كبيرة احتجز فيها مع عدد كبير من المعتقلين، وحشر بعضهم حشرا في مساحة ضيقة تفوق قدرتها الاستيعابية.
ولم تكتفِ مليشيات الإجرام من كل ما سبق إنما قامت بإسقاط اسمه من كشوفات الرواتب وحرمت أسرته من الحصول عليه ومواجهة أعباء الحياة.
وعندما أيقنت مليشيات الإجرام صعوبة إرغامه على الاعتراف بالتهم الموجهة له أبلغت أسرته بمكان احتجازه وسمحت لزوجته فقط بزيارته لفترة لم تستغرق عشر دقائق.
ورغم معرفة مليشيات الحوثي بأن اعتقاله تم بناء على وشاية إلا أنها استمرت في احتجازه طيلة ستة أشهر لتفرج عنه دون حتى تقديم اعتذار عن الخطأ الذي ارتكب بحق معلم تربوي ليس له أي ذنب كما لم يكن منخرطا في أي أنشطة حزبية أو سياسية.