منذ أطلقت المقاومةُ الوطنيةُ أولى رصاصاتها في معركة استعادة الدولة، كانت على يقين أن طريقَ النضال الجمهوري لن يكون معبّدًا ولا مفروشًا بالورود؛ بل طريقًا شاقًا يمر بانعطافات وعقبات صعبة، يستدعي المضي فيه إدراك ضرورة الفداء والتضحية والبذل حتى يكون الوصول للغاية- غاية استعادة الدولة- مقرونًا دائمًا بملاحم بطولية.. ولهذا؛ قدم حراس الجمهورية، ولا زالوا، أسمى معاني التضحية بدماءٍ عذبةٍ ارتوى بها الساحل الغربي.
 
اليوم، يرتفع سقف التحديات وقد أضحت المقاومة الوطنية لها رافعتها السياسية، من خلال المكتب السياسي الذي يجسدُ موقفها وإرادتها السياسية الحرة في إطار المشروع الوطني الجامع وضمن أُطر ومحددات الدستور والقانون.
 
 وأمام عظمة الهدف ونضوج الغاية وصدق الانتماء والإيمان الراسخ بالقضية الوطنية، تظل الروافع التي لا يمكن أن تتأثر أو تتضعضع أمام موجات التحريض والطيش وتحولات الأغراض التي يسعى وراءها أصحاب المشاريع الصغيرة للنيل مما تحقق من مكاسب في صيرورة الهدف الأسمى.
 
لقد جاء الاعتداء على مقر المكتب السياسي في مدينة تعز، في لحظةٍ مفصلية أحرزت القوى الوطنية خلالها تقدمًا في التفاهمات لتوحيد الصف، بجهودٍ صادقة تجلت مع زيارة العميد الركن طارق محمد عبدالله صالح، عضو مجلس القيادة الرئاسي- رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية إلى تعز، والمواقف الإيجابية من مختلف القوى والتنظيمات السياسية والمجتمع المدني، والتي جسدتها الحفاوة الشعبية الغامرة بالزيارة.
 
ولم يكن التفاعل الكبير مع الزيارة ميولًا من دون مدلول، بقدر ما هو تعبير عن تفاؤل أبناء الحالمة التواقين إلى لملمة الصف وإعادة تصويب مسار المعركة الوطنية في اتجاهٍ واحدٍ يفضي إلى رفع الحصار الحوثي الغاشم واستكمال تحرير تعز، لتكون بوابة النصر الكبيرة لاستعادة الدولة وعاصمتها التاريخية صنعاء، وطمس معالم المشروع الإيراني في اليمن.
 
هذا الاعتداء السافر لم ولن يغير شيئًا في مشروع المقاومة الوطنية الرامي إلى نبذ الفرقة، وتوحيد الصف، ولن يجني من ورائه الفاعلون إلا الخيبة والخسران؛ فلا يمكن للخطوات أن تتوقف اليوم بعد أن تجاوزت عقبات صِعابًا؛ ولا يمكن لطيشٍ مغمورٍ بالتصابي أن يهز البنيان الراسخ على أساس وطني ومشروعٍ قوي وثابت.
 
لقد مثلت مواقفُ الأحزاب والقوى السياسية التي أدانت الاعتداء على مقر فرع المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، ردًا وتأكيدًا ألا تراجع عن وحدة الصف ولا مجال لتصديع الجسر الذي يشيده المكتب السياسي بقيادة العميد طارق صالح؛ ونلك المواقف عكست تداعي القوى السياسية، ليس أمام واجب الحفاظ على أمان النشاط السياسي في هذه المدينة وحسب؛ ولكن دفاعًا عن الصف الوطني الذي ترممه المقاومة الوطنية ومكتبها السياسي بمواجهة العدو الذي يعمل بلا كلل على تشظية الجبهة الوطنية وحرفها عن هدفها.
 
قطعت المقاومة الوطنية شوطًا كبيرًا بزعامة قائدها العميد طارق صالح، في إذابة الجليد وردم الصدع الذي نشأ بين القوى السياسية نتيجة اضطرابات السنوات الماضية؛ من أجل إعادة تصويب المسار وطي ملفات الماضي وتصويب السلاح نحو عدو واحد.. ذلك هو الهدف المشترك الذي تحلقت حوله وتشابكت في سبيله مختلف القوى والسلطة المحلية في المحافظة وقيادة المحور العسكري.
 
ستظل تعز قلعةً للنشاط والتعدد السياسي، ومنارةً للوعي والثقافة والسلام، ورافعة لكل ثورات التحرر كما وصفها العميد طارق صالح.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية