في اليوم العالمي للإذاعة.. استحضار للزمن الإذاعي الجميل بعد تفخيخ الحاضر بالفكر الكهنوتي
أعاد اليوم العالمي للإذاعة الذي يوافق الثالث عشر من فبراير من كل عام، إلى الأذهان وقائع الانتهاكات التي مارستها مليشيا الحوثي ضد الإذاعات اليمنية عقب انقلابها على الدولة، والتي شملت إغلاق البث وابتزاز ملاك المحطات الإذاعية وإجبارهم على دفع جبايات باهظة، إلى جانب إجبارهم على بث خطاب طائفي سلالي يهدد الأمن المجتمعي.
وتُعد إذاعة صنعاء التي ترسخت برامجها التثقيفية والتوعوية المعبرة عن القيم الجمهورية، في أذهان المواطنين لعقود، وشكلت البرامج التي كانت تبثها ذاكرة وجدانية وملحمة ثورية في الزمن الجمهوري، أبرز الإذاعات التي تعرضت لتغييب رسالتها التنويرية في أعقاب الانقلاب الحوثي.
كما تعرضت 9 إذاعات مجتمعية، بينها 3 إذاعات في محافظة إب، للإغلاق، بعدما رأت مليشيا الحوثي أن محتواها الفني يشكل تهديدًا وجوديًا لمشروعها القائم على دحض التنوع الفني والثقافي وإرساء مشروع طائفي متطرف.
ومؤخرًا، أغلقت مليشيا الحوثي إذاعة صوت اليمن المملوكة للمذيع مجلي الصمدي، على الرغم من صدور قرارات قضائية بإعادة بثها الإذاعي، وتسليم أجهزتها ومحطاتها التي كانت قد نهبتها، إلا أن مليشيا الحوثي تجاهلت تلك القرارات.
جرائم إغلاق الإذاعات، تأتي إما لرفض دفع الجبايات باهظة الثمن التي لا تتناسب مع دخل الإذاعة، أو رفض تحويل البرامج الإذاعية لترويج الثقافة الكهنوتية الخمينية التي تستهدف القيم الإنسانية والجمهورية، وتعزز من الانقسام، وتنشر ثقافة التطرف والتعصب بين أبناء المجتمع، كما يحدث الآن في الإذاعات المجتمعية التي سطت عليها مليشيا الحوثي.
واقع العمل الإذاعي، الذي أصبح اليوم طائفيًا عنصريًا في مضمونه ورسالته، أعاد التذكير بالصحفيين والإعلاميين ممن كانوا يعملون في إذاعة صنعاء، البرنامج العام في ما أسموه "الزمن الجميل" أي قبل سيطرة الذراع الإيرانية، على مؤسسات الدولة.
تقول فاطمة العنسي، إحدى موظفات إذاعة صنعاء، البرنامج العام، بمناسبة اليوم العالمي للإذاعة، في منشور على حسابها بفيسبوك رصده محرر" 2 ديسمبر: "سقى الله أيامنا في إذاعة صنعاء، كيف كنا متفوقين ومتميزين في مهنتنا الإعلامية"، مستذكرة العمل الإذاعي في الزمن الجمهوري الذي كان هدفه الأول خدمه المواطن اليمني وإسعاده.
وأضافت العنسي: "كنا نهاب العمل والإذاعة ومكانتها بين الناس، ونحرص على ألا نخيبهم في تقديم رسالتنا لهم".
فاطمة العنسي، واحدة من مذيعي إذاعة صنعاء، ممن أسهموا في تقديم أفضل البرامج الإذاعية التي استحضرها اليمنيون كأعظم اللحظات التي ترسخت في أذهانهم، بما تحمله البرامج الإذاعية من تخليد لزمن الجمهورية.
ولعل من أبرز البرامج الإذاعية التي بات اليمنيون يستذكرونها اليوم: واحة اليوم، والبرنامج العام، والريف والتنمية، والسياحة في ربوع اليمن، ومسعد ومسعدة، وقضايا وأحداث، وما يطلبه المستمعون، وغيرها من البرامج التي كانت تحمل رسالة توعوية وتثقيفية وترفيهية، على عكس اليوم في زمن مليشيا الحوثي، التي فخخت الإذاعات والمؤسسات الإعلامية بشكل عام، في العاصمة المختطفة صنعاء، بالخطاب الطائفي السلالي والخميني الذي بات يهدد الوعي المجتمعي.
وفي هذا السياق، يعلق الصحفي والمذيع السابق في إذاعة صنعاء، عبدالكريم شيباني، عن واقع إذاعة صنعاء اليوم، التي باتت أداة حوثية تبث السموم، قائلًا: "اليوم إذاعة صنعاء، حتى الأغاني الوطنية الطربية محظورة".
يضيف: "سلام الله على إذاعة صنعاء زمان"، في إشارة إلى أداء إذاعة صنعاء أيام حكم الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح، الذي شهد في زمانه العمل الإذاعي، وتحديدًا إذاعة صنعاء، أعظم تجربة إعلامية رسخت القيم الجمهورية والإنسانية في أوساط المجتمع اليمني.